إسمان يقلقان السوريين في إدارة بايدن ، أخبار سعيدة لليمن الحزين

أعطى بايدن انطباعاً خلال حملته الانتخابية بأن سياسته تجاه الشرق الأوسط والعالم العربي سوف تستند -إلى جانب ما تتطلبه المصالح الأمريكية- على إعادة الولايات المتحدة إلى دورها القيادي في مجالي الديمقراطية وحقوق الإنسان. وكان من ضمن الأحاديث المتداولة، ضرورة الضغط على  الخليج العربي وتحديداً المملكة العربية السعودية من أجل إطلاق سراح معتقلي الرأي كلجين الهذلول، وإجراء إصلاحات جدية باتجاه احترام حقوق الإنسان، خاصة بعد أن تلطخت السمعة السيئة أصلاً للمملكة السعودية بالقضية الفضيحة المتعلقة بمقتل جمال خاشقجي. إلا أن سياسته تجاه سوريا كانت دائماً مجالاً للشك والخوف الذي لعب دوراً كبيراً في ميول السوريين الأمريكيين إلى التصويت لترمب بسبب سياساته التي كانت تُرى على أنها أشد صرامة تجاه النظام السوري.

إسمان يقلقان السوريين:

يبدو أن خوف السوريين الأمريكيين من بايدن كان محقاً، حتى وإن كانت هناك من بينهم أصوات ليست بالقليلة عملت مع الحملة الانتخابية لبايدن وكانت تأمل بأن يكون للسوريين الأمريكيين مقعدٌ ما في منصب ما يسمح لهم بالمساهمة بشكل فعال في اتخاذ القرارات ورسم السياسات الأمريكية تجاه سوريا من جهة، وتجاه إيران من جهة أخرى، ولكن ذلك لم يحصل، فقد انتهت إدارة بايدن تقريباً من تعيين النواة التي ستدير ملفات الشرق الأوسط.

عاد بريت ماكجورك ((Brett McGurk ليشغل منصب منسق شؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي. وكان قد شغل منصب منسق قوى التحالف الدولي للحرب على داعش خلال فترة الرئيس الأسبق باراك أوباما، واستمر يشغل هذا المنصب في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب إلى أن استقال في كانون الأول / ديسمبر اعتراضاً على قرار ترمب الانسحاب من شمال شرق سوريا، إذ اعتبرها ماكجورك طعنة في ظهر الحلفاء الأكراد.

تلوم المعارضة السورية بريت ماكجورك على عدم دعمه للعرب في شرق وشمال شرق سوريا ليكونوا شركاء حقيقيين في قوات قسد. إذ أن ماكجورك كان قد وعد المعارضة السورية بدعم تشكيل جيش من المقاتلين العرب يجمع قبائل شرق سوريا ويبدأ حربه على داعش حينها، واقترح لهذا الجيش اسم جيش تحرير الرقة ولكنه أخلف بكل وعوده للعرب. يبرر ماكجورك موقفه هذا بأنه لم يجد بين العرب في الرقة ودير الزور من تستطع الإدارة الأمريكية التعاون معهم، وهو ما رأت فيه المعارضة السورية حينها تعبيراً عن عدم ثقة إدارة أوباما بالعرب السوريين.  بل وأكثر من ذلك، يتهم ماكجورك بأن سياسته سمحت لإيران بأن تتمدد في استمالة القبائل العربية في دير الزور والاستمرار في نشاطات محاولات التشييع، وبالتالي تثبيت أقدام إيران في سوريا.

هذا يقودنا إلى الاسم الثاني روبرت مالي وهو شخصية مثيرة للاهتمام بسبب موقفه من الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي المؤيد بشدة للفلسطينيين، هذا الموقف ورثه مالي عن والده سيمون مالي ولكن هذا مبحث آخر. يعتبر روبرت مالي من اليسار المؤيد بشدة لعقد اتفاقية مع النظام الإيراني، ويلومه السوريون المعارضون على ما آلت إليه الأمور في سوريا كونه شغل منصب منسق شؤون الشرق الأوسط في عهد أوباما وكان من أشرس المعارضين للتدخل العسكري الأمريكي في سوريا لتفادي أي تعقيدات في المفاوضات مع إيران حينها. اليوم يعود مالي إلى الواجهة كمبعوث أمريكي للمفاوضات مع إيران، وهو منصب سوف يكون متناغماً لا محالة مع مواقف وسياسات بريت ماكجورك، ما يعني العودة إلى التفاوض مع إيران على حساب القضية السورية.

أقصى ما يمكن أن يتأمله السوريون في هذا الواقع هو عودة الولايات المتحدة الأمريكية لتكون الداعم الأكبر في سوريا في مجال المساعدات الإنسانية. فقد تم ترشيح سامانثا باور لإدارة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. باور معروفة بتعاطفها مع القضية السورية ومحاولات دفع الملف السوري في الأمم المتحدة. يحسب لباور ولفريقها في الأمم المتحدة أنها دعت إلى عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي من أجل مخيم اليرموك عندما اجتاحته داعش في العام ٢٠١٥، ونتج عن هذه الجلسة فيما بعد زيادة الدعم الإنساني لمخيم اليرموك من خلال الأنروا.

اليمن الحزين قد يعود سعيداً:

الأخبار غير السارة لسورية في إدارة بايدن كانت أيضاً غير سارة للمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان. فقد ترددت إشاعات كبيرة خلال حملة بايدن الانتخابية عن نيته الضغط على دول الخليج العربي وخاصة السعودية والإمارات من أجل القيام بإصلاحات جدية فيما يخص الحريات ومعتقلي الرأي.

هذه الأحلام بدأت بالتلاشي مع تعيين باربارا ليف سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية السابقة لدولة الإمارات العربية المتحدة لتعمل تحت إدارة ماكجورك لإدارة العلاقات مع دول الخليج، إذ أن ليف تتمتع بعلاقات جيدة وودية معهم، وهو ما يرى فيه الناشطون الحقوقيون مؤشراً على أن سياسة بايدن تجاه دول الخليج سوف تكون ودية.

تتمتع اليمن في الولايات المتحدة الأمريكية بجالية كبيرة ومنظمة، وهي على الرغم من كل انقساماتها، إلا أنها قد تكون من أقوى اللوبيات العربية وأكثرها تنظيماً وتتمتع بشبكة كبيرة من العلاقات مع المنظمات الدولية. كل هذا ساعد وسيساعد اليمنيين في الولايات المتحدة على الاستمرار في الضغط على الإدارة الأمريكية من أجل دعم حل سياسي وإنهاء التورط الأمريكي في اليمن من خلال وقف بيع الأسلحة للعربية السعودية والإمارات. وهو ما يدعمه المرشح السابق للرئاسة الأمريكية والسيناتور القوي بيرني ساندرز. مؤخراً، اتخذت الخارجية الأمريكية قراراً بمراجعة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية إلى حين دراسة الجوانب القانونية لهذا القرار، كما تم تعليق مجموعة من صفقات بيع أسلحة من بينها صفقة مع الإمارات، وهما خطوتان مهمتان باتجاه البحث الجدي عن حل سياسي للحرب اليمنية.

خاتمة:

لا يبدو أن إدارة بايدن ستقوم بأي تغيير جذري في سياساتها تجاه سوريا، بل إن المؤشرات الحالية توحي بالعودة إلى نفس السياسة التي اتبعها الرئيس الأسبق أوباما. ويبدو أن الملف النووي الإيراني والعودة إلى التفاوض سيكون المحور الذي تدور في فلكه سياسة بايدن المنتظرة في الدول العربية في الشرق الأوسط بما فيها اليمن والعلاقات الأمريكية مع دول الخليج العربي.

عن نضال بيطاري

كاتب فلسطيني

شاهد أيضاً

الصراع على أوكرانيا – الجزء الثاني

في  طبيعة ترابط  السياسات الاستراتيجية للولايات المتّحدة الأمريكية تجاه أوروبا والصين  ومنطقة الخليج . لتكريس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *