متظاهرون في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، الصورة: أوهاد زفيجنبرغ

المواطنون العرب في إسرائيل يظهرون انخراطًا غير مسبوق في احتجاجات القدس

نير حسون ، ينال جبارين ، فاطمة خميسي

ترجمة محمود الصباغ

امتنع ،المواطنون العرب في إسرائيل، تقليدياً، عن الانضمام إلى نضالات الفلسطينيين. ومع ذلك، فقد مثّلت الاحتجاجات الأخيرة في القدس  تحولاً جذرياً في هذا السياق، و ومن بين 200 جريح فلسطيني في الاشتباكات العنيفة التي وقعت يوم الجمعة (7 أيار\ مايو) في القدس، أصيب اثنان بجروح متوسطة. وسط المشاركة غير المسبوقة لمواطني إسرائيل العرب في الأحداث الأخيرة، وليس من المستغرب أن كلاهما ليسا من سكان القدس الشرقية، بل هما مواطنين عرب في إسرائيل.

وبحسب سيرين جبارين (25 عاماً)، وهي شخصية بارزة في حركة احتجاج المواطنين العرب الشباب في إسرائيل، فقد شارك في الاحتجاجات الأخيرة في حي الشيخ جرّاح يوم الجمعة الماضي، أكثر من 250 متظاهراً من مدينة أم الفحم العربية الإسرائيلية وحدها. بالإضافة إلى توافد مئات المتظاهرين من البلدات العربية الواقعة شمال ووسط البلاد، مساء ذات اليوم، الذين اشتبكوا مع الشرطة [الإسرائيلية] في ساحة المسجد الأقصى.

وليس جديداً القول بأن العلاقة بين الفلسطينيين في القدس الشرقية والمواطنين العرب في إسرائيل معقدة. فمن ناحية، يقع المواطنون العرب في إسرائيل في موقع وسط بين سكان القدس الشرقية والسلطات الإسرائيلية، حيث يشغل معظمهم مناصب عليا في الجزء الشرقي من العاصمة “الإسرائيلية”- فمنهم محامون ومدراء مدارس ومسؤولون في الهيئات الحكومية. ومن ناحية أخرى، يشعر سكان القدس الشرقية بالاستياء من المواطنين العرب الميسورين في إسرائيل، الذين يقولون إنهم نسوا إخوانهم في القدس الذين يعانون تحت الاحتلال الإسرائيلي.

وتم التحقق، على مدى السنوات الماضية، من صحة هذه الفكرة، حيث شارك الفلسطينيون المقدسيون فقط في نضالهم في القدس الشرقية. ونادراً ما أشعلت موجات الاحتجاجات في القدس الشرقية، والتي تدور معظمها حول المسجد الأقصى، مظاهرات في أماكن أخرى في إسرائيل.

ورغم هذا، لا أحد يتذكر، مثل هذا الانخراط الواسع لمواطني إسرائيل العرب في مسيرات القدس الشرقية. فخلال العشر الأواخر من شهر رمضان، وصلت عشرات الحافلات إلى العاصمة  من مدن وبلدات لوسط العربي تقلّ المصلين، الذين شارك بعضهم في الاشتباكات الأخيرة مع الشرطة. ويمثّل هذا، بالنسبة للعديد من الفلسطينيين، المقدسيين وغير المقدسيين، تحولاً دراماتيكياً..

وتقول (سيرين) جبارين إن الجيل الفلسطيني الأكبر سناً، الذي عاش الانتفاضتين في أوائل التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، يرى أن تلك الانتفاضتين ” لم تتمخض على شيء يذكر” وأنهم “فقدوا الأمل فعلياً”. وتضيف جبارين: “يشعر الشباب، الآن، أنهم بحاجة إلى الخروج [والاحتجاج]”. وتقول يارا(21 عاماً) وهي من أم الفحم إن “ما يحدث في القدس لا يحدث فقط لسكانها”، مؤكدةً أن المواطنين العرب في إسرائيل يكافحون حتى يتمكن العرب، في جميع أنحاء إسرائيل، من ممارسة حقهم في البقاء على أراضيهم. ويلعب سكان أم الفحم دوراً محورياً في الاحتجاجات العربية الإسرائيلية بشكل عام. ويقال عن شباب أم الفحم، من بين غيرهم من المتظاهرين الفلسطينيين المقدسيين، بأنهم لا يعرفون الخوف من الشرطة.

اصطفاف الفلسطينيون دفاعاً عن القد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بموجة الاحتجاجات الأخيرة ضد الشرطة [الإسرائيلية] التي  شهدتها أم الفحم، والتي تحولت إلى تصاعد العنف داخل المجتمع العربي. وقبل شهرين، اتحدت ثلاث مجموعات من الحركات الاجتماعية الشبابية لتشكيل “الحراك الفحماوي الموحد” ( نسبة لسكان أم الفحم)، حيث ينسق قادة الحراك  كلاً من الاحتجاجات ضد الشرطة في الشمال والاحتجاجات في القدس. وقد لعبت الشبكات الاجتماعية، أيضاً، دوراً رئيسياً، في حشد المؤيدين الشباب للنضال. فقام العديد منهم يوم السبت (8 أيار\ مايو) بتغيير صورة ملفهم الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي تضامناً مع الجرحى في اشتباكات المسجد الأقصى باستخدام هاشتاغ حياة الفلسطينيين مهمة Palestinian Lives Matter

ولم يغب المجتمع الدرزي في إسرائيل، عن هذا التحرك، وهو الذي  لا يبدي، في العادة، اهتماماً للانضمام إلى احتجاجات المجتمع العربي، ولا يتفاعل، بالتأكيد، مع احتجاجات الفلسطينيين في القدس، غير أنه ظهرت بعض الأنشطة في وسطهم من خلال نشر مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام هاشتاغ “أنقذوا الشيخ جراح”“Save Sheikh Jarrah”.  ونال  الهاشتاغ حتى الآن،( الأحد 9 أيار\ مايو) أكثر من 1.5 مليون مشاركة على تويتر وظهر في علامة التبويب الشائعة على تويتر في إسرائيل والضفة الغربية.

“ويقول شادي نصّار (23 عاماً) من مواطني مدين عرّابة شمال إسرائيل:  عندما أتيت إلى الشيخ جراح يوم الجمعة، رأيت بوضوح الفصل العنصري”.. “القدس مركز القضية الفلسطينية، وبدونها لا تحرير للشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال والظلم التاريخي”. وأضاف أن الشباب العرب من مواطني إسرائيل يتوجهون إلى القدس “للتعبير عن التضامن مع سكان الشيخ جراح والقدس”، وكذلك النضال من أجل إقامة دولة فلسطينية تكون  القدس عاصمتها.

وتعبّر لين جبارين،(17 عاماً) من مدينة أم الفحم، عن اقتناعها بجدوى” المقومة بأشكالها الفعّالة كافة”، لاسيما، بعد أن “رأت ما يعنيه شعبها من ألم وظلم”، ولذا “فإنني أبذل قصارى جهدي للمشاركة في المظاهرات والعمل الاجتماعي حتى تكون هناك ثورة عظيمة في يوم من الأيام “.

أما إبراهيم، 18 عاماً،  وهو من سكان بلدة كفر كنا العربية في شمال إسرائيل، فيرى في الاحتجاجات واجب ديني. ويقول: “يعاني سكان القدس المسلمون من التمييز في مجالات الحياة جميعها، مثل عمليات الإخلاء في حي الشيخ جرّاح”. ويضيف: “أنا ضد التمييز بشكل عام، وخاصة ضد الضعفاء، وبالتالي من واجبي الديني دعمهم”. وتضيف تضيف يارا،(22 عاماً) من باقة الغربية شمال البلاد، أن المواطنين العرب الشباب في إسرائيل ينضمون إلى الاحتجاجات الأخيرة “لأننا شعب واحد، وأمة واحدة، من الجليل إلى النقب، وسوف نواصل حضورنا [ في الاحتجاجات].

……….

المصدر: صحيفة هآرتس، 9 أيار\ مايو 2021. https://www.haaretz.com/israel-news/.premium-arab-citizens-of-israel-show-unprecedented-involvement-in-jerusalem-protests-1.9787513؟v=1620689079873

عن محمود الصباغ

كاتب ومترجم من فلسطين

شاهد أيضاً

بيان بيدرسون في الذكرى السنوية “للصراع السوري”

في  ذكرى ” الثورة المغدورة”، لا يجد هذا الفَقِيه الأممي ما يقدّمه للسوريين سوى  الإصرار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *