مقاطع من سيرة ذاتية (13).

الورقة الثالثة عشرة.

متأخراً… مشيت في طريق النحل.

صارت أغنية فيروز أحلى.

( أنت وأنا ياما نبقى

نوقف على حدود السهل

وعلى خط السما الزرقا

مرسومة طريق النحل

……….

ضل تذكرني وتذكر

طريق النحل….).

الندم الحقيقي الوحيد، الذي أعترف به، لا يتعلق بأفعال أو تجارب أو مواقف مررت بها طوال حياتي، إنه ندم على مالم أفعله مبكراً، ندم على تأخري عن مصادقة النحل والعمل مع” خلايا النحل”. طريقي إلى النحل لم أسلكه حباً بالعسل، وإن كان عامة الناس يعتبرونه ألذَ وأطيب ما يأكلون. جاء اختياري لمهنة تربية النحل، حباً باكتشاف عالم هذا المخلوق المميز بنظام حياته، فهو نظام مدهش مليئ بالأسرار الدقيقة، أسرار لا تقف عند حدود إنتاجه للعسل. قرأت منذ فترة فكرة لكارل ماركس، في منشور على صفحة أحد الأصدقاء على الفيس بوك، تقول: إن الحقيقة الكاملة موجودة فقط في حياة النحل. ماذا يقصد ماركس بالضبط من تلك الفكرة، إن كان فعلا قد قالها؟، ليس لدي جواب على ذلك لكنني أعجبت بالفكرة.

يسمِي عامة الناس بيت النحل “قفِير”، وفي المصطلح العلمي تسمَى” الخلية”. هي خلية تختلف عن ” الخلايا الأخرى” خلايا الأحزاب والتنظيمات السياسية، تلك التي خبرتها طويلاً، وعايشتها. في الأخيرة ما يطلق عليه” الخلايا” هي تشبه أعشاش الدبابير، ولا تشبه إطلاقاً خلايا النحل. من سوء حظي أنني تعرفت على خلية النحل بعد أن استهلكت خلايا الدبابير أطول فترة في حياتي. في خلية النحل تنظيم دقيق للعمل، وتوزيع للمهام، لا سلطة فيه إلا للشغالات، وبما يخدم استمرار حياة الخلية وقدرتها على إنتاج شروط حياتها واستمرارها وتجددها. وخلية النحل تنتج أكثر مما تستهلك. أما أهم قانون للخلية هو مصير” الملكة” وبقائها في” منصبها”. النحل وبشكل جماعي هو من يقرر تغيير الملكة عندما تقتضي الضرورة ذلك، ضرورة الاستمرار والتطور والعطاء. الملكة لا تصارع الشغالات، هنَ من يدرسن واقع الخلية ومقتضيات حياتها، فإذا كانت الملكة تستحق الاستمرار، تواصل الشغالات إطعامها وتوضيب البيوت السداسية لتضع فيها بيوضها، وعندما تتراجع قدرة الملكة على إنتاج البيوض المطلوبة لتكوين” جيش النحل” اللازم لتتقن الخلية عملها، تقرر الشغالات الاستغناء عنها، إما بإلقائها خارج الخلية، أو بالقضاء عليها. يتم ذلك مترافقاً مع تحضير الشغالات لملكة جديدة شابة، وعند خروج الملكة الشابة من محضنها، يحدث ما يدعى” التطريد”، ملكة قديمة تخرج مع جزء من الشغالات، ويبحث جيش الشغالات عن” بيت لهم ولملكتهم”. واجب مربِي النحل هنا يكون بالتدخل لمنع التطريد وإجراء عملية، يطلق عليها التقسيم، لاستباق التطريد الطبيعي.

الأنثى الوحيدة في الخلية هي الملكة، أما بقية جيش النحل فينقسم إلى جنسين: الشغالات والذكور. عدد الذكور تقرره الشغالات، فهن من توجهن الملكة لتبيض بيوضا تنتج الذكور، بيوض ليست ملقحة، تعد لها الشغالات ” عيوناً سداسية” أوسع من عيون البيوض التي تنتج الشغالات. حياة الذكور قصيرة، عندما ينتهي وقت الحاجة لتلقيح الملكات، تتخلص الشغالات من الذكور، بالقضاء عليهم، وبالتوقف عن توجيه الملكة للبيض الذكوري. يقوم ذكر النحل بمهمته ثم يقضى عليه، لانتهاء الحاجة له. ( لابد من مقابلة هذه الحقيقة عن ذكور النحل بعبارة رددها ياسر عرفات خلال الصراع السياسي مع الأنظمة، وتحديداً مع محاولات حافظ أسد للسيطرة على القضية الفلسطينية، “عايزيني ذكر نحل، أنا مش ذكر نحل”).

يخشى الناس من لسع النحل، وهم يجهلون لماذا يلسعهم النحل، وأخيراً توصل العلم إلى فوائد اللسع لعلاج الكثير من الأمراض، خاصة “تضيُق الشرايين، وآلام الأعصاب، وضعف وظائف الكبد”.

النحل ليس عدوانياً، لا يهاجم، إلا حين يشعر غريزياً بتعرض” وطنه- بيته- خليته” للخطر. ومن سحر قوانين الطبيعة، وتراجيديتها، أن النحلة تلسع مرة واحدة في حياتها ثم تموت. إنه درس معقد فلسفياً وبيولوجياً. إبرة اللسع إن بقيت في جسم النحلة ستكون خطراً على حياة الخلية إذ يمكن أن تتلوث الإبرة بدم الكائن الملسوع، وتنقل منه أحد الأمراض لجيش النحل. كما يمكن أن تنقل المرض من كائن إنساني أو حيواني لكائن آخر إن لسعته بعد لسع سابق، لإنسان أو مخلوق آخر، (يلسع النحل كل حيوان يقترب من مدخل الخلية، كالحردون أو الغرير أو الفئران أو الجرذان، ويلسع خصمه الأبدي الأخطر، الدبور).

يفرض النحل على النحَال الاحترام. تستفزه رائحة عرق الجسم، وهو مايجعل استحمام النحّال، قبل الذهاب للعمل بخلايا النحل، ضرورياً. الأدرينالين الذي يفرزه جسم النحّال في حالة الخوف، وهو ما يحصل مع النحّال المستجد، يوتِر النحل، لأن الملكة تقوم بحركات مضطربة عندما تشم الأدرينالين، فيضطرب معها النحل ويبدأ بالخروج لمواجهة خطر ما، فيهاجم النحّال .كما تجذبه رائحة العطر فيهاجم موضعها، ويتوتر من الألوان القاتمة، الأسود خاصة، فاختيار اللون الأبيض الناصع، لباساً خاصاً للنحّالين، نشأ عن معرفة تلك الحقيقة. والصوت يقلق النحل، حتى صوت الكلام قرب الخلية، وحركات النحّال خلال العمل، إن صدر عنها صوت من ارتطام العتلة بخشب الخلية، فيخرج شرساّ لاعتقاده بهجوم خارجي، ويستخدم سلاحه على الجسم المتحرك، وعليه فإن المرأة، لتميزها بالصبر والتأني والرقة، أفضل من الرجل للعمل مع النحل لهدوء حركاتها، في بلادنا، مع الأسف، لم أعرف إلا القليل من النساء يعملن بتربية الخلايا، ومعهم” محرم”.

أهم درس للحماية من اللسع، إن شن النحل هجوماً على أحد، هو الثبات وعدم القيام بأي حركة، والجلوس على الأرض أفضل.

يجب علي تقديم شكري وامتناني للصديق المهندس الزراعي سعيد السعدي، معه وبصحبته ومساعدته، وبتشجيع منه، دخلت عالم النحل الساحر والموحي. هو اكتشف آهليتي لأكون نحّالاً، بعد أن رافقته أكثر من مشوار إلى منحله, في المشوار الثاني، بعد انتهائنا من العمل الممتع، قال لي: أنت مؤهل لتكون نحّالاً، فوافقت.

قرر أن ” يبيعني” أربع خلايا من خلاياه، على أن أدفع ثمنهم بعد موسم القطاف. وصار لي، بدءاً من أربع خلايا منحلاً لا بأس به. للحقيقة “ضحك عليَ أبو سلام”، فبعد موسم القطاف الأول لم يقبل استلام ثمن الخلايا الأربع، واعتبرهم هدية لي. عموما علاقتنا في مجال العمل لم يكن فيها حساب للجانب المالي ” كل شيء على البركة”، وكانت بركة عملنا كبيرة. كنت روحياً ونفسياً أشعر بأن ألف ليرة من مردود عملي بالنحل تعادل خمسة أضعافها من مردود ” مهنة الكتابة للصحف والمجلات” التي اضطررت لها بعد خروجي النهائي والأبدي من أعشاش” الدبابير” في العام 1994.

منتوجي من عمل خلايا النحل لم يقتصر على العسل. لقد تعلمت صناعة كريمات متنوعة من العسل والشهد “والبروبوليس- العكبر” وإضافة نوع من الزيوت النباتية مثل زيت اللوز. وهذه المراهم- الكريمات، كنت على الأغلب أقدّمها هدايا للعائلات الصديقة، وأحياناً أبيعها بسعر مقبول. كما صنعت قطرات للحنجرة والفم ومشكلات البلعوم من زيت اللوز والعكبر.

هناك منتوج آخر للنحل: “خبز النحل” المعروف بغبار الطلع أو حبوب اللقاح، وهي مادة كثيرة الفوائد غذائياً وطبياً، غير أن مراعي النحل في سوريا لاتكفيه لينتج ما يفوق حاجة الخلية لتربية بيوض ويرقات النحل حتى تكتمل. كنت أشتري حبوب اللقاح، لي ولأسرتي وأصدقائي، للاستهلاك فهي مفيدة جدا لتنشيط الذاكرة، ولحماية غدة البروتستاتا عند الرجال من التضخم وبقية المشكلات، زد على ذلك فائدتها لتحسين عمل الجهاز الهضمي وحمايته من الأمراض المعروفة التي تصيب المعدة والقولون.

يبقى غذاء الملكات، فهو وسم الأفاعي، فيهما أعلى بروتين في الطبيعة، ومنه تصنع أيضاً  كريمات التجميل، ويدخل في صناعة أدوية أخرى. في بلادنا، الثقافة السائدة  تختصر بفائدة غذاء الملكات لتحسين الطاقة الجنسية عند الرجال، وهو صحيح علمياً، لكن “لا يصلح العطار ما أفسده الدهر”، وإنتاجه يحتاج إلى جهد دقيق، أشبه ما يكون بعملية جراحية للدماغ، لكن مردوده كبير مادياً. مرة واحدة قمنا، صديقي سعيد وأنا، بخوض غمار تجربة إنتاجه، وخلال شهر واحد أنتجنا 40 غراماً منه، ولم نتابع لأن أموراً لوجستية لم تسمح لنا بالمواظبة على إنتاجه.

يبقى العسل هو المنتج الأهم والأكثر جدوى للنحًالين. لم أكن استهلك كثيراً منه، فأنا بداية لا أحب المذاق الحلو، ثم أُصبت مطلع الألفية الثالثة بسكر الدم، فأصبحت مضطراً للابتعاد عن أكل العسل بكثرة. رائحته خلال القطاف، عندما نفتح الخلية لرفع إطارات العسل، ثم في مرحلة فرزه عن إطارات الشهد، كانت تكفيني. إنها رائحة تفوق كل ماعرفته من العطورات. فيها تندمج روائح رحائق مئات الأزهار البرية، والأزهار المثمرة.

إن أردت تحديد أجمل أيام حياتي، سأقول بلا تردد: إنها أيام صداقتي مع النحل، عندما صرت نحّالاً، فكنت في مواسم الانقطاع عن زيارة النحل، في الشتاء، من أواخر تشرين الثاني وحتى منتصف شهر شباط، أحلم بالنحل ليلاً يلسعني فأستيقظ مبتهجاً.

النحل يكره الرحيل. وأنا أيضاً. لكنني رحلت بالإكراه، بعد أن أصبحت حياتي صعبةً جداً، والخطر يهددني إن بقيت في سوريا، خاصة إن أردت القيام بالحد الأدنى من واجبي نحو أبناء الشعب السوري في غمرة انتفاضته ضد الاستبداد ومن أجل الحرية.

قبل رحيلي، صار ممنوعاً عليَ الوصول إلى منحلي، بذلك بقي النحل عرضة للموت، فهو يحتاج إلى الخدمة والعلاج وتبديل الإطارات، والمراقبة الدائمة خاصة قبل المبيت الشتوي في شهر تشرين الثاني، ومشتى للنحل يجب أن يكون في مناطق دافئة، نحلي كان في سفوح جبل الشيخ، فصل الشتاء فيه لا يناسب حياة النحل إطلاقاً.

لا بدَ من ترحيل النحل إلى منطقة دافئة نسبياً في فصل الشتاء. فمضيت لترحيل خلايا النحل، ولم أكن أتوقع أن “أمن الممانعة والمقاومة” ولوازم الصمود بوجه ” المؤامرة الإمبريالية الصهيونية”، وربما هو من “يوهن نفسية الأمة”، أو أنه- النحل، ينتمي ” للعصابات المسلحة”. اتجهت إلى مكان النحل، ولم يساورني الشك بعودتي مهزوما دون إنجاز المهمة.

أوقفني حاجز المخابرات عند مفرق كفر حور، على طريق سعسع، المؤدي إلى القنيطرة، طلب الرجل المدجج بالبنادق والمسدسات، والمختبئ خلف نظارته السوداء، تصريح العبور. لم يقبل بطاقة تعريف أحملها، من جمعية الفلاحين، تُبيِّن أنني نحّال. قبل أسبوع مررت من هناك، ولم يمانع الحاجز.

أبلغني “رامبو”، المزنر بكل الأسلحة، بقليل من الكلمات، ممزوجة مع نظرات تهديد، أن موافقة فرع مخابرات المنطقة بدمشق لا بد منها ليأذنوا لنا بالعبور. تشاورت مع زميلي النحّال ع. ش، ونحن راجعين مبتعدين عن خلايا نحلنا في بلدة “عرنة” على سفوح جبل الشيخ.

على مضض قررنا السعي للحصول على إذن، وكنت متردداً بداية. حبي الكبير للنحل، وميل زميلي النحّال لتقديم الطلب، حسما أمر موافقتي على طلب الإذن من “فرع مخابرات المنطقة”. مشينا في ذلك الطريق المرعب، الذي يحتل المسافة بين طريق مشفى الأسد الجامعي، المتجه إلى أتوستراد المزة، وبين طريق الجمارك المتجه إلى البرامكة. تجثم على ذلك الطريق أبنية تشغلها فروع متعددة للمخابرات السورية، في نهايته، بعد مرورنا على حواجز مدججة بالسلاح، ورجال لهم ملمح واحد، تتصاعد منه القسوة، ويخلو من أية علامات للإلفة البشرية. قطعنا المسافة نحو “فرع المنطقة” بشق الأنفس، ليس من طول المسافة إنما من رائحة الصمت القاتل في ذلك الطريق.

رفض رجل المخابرات الجاثم وسط “الكولبة” على مدخل الفرع طلبنا، وقبل أن نستدير للمغادرة، قال: ” بإمكاني مساعدتكم، ودفع بورقة بيضاء لنقدم عليها طلباً مكتوباً موجهاً لمسؤول الفرع”. وأبلغنا أن نعود بعد أسبوع.  كنت شبه متأكد أنهم لن يوافقوا، في الحقيقة لم تكن تشغلني، بعد تقدبم الطلب، الموافقة أو عدمها. فتجربتي مع هذا الصنف من “الأجهزة” علمتني أن أي اقتراب منهم، ولأي سبب كان، يمكن أن يؤدي إلى المجهول. ما كان يشغلني هو قيامهم بإلقاء القبض عليّ، مجرد تمرير أسمي على “التفييش”، فملفي قديم” وأسود”. قليلٌ من الاطمئنان كان لديّ، فحين كتبت اسمي على الطلب، سجلت لقب العائلة “العلي” وليس “الولي”، اعتقاداً مني بتخفيض نسبة قيامهم  بزجي بأقبيتهم .

تنفست الصعداء، عندما عدنا بعد أسبوع لمعرفة النتيجة، فبهزة رأس من “رجل الكولبة”، وعن بعد، فهمنا أن لاموافقة على عبورنا إلى المناحل. لم نكمل طريقنا نحوه استدرنا راجعين، دون أي أمل بالوصول إلى موقع خلايا النحل في موسم ترحيله الشتوي، ولا حتى بوقت قريب، لأن استحقاقاً آخر كان الشعب السوري بانتظاره، حيث تصاعدت التحركات الشعبية العفوية في أرجاء سوريا تطالب بالحرية (أيلول 2012).

خسرت النحل حين أغلقوا عليَ “طريق النحل”، فالمناخ البارد في جبل الشيخ لا يصمد فيه النحل، وبعد سنتين، حين خسرت بيتي في مدينة داريا، الذي دمروه بعبوة ناسفة، هو وبيوت الحي جميعها، صار كل شيء في خبر كان. أصبح النحل ذكرى، فحتى أدوات العمل لفرز العسل وتحضيره بعبوات، وصناديق الخلايا الخشبية، ذهبت إلى غير رجعة، ممزقة بالمواد المتفجرة. لم أر أشلاءها، رأيت على تطبيق غوغل للخرائط، كل المساحة التي تشغلها بيوت الحي، ممهدة فبات كل شيء أثراً بعد عين، حتى ولا أثر.

عندما وصلت بلد اللجوء، لم أنتظر كثيراً لأستعيد علاقتي مع النحل. كنت أدعوه ليأتيني في نومي، يلسعني ويكثر اللسعات. أتى مرة واحدة بين أيلول 2015 ونيسان 2016، استيقظت مبتهجاً من زيارة لسع، ولم تكفيني زيارة واحدة منه. في نيسان، وأنا ذاهب للتسوق في بلدة “شتادت أولدن دورف”، القريبة نسبياً من هنوفر، غمر مسامعي طنين يملأ الفضاء، نظرت إلى شجرتي كرز غير مثمرتين، كانتا كتلة بيضاء كبيرة، ومن بين أزهارها، موسيقى جميلة تصدر عن أجنحة النحل، وهو يتنقل من زهرة لأخرى، قبل أن يغادر ليضع جناه من الرحيق وحبوب اللقاح في الخلية. جلست تحت الشجرتين، ودخَنت سجائر كثيرة، وعيني معلقتان على النحل والأزهار.

رحت أسأل عن تربية النحل في البلدة. كان الجواب المفيد عند رئيسة البلدية السيدة” شتيما”، أبلغتني أنها تعرف نحّالاً. وستأخذني اليه. وبعد أيام قليلة رافقتها بسيارتها إلى منحل لصديقها الألماني، تبادلت معه القليل من الكلام، بالألماني، والباقي بالإشارة. عرف أن رغبتي السريعة مشاهدة الخلية من الداخل. فتحت واحدة دون قناع واقي، بثيابي العادية، كان هو يدقق بحركاتي وهدوئي، ووعدني أن أعمل معه بعد أن أنتهي من كورس اللغة B.1. وبينت له أنني لا أريد مالاً مقابل عملي. المهم أن أعيش حياة النحل. ووعدت السيدة شتيما أن أهديها العسل، عندما أبدأ موسم العمل.

إنتقالي إلى برلين شغلني، أربك أوقاتي، وبحثت عن نحّال فيها، وجدت من يرشدني إليه، هاجمتنا كورونا فأوقفت كل شيء. سأتابع البحث لأعمل مع النحل.

ولكن أغنية فيروز “طريق النحل” ليست هنا بذات الجمال والمعنى.

على أي حال، لم أمش بعد في طريق النحل هنا.

ولم يأتيني ليلسعني في الحلم.

عن مصطفى الولي

شاهد أيضاً

في جدليّة الكاتب الإنسان والكاتب الاصطناعي

لا شكّ في أن الكتابة عبر الذكاء الاصطناعي قد تطورت بشكل كبير خلال السنوات الماضية؛ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *