القرار الأممي 2718، في ضوء عوامل سياق مشروع التطبيع الإقليمي الأمريكي

 ازدياد  مشهد الصراع تعقيدا بتطويق جيش الاحتلال رفح والتهديد بغزوها، و وصول  الهجمات الإسرائيلية العدوانية  ضدّ مواقع الحزب إلى استهداف غير مسبوق لقيادات الصف الاوّل ، وتهديد  وزير حرب العدو  ” بالوصول  إلى الحزب في أي مكان يعمل فيه”، وما يوازيها  من خطوات  سياق آخر ، ” تهدئة ” و”إعادة تأهيل” في دمشق وأبو ظبي ،  وحكومة فلسطينية جديدة في رام الله، تحظى بمباركة واشنطن(١)التي تواجه ارتفاعا في نبرة التحدّي الإسرائيلية ؛  يطرح تساؤلات جديدة ، ويوجّب محاولات إضافية لفهم طبيعة العلاقات “الراهنة بين القوى المعنية  وما قد يترتّب عليها في مآلات الصراع  حول رفح في إطار    القرار  الأممي التاريخي   2728، الذي مررته واشنطن من خلف ظهر حكومة اليمين، وذلك  في ضوء حيثيات  ردود الأفعال على القرار و عوامل  سياق مشروع التطبيع الإقليمي الأمريكي والتسوية السورية  ، وما توجّبه من سياسات  وعلاقات،

أولاً

 في  ردود أفعال  الأطراف المعنية  على فيتو روسي / صيني على  مشروع قرار أمريكي  يوم الجمعة 22  يؤكّد على أهمية وقف إطلاق النار، وعلى عدم معارضة واشنطن  لمشروع قرار ” صيني – روسي ” يوم الأحد  ٢٤ ، يدعو إلى وقف فوري  ومؤقّت لإطلاق  النار،يمكن رصد أبرزها:

1-جاء الخبر  في تقرير المونيتور، الأحد  24 مارس :
“تَبنّى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اليوم قرارا يدعو إلى وقف “فوري” لإطلاق النار في غزة للمرة الأولى منذ أن هاجمت حماس إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول. وقد تمت الموافقة على القرار بدعم من المجلس المكون من 15 عضوا، باستثناء الولايات المتحدة التي امتنعت عن التصويت لكنها لم تستخدم حق النقض (الفيتو) (٢)، وهو ما أثار غضب رئيس تآلف قوى الحرب (٣)الذي كان قد  طمأنه  استخدام  روسيا والصين يوم الجمعة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار ويدين حماس .

2-.لتوضيح خلفية الموقف الأمريكي، جاء في
تصريحات الوزير أنتوني ج. بلينكن إلى الصحافة  ، ترجمة مقدمة من وزارة الخارجية الأمريكية بتاريخ 22 آذار/مارس، 2024 ، في “تل أبيب ”  :

وتحدثنا أيضا عن رفح. ونحن نشاطر إسرائيل هدفها المتمثل في دحر حماس،…. كما نشاطر هدف ضمان أمن إسرائيل على المدى الطويل. ولكن وكما قلنا فإن القيام بعملية عسكرية برية كبيرة في رفح ليس هو السبيل للقيام بذلك”.. وإنّ التعامل مع مسألة حماس ضرورية ولكن ليس كذلك “!.

ثانيا ،

 في عوامل سياق الحدث ، وحيثيات العلاقات :

  وفقا لمتابعتي  المتواصلة لسياسات الولايات المتّحدة تجاه عواقب هجوم طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية العدوانية اللاحقة منذ اليوم التالي للسابع  من أكتوبر ،وفي  ضوء  عوامل السياق الحاكمة لسياسات  واشنطن تجاه الصراع  الفلسطيني الإسرائيلي عموما  وأفاق التسوية  السياسية في  صيرورة مشروع التطبيع الإقليمي (٤).  يمكن تحديد أبرز عوامل السياق  :

1-  خطوات وإجراءات ” مشروع التطبيع الإقليمي الأمريكي”، المستمرّة  في مراحله  المتتالية وعلى جميع الصُعد  منذ نهاية 2019، و طبيعة العقبات التي كانت تعترضها قبل السابع من أكتوبر، خاصّة رفض حكومات  اليمين االمتطرّف الإسرائيلي بزعامة ” نتنياهو”(  وسلطة حماس ، في تنافسها مع السلطة الفلسطينية  على تمثيل الفلسطينيين في ايّة تسوية قادمة وإصراها  على ضرورة أخذ قوّتها العسكرية ودورها السياسية بعين الاعتبار  القصوى في إطار تسوية نهائية !) لأدنى أشكال التسوية  السياسية، (معوّلة  على تآكل مقوّمات التسوية على المدى الطويل في ظل انقسام الفلسطينيين إلى سلطتين وكانتونين، وما تمارسه  من ممارسات عدوانية على صُعد الاستيطان ومصادرة الأرض والحصار والقمع المتصاعد.

2-  طيلة فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، تبقى ” إيران ” الدولة المركزية الاهمّ في خطط وسياسات السيطرةالإقليمية الأمريكية، مما يجعلها احد أبرز مرتكزات مشروع التطبيع الإقليمي الأمريكي الجديد ويفرض على سياسات واشنطن الإقليمية اخذ مصالح السلطة الإيرانية بعين الاعتبار، وما بات يوجّبه   في مرحلة التسوية السياسية  الشاملة ذلك من  تسويات مباشرة  أو بعيدة المدى  في علاقاتها البينيّة ، تنزع مواقع الصراع  مع ” إسرائيل ” ، خاصّة في فلسطين وسوريا، ومع السعودية  في اليمن وفي إطار  خطوة إعادة العلاقات الدبلوماسية  .

3- ورفض الحكومة السعودية الذهاب في مسار التطبيع مع ” إسرائيل ” إلى نهايته المرجوّة إسرائيليا وامريكيا ، دون ايجاد تسوية ترضي ” الفلسطينيين “، وتضع حد  لمبررات التدخّل الإيراني.

4-  استمرار رفض” إسرائيل” لشروط وإجراءات التسوية السياسية الأمريكية في سوريا ، التي تعترف بالوجود الإيراني وما حققه من امتيازات خلال مراحل الحرب المتتالية،  وقد مثّل استمرار الهجمات العدوانية الإسرائيلية  على المواقع الإيرانية في سوريا  ودخولها مرحلة  تصعيد ” نوعية ” في أعقاب هجوم الأقصى أبرز التحدّيات  التي تواجه تعزيز خطوات التسوية السياسية السورية .

5- استمرار رفض حكومة اليمين لخطّة اليوم التالي الأمريكية، وبالتالي خطط التسوية السياسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، هو الذي يفسّر إصرار حكومة الحرب على تنفيذ  الهجوم على رفح ( وليس فقط  الهدف المُعلن حول حماس )، كما أنّ حرص الولايات المتّحدة  على عدم تقويض إجراءات وخطوات مشروع التطبيع الإقليمي كمشروع استراتيجي  ، بما يتطلّبه  ويتساوق مع خطواته  حصول تسويات محليّة   في فلسطين و سوريا (واليمن ولبنان  )، هو الذي يفسّر بالمقام الأوّل رفض الولايات المتحدّة لهجوم جديد على رفح ، على طريقة غزو غزة ، ويكشف أسباب  الخلاف الرئيسية  في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية!!

6- وبالتالي  نفهم جوهر استراتيجية  واشنطن في مواجهة  عواقب  الهجوم والحرب:

السعي لاستثمار النتائج ، و دفع سياقات الحرب و مآلاتها   بما يزيل العقبات الكبيرة    التي كانت تمنع  تقدّم قطار التطبيع الإقليمي  ( التسوية الفلسطينية والسورية ، واليمنية واللبنانية)، وتخمّد  مواقع  الصراع  في العلاقات بين أكبر مرتكزات مشروعه (السعودية  واسرائيلي  وإيران )؛  وقد تحقق لها   في السياق  منع توريط إيران  في حرب إقليمية تفاقم أسباب الصراع  ، ومنع غزوا إسرائيلا  للجنوب اللبناني ، قد يتجاوز جميع خطوط الحمر الأمريكية ، وتسعي لمنع غزو رفح  وتدمير آخر شروط التسوية السياسية  الفلسطينية عبر استخدام   ما باتت تمتلكه  في هذا السياق المستمر منذ السابع من أكتوبر من أوراق ضغط على نتنياهو   للاختيار بين مواجهة مصيره  الأسوأ في عواقب  انتخابات مبكّرة ، أو الرضوخ  لشروط واشنطن ، والقبول ب ” تلطيف ”  الهجوم على رفح   مع رخصة ” تصيّد” ما تبقّى من قوات حماس وقياداتها بوسائل غير مباشرة ،  لا تثير ردود أفعال كبيرة ، ولا تعيق تواصل جهود خطوات التسوية السياسية الفلسطينية، و التطبيع الإقليمي .

7- بالإضافة إلى اللقاءات المُعلنة  المكثفة التي أجراها ، ويجريها السيد وزير الخارجية الأمريكي في الرياض ، ولقاءاته مع جميع زعماء المنطقة ، ما يجري خارج الإعلام في دمشق وبيروت ، ويصبّ في نفس السياق.

ثالثا ،

  في ضوء عوامل السياق السابقة، يمكن الوصول إلى الاستنتاجات التالية :

1-

يبدو لي أنّ العامل الأساسي في خلاف واشنطن  مع  سياسات حكومة الحرب اليمنيّة المرتبطة في هذه المرحلة بمنع غزو رفح( ولبنان )،وما يشكّله من اخطار على شروط التسوية السياسية ، لا يرتبط  بحصول تغيير سياسي أمريكي استراتيجي  تجاه قضية الشعب الفلسطيني المركزية،  ولا

تكتيكي تجاه  مشروع  تسوية أوسلو ، وحل الدولتين ،   بقدر ارتباطه  بمصالح  وسياسات الولايات المتحدة  الإقليمية التي تتمحوّر في هذه المرحلة حول توفير شروط تقدّم صيرورة مشروع التطبيع الإقليمي  الذي اطلقته واشنطن في مطلع 2020 ، ورؤيتها لأهميّة التوصّل الى تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي  من أجل وفي سياق  تسريع خطوات التطبيع الإقليمي (5)، سواء على صعيد العلاقات الإيرانية الإسرائيلية  والإسرائيلية  السعودية. لا يغيّر من موضوعية هذا الاستنتاج  و موقع عامله الأساسي ظهور عوامل ثانوية ، يتمّ التركيز عليها  وتغييب هذا العامل الحاكم لسياسات  واشنطن في صناعة الأحداث .(6)

2-بعد خمسة أشهر وثلاثة أسابيع من بدء الحرب الإجرامية على  غزّة، إذا كان  من الطبيعي أن تؤيّد حماس أية  وسيلة لوقف إطلاق النار وبأية شروط ، قد تجد فيها فرصة لإلتقاط انفاسها،  وبارقة أمل لدور سياسي ما ،  واذا كان من مصلحة  بايدن / بلينكن الوصول إلى هدنة مؤقّتة، والعمل على تطويرها  بما يصب في تحقيق أهداف رؤيتهما لليوم التالي ويعزز جهود الولايات المتّحدة  للتوفيق بين مصالح  الدول الإقليمية، في سياق صيرورة  مشروع التطبيع الإقليمي ؛ وفي ضوء ما   ذكره ” وزير الشؤون الاستراتيجية”  الإسرائيلي “رون ديرمر” في” بودكاست”:

” إنّ إسرائيل ستسيطر على رفح حتى لو أدى ذلك إلى خرق محتمل للعلاقات  مع الولايات المتحدة.”:

التساؤلات  التي تطرح نفسها:

ما الذي يفرض على نتنياهو التنفيذ؟

 حتى لو توفّرت أسباب المصالح الأمريكية، كيف يمكنكم إقناع حليف يعرف أنه لن يكون ثمّة عواقب وخيمة حتى لو تجاهل التحذيرات الأمريكية مرارا وتكرارا؟
هل يملك بايدن أوراق ضغط  فعّالة ، على غرار زميله ” أيزنهاور” عندما اجبر حكومة ” بن غورين ” على الانسحاب من سيناء في أعقاب تفشيل ” العدوان الثلاثي ، 1956؟

هل يستطيع بايدن  ” تعليق إمداد الجيش الإسرائيلي المهاجم بالسلاح الأمريكي”، الذي يشكّل احد أبرز أسباب قدرته على الاستمرار في الحرب …. العمل على إصدار قرار من مجلس الأمن، يجبر إسرائيل على التفيذ، تحت البند السابع؟

3- ملاحظة حول الفيتو الصيني الروسي :

 مضمون  مشروع القرار ” الروسي – الصيني ” 2728  لايختلف مع مشروع القرار الأمريكي الذي تمّ اسقاطه بفيتو مزدوج فيما يتعلق بالقضية  الرئيسة – هدنة مؤقّتة  مقابل إطلاق  سراح جميع الرهائن.  فهل كان حقّا سبب الفيتو هو  كونه ” مسيّس وغامض “، او حرص البلدين على ” عدم إدانة حماس “؟هل كان تأخير اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار، بغضّ النظر عن الأسباب، يتوافق مع  أهداف حكومة اليمين المتطرّف  باستمرار الحرب ؟

4-  حتى لو خسر بايدن هذه المعركة مع نتنياهو، لن تتوقّف  جهود  الولايات المتّحدة الساعية الى إنجاز اهدف مشروعها التاريخي، وتسريع خطوات وإجراءات التسوية السياسية  السورية  والتطبيع الإقليمي ، لكنّ سيكون  الفلسطينيون، حماس والسلطة والشعب الفلسطيني، قد خسروا كلّ أوراقهم السياسية والعسكرية لفرض الحد الأدنى من شروط تسوية أوسلو 1995- ومئات ألوف الضحايا منذ سيطرة حماس على السلطة في غزة 2007!!

5- نقطة  ما قبل الأخيرة ، من الموضعية الإشارة إليها:

 لم يكن رفض نظام السيسي  “استقبال” ملايين المهجرين  للأسباب المُعلنة ، بل لتساوق الموقف مع سياسات واشنطن؛ وقد سبق لمصر أن استفادت من وصول ملايين المهجّرين من حروب سوريا والسودان ، ولم يكن ليهدد أمنها القومي استضافة مليونا آخر- لو كان في ذلك مصلحة أمريكية-  يدّر على الخزينة الملاين . هل  تفسّر  هذه المعادلة  دوافع قرار دولا كبرى “اسقاط ديونها ” المترتبة  على مصر السيسي؟

6- نقطة اخيرة :

 هل إدراك النظام السوري لطبيعة الترابط الايجابي بين  نتائج ” إنهاء ” الصراع الفلسطيني الإسرائيلي( بتسوية أو بتصفية  وما ينتج عنه  بالضرورة  من تقليل مواقع الصراع في  العلاقات الإيرانية الإسرائيلي )، وبين   تعزيز  شروط  تقدّم  مشروع التطبيع الإقليمي الأمريكي،( وبالتالي تعزيز خطوات التسوية السياسية  الأمريكية في سوريا بما  يُتيح ” احتواء” الصراع الإيراني الإسرائيلي و تسريع  خطوات وإجراءات إعادة التأهيل  سوريّا ، وعلى الصعيد الإقليمي  والدولي)، يفسّر سياسات ” النأي بالنفس”  تجاه عواقب هجوم طوفان الأقصى، والحرب الإسرائيلية العدوانية، ومحاولة  الاستفادة  من نتائجها؟!(7).

(1)-

بيان المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر
29 آذار/مارس 2024

المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر:

” نرحب بتشكيل السلطة الفلسطينية لحكومة جديدة تخدم الشعب الفلسطيني، وتتطلع الولايات المتحدة إلى العمل مع الحكومة الجديدة لتعزيز السلام والأمن والازدهار، كما سنعمل معها من أجل تحقيق إصلاحات موثوقة. ويعتبر تنشيط السلطة الفلسطينية أمرا أساسيا لتحقيق النتائج للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وتهيئة الظروف الملائمة للاستقرار في المنطقة الأوسع.”

(٢)-

أ- اعطى  مكتب وزير الخارجية الأمريكي  رأيا أكثر تفصيلا حول أسباب وحيثيات  عدم إسقاط  الولايات المتحدة للقرار 2728:

” بيان صحفي 25 مارس 2024.
اليوم، امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2728….

وبينما لا نوافق على جميع البنود الواردة في هذا النص، فإن التعديلات التي أجراها رعاة القرار خلال الأيام الأخيرة تتفق مع موقفنا المبدئي المتمثل في أن أي نص لوقف إطلاق النار يجب أن يقترن بنص بشأن إطلاق سراح الرهائن…. ولأّن النص النهائي لا يتضمن لغة أساسية نعتبرها ضرورية، ولا سيما إدانة حماس، فإننا لا نستطيع أن نؤيده. ……..ونؤكد من جديد ضرورة تسريع واستدامة تقديم المساعدة الإنسانية عبر جميع الطرق المتاحة – البرية والبحرية والجوية. ونحن مستمرون في مناقشة الطريق مع شركائنا لإقامة دولة فلسطينية مع ضمانات أمنية حقيقية لإسرائيل من أجل إقامة السلام والأمن على المدى الطويل. …. فقد عملنا بشكل وثيق للغاية مع شركائنا العرب لتحقيق هذه النتائج المهمة. لقد عملنا أيضًا مع إسرائيل لضمان عدم تكرار أحداث 7 أكتوبر أبدًا، وتلبية احتياجاتها الأمنية، ودمجها بشكل أكبر في منطقة أكثر أمانًا وازدهارًا. هناك إجماع على هذه الأولويات ــ وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، وزيادة المساعدات الإنسانية، وتحديد مسار واضح للمستقبل……”

(3) – في ردود الأفعال الإسرائيلية  على عدم  رفض  الولايات المتحدة  للقرار 2728،وصف رئيس وزراء الحرب الإجرامية  في بيانه  القرار الأمريكي بالامتناع عن التصويت بأنه “تراجع – انسحاب ” عن المواقف الأمريكية السابقة، وقد عبّر عن غضبه بتمرير قرار غير مُلزم ( ليس تحت البند السابع) يدعو إلى وقف فوري  ومؤقّت  لإطلاق النار، بقرار منع “الوفد الإسرائيلي “، رفيع المستوى، من السفر إلى واشنطن  لإجراء مناقشات ” اللمسات الأخيرة ” حول رفح، كما كان مقررا خلال زيارة بلينكن  الأخيرة  ؛ وقد   اعتبر السفير الأمريكي السابق “دانيال كورتزر”  في  هآرتس – 25 مارس  2024 أنّه  “من غير اللائق والمهين أن يصف أي زعيم أجنبي السياسة الأميركية بهذه الطريقة ” . …  ” التأجيل، وربما الإلغاء، لزيارة الوفد الإسرائيلي ذي المستوى العالي لا يمت إلى العقل بأي شكل من الأشكال ” “.. ونظرًا لتحذير كامالا هاريس من أن هجومًا على رفح سيكون له “عواقب”، فإن إسرائيل لا يجب أن تختبر الولايات المتحدة في هذا الوقت في هذه القضية.”.

(4)-

مزيد من التفاصيل الضرورية لفهم طبيعة مشروع التسوية السياسية الأمريكية الشاملة:

https://m.ahewar.org/s.asp?aid=820806&r=0

(5)-

وقد عبّر وزير الخارجية الأمريكية عن إدراكه لهذا الترابط بكلمات واضحة :

 ” ما تغير مؤخرا هو التزام كل دولة في المنطقة بالسعي الحقيقي لإدماج إسرائيل في المنطقة. ولكن يتطلب ذلك أيضا سبيلا إلى الدولة الفلسطينية، وينبغي وضع نهاية للصراع في غزة بطبيعة الحال. لذلك نحن بحاجة إلى مواصلة العمل، وعندما “…

من المؤسف أن تتجاهل جميع وسائل صناعة الرأي العام هذا العامل الأمريكي  الرئيسي المرتبط بتحقيق أهداف مشروع التطبيع الإقليمي والذي يفسّر حقيقة أسباب ” الصراع ” في العلاقات بين الحليفين، المرتبطة بما يحصل في هذه اللحظة السياسة التاريخية من تفارق في المصالح حول غزو رفح ؛ كما يفسّر توافق  آراء ترامب  مع سياسات بايدن رغم  ظروف ” المعارك ” الانتخابية.

في مقابلة  أجراها مع “إسرائيل اليوم”، أكّد ترامب أنّه : يجب أن تنهي إسرائيل الحرب وتتقدم نحو السلام…”.

(6)- في تفسيرها  لأسباب اتباع بايدن طريقة تعامل جديدة مع إسرائيل، أشارت ” دير شبيغل” الألمانية إلى ما “يبدو أن بايدن يواجه ضغوطاً دولية متزايدة بشأن الأزمة في فلسطين، ما دفعه لاتخاذ مواقف أكثر حزمًا ووساطة فعّالة للتصعيد وتحقيق السلام. كما يواجه بايدن أيضًا ضغوطًا داخلية في الولايات المتحدة، حيث يتوجب عليه التعبير عن مواقف أكثر توازنًا ومسؤولية بشأن الأزمة الفلسطينية، خاصة مع الدعم المتزايد لفلسطين من قبل الجماهير والسياسيين في الولايات المتحدة” .

(7)-

أ-  نقلت  ” المركزية ” اللبنانية  تحت عنوان ” ورقة تفاهم اميركية- سورية تمهّد لمرحلة التسوية “، معلومات واضحة الدلالة، زعمت أنّ  ” وزير سابق، مطلع بدقة على التطورات  في المنطقة ” قد كشفها لها ، تقول  أنّه ” في موازاة المساعي الدولية المبذولة للوصول الى اتفاق هدنة في غزة، مقدمة لوقف اطلاق النار ثم تسوية تبدأ من القطاع وتتمدد الى الاقليم”  ، ثمّة   《 “ورقة تفاهم” يتم اعدادها بين مسؤولين اميركيين وسوريين في دمشق، تحدد مناطق الوجود الاميركي في سوريا والعلاقات بين الجانبين، بما يضمن ترسيم الحدود مع اسرائيل كخطوة اساسية في اتجاه السلام في المنطقة، ثم ضبط الحدود مع لبنان ومنع التهريب والتسلل والعمل على ترسيمها وبت نقاط النزاع المختلف عليها وعددها لا يتجاوز السبع من ضمن 13 نقطة ، تحديد حجم سوريا في التسوية ودورها في القضاء على الارهاب،  واقفال معامل الكبتاغون  ومنع تصديره الى الدول العربية”》، و《 أنّ  سوريا تعمل مع عُمان على ملفي التسوية الاقليمية وعودة النازحين، وانها من موقعها قد تكون تمكنت مع ايران وعُمان من فتح صفحة جديدة من العلاقات والتعاون بين الامارات العربية المتحدة وحزب الله، ما فتح الطريق امام زيارة مسؤول وحدة الارتباط الحاج وفيق صفا الى الامارات حيث عقد  لقاءات مع المعنيين لمعالجة ملف الموقوفين هناك، وعاد الى بيروت》.

ب-تحدّث مقال في ” street journal ” في 21 مارس تحت عنوان “استراتيجية أممية جديدة في سوريا.. ماذا في التفاصيل ؟!” عن كشف الأمم المتّحدة عن وثيقة “استراتيجية   التعافي المبكر 2024-2028” للمانحين والشركاء، والتي تدعو إلى إنشاء صندوق ائتماني للتعافي المبكر “ERTF”، سيكون مقره في دمشق وسيعمل تحت القيادة المباشرة للمنسق المقيم للشؤون الإنسانية للأمم المتحدة.

 في توضيحه لحيثيات وأهداف المشروع، يضيف كاتب المقال :
“…أنّ السمات الرئيسية للصندوق ستكون المزيد من “مرونة التشغيل” و”الأطر الزمنية الأطول”. وبدأ إنشاء ERTF من خلال مارتن غريفيث باعتباره رئيساً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وقد تواصل مع الرئيس السوري بشار الأسد، حيث تم الاتفاق على آلية عملية تبادل بمبدأ “عطاء وأخذ حقيقية”.

“… أنّ غريفيث اقترح أن الصندوق الجديد سيجذب الأموال الخليجية، لأنه سيكون لديه خطوط حمراء أقل من تلك التي لدى الصندوق الإنساني السوري والصندوق الإنساني عبر الحدود السورية، اللذين يدعمان الأنشطة المتوافقة مع الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة.
….وفي الوقت نفسه، وبعد تعيين عبد الله الدردري في آذار 2023 أميناً عاماً مساعداً ومديراً مساعداً ومديراً للمكتب الإقليمي للدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. تقول المصادر إن الدردري يخطط  لتوسيع ميزانية الإنعاش المبكر إلى 500 مليون دولار، أي بزيادة قدرها 500% عن التمويل المقدم حالياً في ميزانية خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2023. وهذا من شأنه أن يحول التعافي المبكر إلى السمة المميزة للاستجابة الإنسانية في سوريا.

خطط الأمم المتحدة لتعزيز التعافي المبكر في سوريا، من الممكن أن تسمح بتجاوز العقوبات الأمريكية والأوروبية مع طمأنة المانحين المتشككين، الذين يقولون إن أموال التنمية وإعادة الإعمار هي “أموال سياسية بطبيعتها”.

استراتيجية أممية جديدة في سوريا.. ماذا في التفاصيل ؟!
https://q-streetjournal.com/?tag=استراتيجية-التعافي-المبكر

ت- تحدّث مقال في ” الشرق الأوسط ” بتاريخ 19 مارس

عن  ” إعلان الجيش الإسرائيلي، اليوم (الثلاثاء)، إنشاء لواء جديد على الحدود السورية اللبنانية تحت اسم لواء «ههاريم» (الجبال) الإقليمي”. وأضافت، (نقلا عن ” المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي افيخاي أدرعي، بحسابه على منصة «إكس»، )، أنّ ” اللواء سيعمل في الحدود الشمالية في منطقتي جبل الشيخ وجبل الروس ” ، وأنّه  “تم تعيين الكولونيل ليرون أبلمان قائداً للواء”  وفق «وكالة أنباء العالم العربي»:..و« سيبدأ اللواء نشاطه خلال الأسابيع القليلة المقبلة حيث سيكون متخصصاً في القتال وسط التضاريس المركبة والجبال».

ث-   تهديدات وزير الحرب الإسرائيلي حول ” وصولهم إلى أي مكان يعمل فيه  حزب الله  ” واستهداف قيادات الصف الأول  قد تغيّر طبيعة دور الحزب في سوريا .

عن نزار بعريني

شاهد أيضاً

بيان بيدرسون في الذكرى السنوية “للصراع السوري”

في  ذكرى ” الثورة المغدورة”، لا يجد هذا الفَقِيه الأممي ما يقدّمه للسوريين سوى  الإصرار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *