11/9 إلى الأبد

جوزيف مارغوليس

ترجمة: محمود الصباغ

بعيداً عن مخلفات الماضي، تستمر أحداث 11 سبتمبر في تطبيع أشكال الهمجية التي كانت تفرضها الدولة والتي لم يكن من الممكن تصورها سابقاً.

وصلت الحرب البرية في أفغانستان إلى نهايتها المتوقعة وغير الناجحة بشكل مثير، لكن الحرب على الإرهاب، التي يصادف هذا الأسبوع  مرور عشرين عاماً على بدئها، ما زالت مستمرة. دون معرفة إلى أي نهاية؟

أحد مقاييس إرث الثورة الأشياء التي تصبح طبيعية في عقابيلها. وبالتالي، فإن أحد تفسيرات إرث 11 سبتمبر هو التساؤل جزئياً عما يعتبر أمراً مفروغاً منه في عالم ما بعد 11 سبتمبر. كيف غيرت الهجمات الأسئلة التي نطرحها -والإجابات التي نقدمها- حول التحديات التي نواجهها كأمة؟ كيف يبدو توزيع الثروة والسلطة الآن طبيعياً لدرجة أنه يتملص إلى حد كبير من معطيات التفكير النقدي؟ وما هي المؤسسات والممارسات التي أنشأناها وضمناها في الحياة الأمريكية في خدمة هذا الوضع الجديد؟

هناك، ثمة، أربعة موروثات رئيسية من أحداث 11 سبتمبر: أولاً، لقد غيرت، الأحداث، فهمنا للحرب جذرياً. ثانياً، أطلقت العنان لدولة المراقبة وقلصت مفهومنا للخصوصية. ثالثاً، رفعت مسألة أمن الحدود إلى مستوى البقاء الوطني. ورابعاً، أدت الهجمات إلى تطبيع القسوة من خلال خلق الانطباع بأن المخاطر لم تكن مجرد تبعية بل وجودية، وهي قسوة لم يكن من الممكن تصورها سابقاً.

بصفتي محامي في مجال الحقوق المدنية، فقد أمضيت معظم السنوات العشرين الماضية في تحدي جوانب مختلفة من دولة ما بعد 11 سبتمبر، وهي رحلة شملت حتى الآن ثلاث قضايا في المحكمة العليا نيابة عن المعتقلين. لقد رأيت هذه التغييرات [ الموروثات] والأضرار التي تسببت بها بشكل مباشر.

نوع جديد من الحرب

أهم إرث من أحداث 11 سبتمبر هو التغيير الذي أحدثته في فهمنا للحرب. رغم أنه من الصعب اليوم أن نتخيل، قبل 11 سبتمبر، كيف كان يُفهم الإرهاب العابر للحدود على أنه جريمة وليس عملاً من أعمال الحرب. انهار هذا الإطار قبل غروب شمس الحادي عشر من سبتمبر، حين قال السناتور جون ماكين عشيّة ذلك اليوم: “من الواضح أن هذا عمل حربي ارتكب ضد الولايات المتحدة”.  وكما لاحظ بيتر جينينغز، من محطة  ABCالإخبارية ” الجميع ردد ذلك طوال اليوم” ويتابع القول أن ما حدث كان “إعلان حرب وعمل حربي ضد الولايات المتحدة. أي عدد من السياسيين والمعلقين، بمن فيهم نحن، تم تذكيرهم بأن آخر مرة وقع فيها هجوم كهذا على الولايات المتحدة كان بيرل هاربور”. وتبنى الرئيس جورج دبليو بوش، في ليوم التالي، هذا الإطار أيضاً، بعد اجتماعه مع فريق الأمن القومي التابع له، وقال للصحفيين إن الهجمات “كانت أكثر من مجرد أعمال إرهابية. لقد كانت أعمال حربية”. وبعد ذلك بيوم ، قال الرئيس للصحفيين، بعد مكالمة صباحية مع عمدة مدينة نيويورك رودولف جولياني وحاكم ولاية نيويورك جورج باتاكي: “تم إعلان عمل حربي ضد الولايات المتحدة الأمريكية”. وقال في الخامس عشر من سبتمبر: “نحن في حالة حرب. ثمة عمل حربي قام به الإرهابيون ضد أمريكا، وسنرد على الأمر بمقتضاه”. وشجع الناس على “ممارسة أعمالهم.. ولكن واضعين في اعتبارهم شعور متزايد بالوعي بأن مجموعة من البرابرة أعلنت الحرب على الشعب الأمريكي “.

لكن، لنعد للبداية، كان من المفهوم أن الحرب على الإرهاب ستكون مختلفة عن الحروب العديدة التي سبقتها. لم تكن الكأس المقدسة في حربنا الجديدة أرضاً، بل كانت ذكاءً. اعتبرت الهجمات، فور وقوعها، بمثابة فشل استخباراتي. وكانت قناةABC   الإخبارية قد وصفت أحداث 11 سبتمبر بأنها “فشلاً ذريعاً للذكاء على الصعيد البشري والتقني”. ووصفته صحيفة واشنطن بوست بأنه “انهيار استخباراتي هائل”. وقال ليون بانيتا، رئيس الأركان السابق للرئيس بيل كلينتون (الذي صار فيما بعد مديراً لوكالة المخابرات المركزية ووزيراً للدفاع في إدارة الرئيس باراك أوباما)، من الواضح أن الهجمات مثّلت ” فشلاً ذريعاً لمجتمع استخباراتنا”. إن التحذير السيئ السمعة الذي أطلقه نائب الرئيس ديك تشيني في 16 سبتمبر -من أن الحرب على الإرهاب ستأخذ الولايات المتحدة إلى “الجانب المظلم”، والعمل “في الظل في عالم الاستخبارات”- قد أعطى لمحة عن الهدف الأساسي للحرب: ما تدعوه وكالة الأمن القومي “هيمنة المعلومات”.

وعد تحقيق هذا الإتقان بأن يكون تحدياً كبيراً. وحذّر وزير الخارجية كولن باول من أن “العدو موجود في أماكن كثيرة”. “العدو لا يتطلع إلى العثور عليه. العدو مخفي. العدو في كثير من الأحيان موجود هنا داخل بلدنا”. تكررت هذه الآراء إلى ما لا نهاية. وأوضح باول أن خصمنا كان “غامضاً ومراوغاً”، و”قادراً على إعادة ابتكار نفسه باستمرار”، عدونا هم أولئك المبدلون لأشكالهم “الذين يمكنهم الجري والاختباء في كل مكان تقريباً”، و”ظهورهم في هامبورغ، وأمستردام، وديلراي بيتش، وجيرسي سيتي،” و”إنشاء مناطق معارك يحتمل أن تكون في أي مكان”.  كان من المفترض أن يتم فصل الإرهابيين في خلايا شديدة الانضباط يكاد يكون من المستحيل اختراقها. لن يؤدي تعطيل إحدى الخلايا إلى إزعاج الخلايا الأخرى لأن كل خلية تعمل بشكل مستقل -وفقاً لباول، “الاندماج محلياً، وكسب المال في وظائف بسيطة”، والتخطيط والاستعداد حتى يتم “تنشيط هذه الخلايا” بواسطة عقل مدبر غير معروف وغير مرئي.

وبرغم على الرغم من صعوبة التحدي، فثمة اعتقاد أن الحاجة والإلحاح أكبر.  بدءً من ظهر يوم الحادي عشر من سبتمبر ولعدة أشهر، صدرت تقارير لا حصر لها حول ما سوف من منظمات أو جماعات أو مؤسسات، تدعي دوراً لها في تشكيل الفكر الأمريكي. وفي غضون أسبوع من بدء الهجمات، كانت وسائل الإعلام المتشككة عادة، مثل بوسطن غلوب، تكرر بلا كلل تقرير صدر في العام 1998 للمجلة الإخبارية العربية الوطن بتوصل أسامة بن لادن إلى اتفاق مع رجال العصابات الشيشانية لدفع 30 مليون دولار و2 طن من الأفيون مقابل عشرين رأساً نووياً، كان يخطط لتحويلها إلى “حقيبة سفر نووية”. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن جيروم م. هاور  في أواخر أيلول\ سبتمبر تحذيره من أن الأمة “غير مستعدة على الإطلاق للتعامل مع الإرهاب البيولوجي”. وتوقعت الصحيفة “تزايد احتمالات نجاح بعض الدول المارقة أو الجماعات الإرهابية نشر أسلحة جرثومية”. وصوّرت النخب في الولايات المتحدة، في أجواء، هذه البيئة المحمومة، الهجمات على أنها فشل استخباراتي مكّن “مجموعة من البرابرة” من جر البلاد إلى الحرب.  وهذا ما أدى إلى حرب لا مثيل لها في تاريخ الولايات المتحدة. فهي، أولاً ، حرب دينية – إيديولوجية، لأن الصراع، ظاهرياً، كان مع صورة معينة للإسلام وليس مع دولة. وهي، ثانياً، حرب عالمية، ورعت الولايات المتحدة على عمليات عسكرية في الحرب على الإرهاب في أكثر من ثمانين دولة. كما أوضحت لجنة 11 سبتمبر، بأن “الوطن الأمريكي هو الكوكب”. وثالثاً، هي حرب دائمة ، لأن محاولة هزيمة الأصولية الدينية المسلحة بالسلاح تشبه محاولة إيقاف الريح بالبندقية. ورابعاً، كانت بلا شك حرب بائسة، لأنها تعتمد على دولة تعلم كل شيء عن أي شخص يمكن أن يكون أو يصبح تهديداً. وأخيراً ، كانت حرباً مروعة في أقل تقدير.

ورغم أن الحرب على الإرهاب تغيرت بمرور الوقت، إلا أنه يمكن إرجاع كل ما فيها من قبح تقريباً إلى هذا التأطير الأولي. لقد قمنا بحروب في أفغانستان والعراق بتكلفة لا غير مفهومة أو مبررة الأرواح البشرية والثروات الوطنية والاستقرار العالمي. (تكلفة غير مفهومة ولكنها قابلة للإحصاء والحصر؛ إذ تقدّر جامعة براون تكلفة الحرب على الإرهاب حتى عام 2020، بأكثر من 8 تريليونات دولار وأكثر من 929 ألف شخص، منهم أكثر من300 ألف مدني).  لقد “عذبنا بعض الناس” باسم المخابرات، كما اعترف الرئيس أوباما في العام 2014. ومازلنا نواصل احتجاز أشخاصاً، في السجون الخارجية، إلى أجل غير مسمى، دون إجراءات قانونية ذات معنى. ومازلنا نستمر في حرب الطائرات بدون طيار التي أودت، فعلياً، بحياة الآلاف من المدنيين في جميع أنحاء دول العالم الإسلامي، بما في ذلك عشرة أشخاص قتلوا في كابول الأسبوع الماضي. وبينما يعمل فريق بايدن الأمني ​​على التلاعب بالقواعد التي كانت سائدة في إدارة ترامب، بشأن استخدام ضربات الطائرات بدون طيار خارج ساحات القتال، فإنه لا يزال يعتزم شنها، وقام مؤخرا بتوجيه ضربات بطائرات بدون طيار في الصومال -ليس لدعم القوات الأمريكية، ولكن للدفاع عن القوات الحكومية الصومالية.

ربما يكون الجانب الأكثر إزعاجاً في هذا التأطير ليس بكونه قد حصل، بل بكونه مازال مستمراً، علماً أن مجلس النواب كان قد صوّت، في حزيران\يونيو الماضي، بأغلبية ساحقة على إلغاء ترخيص العام 2002  الذي يسمح باستخدام القوة العسكرية (AUMF) في العراق. ومن المتوقع أن يقوم مجلس الشيوخ بالمثل.

ومع ذلك، ليس ثمة احتمال ولو بعيد بأن يلغي الكونغرس قانون العام 2001 السابق والأكثر أهمية، والذي أقره المجلس التشريعي في الأيام المحمومة بعد 11 سبتمبر والذي يوفر التبرير القانوني الظاهري لحرب أوسع وأشمل على الإرهاب. كما كتب بريان فينوكين في وقت سابق من هذا الصيف، في موقع “الأمن فقط Just Security”، على الرغم من أن بايدن قد قدم “إشارات خطابية” ترحيبية تجاه إنهاء الحرب على الإرهاب، فإن أفعاله “تظهر النية في مواصلة -وليس إنهاء- الصراعات الحالية”. وفي محاولته لتبرير الكارثة في أفغانستان، ذكر بايدن مؤخراً -بشكل صحيح ودون تهكم- أنه بعد عشرين عاماً من الحرب العالمية على الإرهاب، “انتشر التهديد الإرهابي إلى ما بعد أفغانستان”:. [حركة] الشباب في الصومال، [تنظيم] القاعدة في شبه الجزيرة العربية، [جبهة] النصرة في سوريا ،وداعش تحاول إقامة خلافة في سوريا والعراق وإنشاء فروع لها في دول متعددة في إفريقيا وآسيا. هذه التهديدات تستدعي استنفار اهتمامنا ومواردنا. ونحن نقوم بمهام فعالة لمكافحة الإرهاب ضد الجماعات الإرهابية في العديد من البلدان حيث لا وجود عسكري دائم لنا فيها. وسوف نفعل الشيء ذاته في أفغانستان، إن لزم الأمر. لقد طورنا القدرة على مكافحة الإرهاب عبر الأفق وهو الأمر الذي سوف يسمح لنا بإبقاء أعيننا ثابتة تجاه أي تهديدات مباشرة للولايات المتحدة في المنطقة، والتصرف بسرعة وحسم إذا لزم الأمر. وهكذا يستمر الحال كما هو.

دولة المراقبة الحديثة

لم تعد السمة المميزة للحرب على الإرهاب تتعلق بالأحذية والقنابل، بل باتت المراقبة هي ما يميز هذا النوع من الحرب، بما يتناسب مع الهدف التأسيسي لهذ الحرب -أي المعلومات الاستخباراتية الكاملة-، لقد أطلقت أحداث 11 سبتمبر دولة المراقبة الحديثة من قمقمها، وقادت هذا التحول وكالة الأمن القومي، واحتضنت طموح مديرها السابق كيث ألكسندر “للحصول على كل شيء”. لكن السعي المراوغ للحصول على معلومات أكثر وأفضل لا يقتصر على وكالة الأمن القومي. بل كان ومازال طموحاً مشتركاً للمنظمات الفيدرالية الثمانية عشر التي تدعي دور لها في الأمن القومي، بما في ذلك وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، والتي  تشكل  بمجموعها كيان الاستخبارات.

ويكون الذكاء مفيداً فقط، بطبيعة الحال، إذا تم الحصول عليه سراً. وتعد السرية، في عالم ما بعد 11 سبتمبر، هي العملية المكمّلة للمراقبة: أي ترافق الطموح لجمع كل شيء مع التصميم على عدم مشاركة أي شيء. وتهدف الولايات المتحدة إلى تحقيق عدم التناسق في المعلومات؛ فهي تريد أن تعرف كل شيء عنـ”هم” مع ضمان أن لا يعرفوا  شيئًا عنـ “نا”. وقد نتج عن ذلك التزام من الحزبين بمنع الشفافية ومعاقبة مرتكبيها. وسوف يتعرض من يكف ولو أجزاء ضئيلة من فسيفساء المراقبة إلى ملاحقة قضائية شبه مؤكدة. وكانت إدارة أوباما قد وجهت مزيداً من اتهامات قانون التجسس ضد المسربين المشتبه بهم بعدد أكثر من جميع الرئاسات الأخرى مجتمعة، واستندت السلطة التنفيذية مراراً  إلى مبدأ “أسرار الدولة” لإغلاق الدعاوى القضائية التي تدعي أنها ستكشف عن جوانب من آلية جمع المعلومات المشتتة. (أنا محامٍ في قضية في المحكمة العليا تقول فيها الحكومة إن المعلومات حول تعذيب موكلي في سجن مغلق الآن لوكالة المخابرات المركزية في بولندا هو من أسرار الدولة).

ويجعل هذا الإجراء، حسب التصميم، من المستحيل وصف ملامح دولة المراقبة الأمريكية بدقة، على الرغم من أن عمليات الكشف على مر السنين أعطتنا نظرة ثاقبة على نطاق تجسس الحكومة في الداخل والخارج. وكانت صحيفة نيويورك تايمز كشفت في العام 2005  بدء إدارة بوش، في غضون أشهر بعد أحداث سبتمبر، إجراءات مراقبة غير قانونية لرسائل البريد الإلكتروني الدولية والمكالمات الهاتفية للمواطنين الأجانب في الولايات المتحدة الذين يُعتقد أن لديهم بعض الصلات بتنظيم القاعدة. وتناهى إلى علمنا قيام أن شركة اتصالات محددة سمحت، في العام التالي، لوكالة الأمن القومي، مرة أخرى بدون أمر قضائي، بجمع البيانات الوصفية -وفقاً لمشروع الإشراف الحكومي، “البيانات المتعلقة بمن تتصل به وتتلقى المكالمات منه ومتى ومدة استمرارها “- على كل شخص يستخدم الهاتف في البلاد تقريباً.

ظهرت تسر يبات إدوارد سنودن، في العام 2013. وكانت صحفة الغارديان قد نشرت أمراً صادراً عن محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية يلزم شركة فيريزون بتقديم البيانات الوصفية لجميع المكالمات الهاتفية في نظامها لوكالة الأمن القومي بصورة يومية “مستمرة”. كما أعطيت أوامر مماثلة لمقدمي الخدمات الآخرين، مما يعني أن الوكالة كانت تقوم بتفريغ هذه البيانات الوصفية لجميع المكالمات الهاتفية  في الدولة تقريباً. وحاول الكونغرس، وإن بنجاح محدود وكرد على تسريبات سنودن، كبح جماح برنامج الجمع بالجملة في العام 2015. وجمعت وكالة الأمن القومي، في الأشهر السبعة الأخيرة من العام 2018، بيانات وصفية لأكثر من 19 مليون رقم هاتف مميز. علماً أن الكونغرس سمح في نهاية العام 2019 بإنهاء التفويض القانوني لهذه المجموعة الضخمة من سجلات الهواتف، وليس لدينا أدنى فكرة ما الذي حل محله، أو إذا كان هناك أي شيء. وتسمح البرامج الأخرى للحكومة بالتقاط ليس فقط البيانات الوصفية، بل أيضاً المحتوى، ودون أمر قضائي. وتؤكد وكالة الأمن القومي أنها لا تصل عمداً إلى محتوى المكالمات التي تخص مواطنين أمريكيين، ولكن من المستحيل تأكيد مدى صحة هذا الزعم.

تكسب وكالة الأمن القومي أيضاً البيانات الوصفية، وفي بعض الحالات محتوى الاتصالات الإلكترونية، بما في ذلك البريد الإلكتروني، وعمليات البحث على الإنترنت، ومقاطع الفيديو، والصور، والمحادثات المباشرة. كان هذا هو جوهر ما كشفه سنودن في العام 2013، حين كشف عن وجود برنامج PRISM، وهو البرنامج الذي يمكّن وكالة الأمن القومي من الوصول إلى شركات الإنترنت الكبرى، بما في ذلك، غوغل وفيسبوك وياهو وأبّل وسكايب ويوتيوب، وكل ذلك بدون أمر قضائي. مرة أخرى ، وتصر وكالة الأمن القوم عل التأكيد، من جديد، أنها لا تصل عمداً إلى محتوى أي اتصال إلكتروني لمواطن أمريكي دون أمر قضائي، وتطالبنا بتصديقها  في هذا الشأن.

وكما هو الحال مع المفهوم الجديد للحرب، فإن الجانب الأكثر إثارة للدهشة في دولة المراقبة ليس وجودها، بل قبولها على نطاق واسع. أصبحت المراقبة الشاملة للسلوك الخاص أمراً طبيعياً. لا شك في أن هذا حرضّه الصعود المصاحب لما تسميه شوشانا زوبوف أستاذة الأعمال بجامعة هارفارد “رأسمالية المراقبة”. في كتابها الصادر في العام 2019 بذات الاسم، عصر رأسمالية المراقبة، وتصف زوبوف تقنية المراقبة من غوغل، والتي تسمح لها بمراقبة السلوك عبر الإنترنت لمليارات المستخدمين في الوقت الفعلي. تعمل غوغل على تحقيق الدخل من ذاكرة التخزين المؤقتة المتوسعة للمعلومات هذه عن طريق تحويل البيانات إلى تنبؤات حول سلوك العميل ثم بيع هذه المعلومات للمعلنين. لقد غيرت هذه المراقبة الحكومية والخاصة في كل مكان مفهومنا للخصوصية بشكل جذري. تم استبدال حق الخصوصية (“هذا ليس من شأنك!”) بتوقع عدم الكشف عن هويته (“أنا لست مهماً؛ لن يزعجوني قط”).

وفي الوقت نفسه، فإن اليسار الليبرالي المعتدل -يسار المؤسسة الديمقراطية وواشنطن بوست- يستدعي الآن المراقبة ليس كتهديد للحرية ولكن كأفضل أمل للحرية. ويكون السؤال الأول في أي عملية إطلاق نار تشارك فيها الشرطة، “أين كاميرا الجثة؟” وكأن من البديهي مراقبة الضباط أينما ذهبوا. ويزداد الأمر سوءً. طالبت لجنة اختيار مجلس النواب التي تحقق في غارة السادس من  كانون الثاني \ يناير الماضي على مبنى الكابيتول بسجلات -لم يُطلب منها ذلك- 15 شركة من شركات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك تويتر وتيكتوك وغوغل وسنابشات وفيسبوك. تريد اللجنة “السجلات، بما في ذلك البيانات والتقارير والتحليلات والاتصالات التي تعود إلى ربيع العام 2020” “المتعلقة بانتشار المعلومات المضللة والجهود المبذولة لإلغاء انتخابات 2020 أو منع التصديق على النتائج والتطرف العنيف المحلي و نفوذ الأجانب في انتخابات 2020 “. ويعد اتساع نطاق هذا الطلب المذهل أمراً صادماً، كما هو الحال مع توقع إمكانية تكليف شركات وسائل التواصل الاجتماعي بتحديد “الاتصالات” الشخصية “التي ترتبط [] بانتشار المعلومات المضللة” أو تشكل “تطرفاً عنيفاً محلياً”. وبالتالي، يطمح جزء ذو مغزى من يسار الوسط، لا يقل عن اليمين، إلى المراقبة على مدار الساعة لمن لا يثق بهم، ويعتمد، مثل اليمين، على المراقبة، معتقداً بصور خاطئة، أن المراقبة سوف توفر له عرضاً دقيقاً ونزيهاً من الأحداث المتنازع عليها.  ويبدو ارتباط  اليسار بالمراقبة شديد الإحكام، ارتباط مثل اليمين، بالتحذيرات غير الناجحة بشأن “الأخ الأكبر”. وهكذا أصبح توقع المراقبة جزءً مقبولًا -في الواقع، مرحباً به- من المشهد الثقافي.

الحدود

كان من الشائع في العقد الذي سبق 11 سبتمبر، بالنسبة للمثقفين، توقع نهاية الدولة القومية وصعود “عالم بلا حدود”. قيل لنا إن العولمة، ولاسيما الاتجاه المتسارع نحو التكامل الاقتصادي العابر للحدود القومية، ستجعل الدولة عرضية على نحو متزايد. وأعلن، بثقة، كادر متزايد من الأكاديميين وأنبياء الأعمال والسياسيين زوال الجغرافيا، ولم يتوقعوا فقط الحركة الحرة لرأس المال، ولكن حركة العمالة الحرة أيضاً. وسوف تتلاشى الحدود لتصبح عرضية أيضاً؛ ولن يكون للحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك أهمية أكبر من خط ماسون ديكسون. وفي 2 تموز (يوليو) 2001، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال افتتاحية تدعو، كما فعلت منذ عقود، إلى تعديل دستوري من شأنه أن يضمن “حدودًا مفتوحة ليس فقط للسلع والاستثمار ولكن للأشخاص أيضاً”. ولكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر  حطمت هذه الرؤية، فجعلت الحديث على الفور عن عالم بلا حدود هرطقة. كما قال الصحفي دانيال دينفير في كتابه “النزعة الأصلانية لجميع الأمريكيين All-American Nativism (2020): نظراً لأن الجيش الأمريكي جعل” العالم الإسلامي” الواسع في ساحة معركة، أصبحت البلاد قاعدة وطنية، تتطلب حدودها أقصى قدر من التحصين. وفي غضون ساعات من الهجمات، أعادت المنظمات المناهضة للهجرة تنظيم رسالتها للاستفادة من الواقع الجديد. وربط دان شتاين، المدير التنفيذي (الآن الرئيس) لاتحاد إصلاح الهجرة الأمريكية، الأمن القومي بسرعة بالحدود المشددة. وقال إن “دفاع الأمة ضد الإرهاب قد تآكل بشكل خطير بسبب جهود دعاة فتح الحدود، وقد دفع الضحايا الأبرياء للهجمات الإرهابية اليوم الثمن”. كما سخر ستيفن كاماروتا من مركز دراسات الهجرة من دعاة فتح الحدود ووصفهم بأنهم “محتالون إيديولوجيون”. وفي خلط صارخ وواضح بين المهاجرين والإرهابيين، دعت أصوات المواطنين معاً  Voices of Citizens Together ومقرها كاليفورنيا بالقول، “أعطونا المتعبين والفقراء والإرهابيين.”

وأصدر الكونغرس، بهدف خدمة التركيز الجديد على مراقبة الحدود، قانون الأمن الداخلي في العام 2002، والذي أنشأ وزارة الأمن الداخلي وسن أكبر عملية إعادة تنظيم للحكومة الفيدرالية منذ إنشاء وزارة الدفاع في العام 1947. كجزء من إعادة التنظيم، وتمت إعادة هيكلة الكيانات العديدة المكلفة سابقاً بأمن الحدود -بما في ذلك دائرة الجمارك والهجرة والجنسية ودوريات الحدود- كجزء من الأمن الداخلي، وأعيد تخصيص العديد من مسؤولياتها إلى الوكالات التي تم تشكيلها حديثاً من مكاتب الهجرة والجمارك ICE  وحماية الحدود. وارتفع، منذ ذلك الحين، التمويل والموظفين لتأمين الحدود بشكل كبير، حيث تضخم الرقم من 5.9 مليار دولار و 10700 عميل في العام 2003 إلى 17.7 مليار دولار و 19700 عميل في عام 2020، وكلها تظهر أن الفيلسوف الفرنسي ألكسيس دي توكفيل كان على حق حين قال: ” كل الرجال العباقرة العسكريين مغرمون بالمركزية التي تزيد من قوتهم. وجميع الرجال العباقرة المركزيين مغرمون بالحرب، الأمر الذي يجبر الأمم على الجمع بين كل سلطاتها في أيدي الحكومة”. وسوف يكون، بالتالي، من الصعب المبالغة في التأثير الكامل لأحداث 11 سبتمبر على الحدود. إن تأطير الإرهاب كتهديد وجودي رفع أمن الحدود إلى مستوى ضرورة وطنية. فما كان دائماً طموحاً للكثيرين -حدود “أقوى”- أصبح فجأة مسألة بقاء. وبما أن السيطرة الكاملة على الحدود كانت وستظل دائماً تشكل نوعاً من الاستحالة المادية، فقد أصبحت الحدود بمثابة رمز دائم للضعف الوطني. وأصبحت الحدود الآمنة، مثلها مثل  الاستخبارات الكاملة، هي الشيء الذي يجب أن نمتلكه، ولكن لا يمكننا تحقيقه أبداً. وسوف يكون أي موقع يتمتع بمثل هذا القلق العام الكبير غير القابل للحل متاحاً للتلاعب السياسي: إذ يمكن أن يتحول الهدف من إرهابي مسلم إلى مغتصب مكسيكي والعودة بينهما مرة أخرى، لكن التهديد المزعوم للحياة الوطنية يظل كما هو. لم تكن الحدود تعني قط حراسة وتسييج وعسكرة إلى هذا الحد من قبل، لكن فكرة الحدود لم تكن قط خطيرة ومخيفة للغاية. فإرهاب الحدود هذا، هو إرث 11 سبتمبر، وهو الذي أعطى تغريدة ترامب فعاليتها: “أمة بلا حدود ليست أمة على الإطلاق”.

القسوة التي تقرها الدولة

يعرف أي شخص مطلع على تاريخ الولايات المتحدة أن الأمريكيين لديهم دائماً قدرة دقيقة على القسوة. لكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر أطلقت العنان لسلالة خبيثة على وجه الخصوص من دافع يميل للاعتقاد بأن البعض بيننا أقل من مرتبة البشر. ولم يعتنق الأمريكيون التعذيب على الفور. فقد نشرت واشنطن بوست، في أواخر تشرين الأول\ أكتوبر 2001، مقالاً عن عدد من المشتبه بهم المحتجزين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي والذين رفضوا التحدث. كان العملاء محبطين. “نحن معروفون بالمعاملة الإنسانية.. [لكن] يمكن أن تصل إلى ذلك المطرح حيث يمكننا الضغط.. ونحن على الأرجح سنصل إلى هناك”. أثارت المقالة الجدل حول التعذيب، لكن اليمين واليسار رفضوا ذلك بشكل قاطع. وبعد ظهور مقال واشنطن بوست، أجرى مذيع فوكس نيوز جون سكوت مقابلة مع إريك هاني، العضو المؤسس لوحدة العمليات الخاصة في الجيش. وسأله سكوت، “ربما يكون تكتيك الذراع القوية قليلاً مفيداً بعض الشيء للحصول على بعض المعلومات التي نحتاجها؟” فأجاب هاني: “لن يفيد مثل هذا التكتيك”. “سوف لن يعطي نتائح نتحصل بموجبها على المعلومات التي تحتاجها.. بل هذا التكتيك يؤدي، دائماً، إلى نتائج عكسية”. لم نكن نعرف ذلك في ذلك الوقت، لكن كما قال المعلقون، بدأت الحكومة بالفعل في النظر في استخدام التعذيب. وفي أواخر آذار\  مارس 2002 ، ألقى عملاء أمريكيون القبض على أبو زبيدة في مداهمة في باكستان. وقد اعتقدوا، في ذلك الوقت، أنه كان عضواً رفيع المستوى في القاعدة ولديه معلومات قيمة حول الهجمات السابقة والمستقبلية ضد الولايات المتحدة. ولضمان عزلته، نقلته وكالة المخابرات المركزية إلى أول موقع أسود لوكالة المخابرات المركزية للحرب على الإرهاب، وهو سجن سري في تايلاند. في البداية، تم استجوابه من قبل عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي ذوي الخبرة الذين يتحدثون العربية ولديهم معرفة طويلة بالقاعدة. استخدموا أساليب الاستجواب التقليدية غير القسرية، وأبدى أبو زبيدة تعازناً ملحوظاً. ومع ذلك، فإن ما قاله للعملاء لا يتطابق مع ما تعتقد وكالة المخابرات المركزية أنه يعرفه. واقتناعا منها بأنه كان يتراجع، نقلت وكالة المخابرات المركزية مسؤولية استجوابه إلى مقاول يعمل لصالح وكالة المخابرات المركزية، وهو عالم النفس جيمس ميتشل، الذي انضم إليه لاحقاً زميله في الاختصاص بروس جيسن. وبدء ميتشل وجيسن عملهما في التحقيق مع أبو زبيدة في صيف العام 2002 ، وهما لا يمكان أدنى خبرة عن تنظيم القاعدة أو الأصولية الإسلامية. في الحقيقة، لم يجر ميتشل وجيسن  استجواباً قط، ولم يتلقوا أي تدريب عن الإرهاب أو عن كيفية تطبيق القانون، ولم يكونان يتكلمان العربية أيضاً، باعوا لوكالة المخابرات المركزية ما يمكن القول عنه “برنامج استجواب محسّن ” كان فيه أبو زبيدة عبارة عن حيوان تجارب مثل خنزير غينيا. فقاما بتعذيبه لمدة عشرين يوماً متتالية في آب\ أغسطس2002، عذبوه. وربطاه ثلاث وثمانون مرة، على لوح بوضعية رأسه أدنى من قدميه بينما كانا يسكبان الماء في أنفه وأسفل حلقه. وكانا ي فعان اللوح عندما يبدأ أبو زبيدة يعتقد أنه سيغرق فعلاً، فيسمحان لهـ للحظة، بالتقيؤ  واللهاث، ثم يعيدان الكرة من جديد. وخلال إحدى الجلسات، أصبح أبو زبيدة “لا يستجيب لما بقومان به، مع تصاعد الفقاعات من فمه المفتوح الممتلئ”. كما قام ميتشل وجيسن، في مناسبات أخرى، بصفعه وضربه في الجدران، وإجباره على الدخول في صندوق طويل وضيق بحجم التابوت، فضلاً عن وضعه في صندوق آخر صغير  يكاد يصلح وضعه تحت كرسي، حيث تُرك لساعات. كما تعرض مرة واحدة على الأقل، لـ “تجفيف المستقيم”. وكان الهدف من هذا  “تحريض العجز التام” و “الوصول إلى المرحلة التي نكسر فيها أي إرادة أو قدرة على المقاومة” ، بحيث يمكن لوكالة المخابرات المركزية “تقويمه بثقة” أنه لم يكن يحجب أي معلومات. وقد نجحا عند هذا الحد، فبحلول اليوم السادس من التعذيب، كان أبو زبيدة يبكي  وينشج وينتفض وينفخ. لقد كان محطماً لدرجة أنه امتثل للأوامر بمجرد لمسة إصبع. في تلك المرحلة، اعتقد ميتشل وجيسن أن أبو زبيدة ليس لديه المزيد من المعلومات ليقدمها وأوصيا بوقف التعذيب، لكن وكالة المخابرات المركزية لم توافق. لذلك استمر التعذيب لمدة أسبوعين آخرين، “على مدار 24 ساعة تقريباً في اليوم” ، إلى أن خلصت وكالة المخابرات المركزية إلى أن أبو زبيدة كان يقول الحقيقة طوال الوقت “وأنه لم يكن لديه أي معلومات جديدة عن التهديد الإرهابي”. لم تعد الولايات المتحدة تؤكد أن أبو زبيدة كان عضوا في القاعدة أو أن له أي علاقة بهجمات 11 سبتمبر.

أعترف أنني لست محايداً هنا. لقد مثلت أبو زبيدة منذ خمسة عشر عاماً. كما قمت بتمثيل ممدوح حبيب، وهو مواطن أسترالي تم ترحيله من قبل الولايات المتحدة من باكستان إلى مصر، حيث تعرض لمجموعة متنوعة من أشكال التعذيب المبتكرة التي شملت تهديداً بالصعق بالكهرباء، وتحجزه في غرفة صغيرة مملوءة بالماء تدريجياً، و إطلاق كلب الراعي الألماني عليه. أطلق سراح حبيب في العام 2005. بينما لا يزال أبو زبيدة في غوانتنامو، دون توجيه أي تهمة له. وثمة 39 شخصاً، على الأقل،  من أصل 119 محتجزاً ، تم “تعزيز” استجوابهم من قبل وكالة المخابرات المركزية. وهذا لا يشمل أولئك الذين تم تسليمهم إلى دول ثالثة تتمتع بسمعة معروفة في التعذيب، كما لا يشمل السجناء الذين تعرضوا للتعذيب أثناء احتجازهم في وزارة الدفاع. كانت فضيحة التعذيب أكثر بكثير من مجرد ممارسة طقوس الوحشية. كانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها القيام بالتعذيب علانية وتشجيعه على أعلى المستويات في الحكومة الأمريكية.

لا يمكن تتبع الصلةـ على وجه اليقين، بين فضيحة التعذيب وبعض نوبات الوحشية الحديثة، وأنا هنا لا أقترح أي شيء مباشر كعلاقة سببية بين الماضي والحاضر. لكني أعلم  أن أمة لا تتراجع عن فكرة وضع الشخص في حيز يرى موته بعينيه مراراُ وتكراراً، لن تمانع من تأييد فكرة تجريد الأطفال الأبرياء من والديهم وحبسهم في أقفاص على الحدود. نحن نقبل الهمجية التي تقرها الدولة على حساب أرواحنا.

دائماً ما يكون للتاريخ الكلمة الأخيرة، ولا ندري ما الذي ستعنيه أحداث الحادي عشر من سبتمبر في تمام الزمان. وأظن، في النهاية، أن إرث الحادي عشر من سبتمبر سوف يكون ملايين من الأرواح التي دمرناها في أعقابها، و يأتي هذا التدمير المتواصل من الفرضية السامة القائلة بأن البعض منا خارج دائرة الاهتمام الإنساني، وأن علينا أن نقرر من هم. ففي نهاية هذا الطريق توجد بؤس لا تستطيع الحدود احتوائه، ولن تمنعه ​​المراقبة، ولن تبرره الحرب أبدا.

….

المصدر:https://bostonreview.net/war-security/joseph-margulies-911-forever

عن محمود الصباغ

كاتب ومترجم من فلسطين

شاهد أيضاً

بيان بيدرسون في الذكرى السنوية “للصراع السوري”

في  ذكرى ” الثورة المغدورة”، لا يجد هذا الفَقِيه الأممي ما يقدّمه للسوريين سوى  الإصرار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *