ملصق لأحد فعاليات حزب اليسار في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني

حزب اليسار السويدي والقضية الفلسطينية: خطوط عامة

 تقدّم  النائب هوكان سفنلينغ عن حزب اليسار مع آخرين بمشروع قرار للبرلمان السويدي بتاريخ 23 أيلول\سبتمبر 2019 من  خمسة عشر بنداً تتناول القضية الفلسطينية من عدة جوانب، بما في ذلك قضية اللاجئين والوضع القانوني و السياسي لمدينة القدس ومستوطنات الضفة الغربية وجدار الفصل في الضفة الغربية، وكذلك رفع الحصار عن قطاع غزة. و اشتمل المشروع في مادته الأولى على ثمانية وعشرين مقترحاً تم طرحها على البرلمان للتصويت بشأنها و تبنيها، ويمكن ذكر بعض النقاط من بين  النقاط الثمانية و العشرين التي تطرقت إليها هذه المقترحات/ والتي أتت بصيغة طلب للحكومة السويدية، للعمل بما يلي:

-تعمل على ترقية القنصلية السويدية العامة في القدس إلى سفارة السويد في فلسطين ( الاقتراح الأول).

-العمل بقوة لمنع بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية ( الاقتراح الثالث).

-المبادرة بوضع علامات على البضائع المنتجة في المستوطنات والعمل على جعل هذا الأمر إجباري في الاتحاد الأوروبي ( الاقتراح الرابع).

-العمل على منع الشركات السويدية من الاستثمار في المستوطنات الإسرائيلية ( الاقتراح الخامس).

-الضغط على اسرائيل من أجل انضمامها لمحكمة الجنايات الدولية (الاقتراح السابع)

-التصرف بما يؤدي إلى منع الاستمرار في بناء جدار الفصل في الضفة والدفع باتجاه إزالة ما تم بناءه فعلاً( الاقتراح الثامن)

-على الحكومة السويدية السعي بأن تدفع بأن تكون قضية اللاجئين على جدول أعمال أي مفاوضات واحترام بنود القرار الدولي  رقم 194 ( الاقتراح العاشر).

-التصرف، بصورة مستقلة ولكن ضمن أطر الأمم المتحدة و الاتحاد الأوروبي، من أجل رفع الحصار عن قطاع غزة ( الاقتراح الحادي عشر).

-التصرف بقوة ووضوح، وبصورة مستقلة وضمن إطار الأمم المتحدة أيضا، إزاء إدانة مرتكبي جرائم الحرب من الإسرائيليين والفلسطينيين، على حد سواء، في حروب إسرائيل على غزة  وتقديمهم للعدالة( الاقتراح الثاني عشر).

-الضغط، بشكل مستقل وضمن إطار الأمم المتحدة، بهدف تحميل إسرائيل المسؤولية الاقتصادية عن الخسائر الناتجة عن حروبها على قطاع غزة ( الاقتراح الرابع عشر).

-العمل، بشكل مستقل، ضمن إطار الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، على حماية الديمقراطية والمجتمع المدني في إسرائيل ( الاقتراح الثامن عشر).

-على السويد العمل على عدم تعميق العلاقات الأوروبية-الإسرائيلية في أي مجال، والمطالبة بتعليق اتفاقية الشراكة الأوروبية مع دولة اسرائيل حتى توقف عن بناء المستوطنات [في الضفة الغربية] وجدار الفصل وترفع الحصار عن قطاع غزة ( الاقتراح الثاني و العشرين)

-وقف تجارة الأسلحة مع إسرائيل وسحب الملحق العسكري من تل أبيب وتعليق كل تعاون عسكري معها. ( الاقتراح الرابع و العشرين)

ولا يكتفي الحزب بطرح بنود هذا مشروع القرار، بل يقدّم أيضاً التعليلات والتفسيرات التي كانت سبباً لهذه المطالب، ومن أهمها:

  -يتقول المشروع في البند الثالث تحت عنوان “السلام يتطلب فلسطين حرة”: طالما لم ينتهِ الاحتلال، ولم يتوقف بناء المستوطنات وطالما لم يحصل الفلسطينيون على حقوقهم الإنسانية، فلا مجال لأي حل سلمي للصراع بين إسرائيل وفلسطين. ولا تشكّل التصرفات الاسرائيلية استفزازاً للفلسطينيين فحسب، بل وللمجتمع  والقانون الدوليين، ولطالما مرّت الجرائم الاسرائيلية دون محاسبة. وإن حزب اليسار يدعم حل الدولتين وأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. وعلى هذا الأساس يرحب الحزب بالإجراء الذي اتخذته الحكومة السويدية في العاشر في الثلاثين من تشرين الأول\ أكتوبر 2014  والمتضمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتبعاً لذلك، على الحكومة  الرقيّ بالقنصلية السويدية العامة في القدس وتحويلها إلى سفارة السويد في فلسطين، وعلى البرلمان السويدي دعم هذا وإطلاع  الحكومة بالأمر.

ويمكن أن نقرأ في تفسير البند الرابع، الذي هو بعنوان “سياسية قوية تجاه المستوطنات الغير شرعية”: وصل عدد المستوطنين الاسرائيليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى أكثر من ست مائة ألف، ويشكّل وجود هذه المستوطنات خرقاً لمعاهدة جنيڤ، ويتم تعريفها بوصفها جريمة وفقاً لمعايير محكمة الجنايات الدولية.  علاوة على الحالة غير القانونية لسياسة التوسع الاستيطاني الإسرائيلية، فهي تمنع إقامة دولة فلسطينية ومجتمع فلسطيني فعّال. وينبغي، بالتالي، إيقاف بناء المستوطنات، وهذا ما سوف يشكّل مفتاحاً هاماّ في عملية السلام، ولهذا على السويد تبني سياسية قوية وواضحة إزاء النشاط الاستيطاني الإسرائيلي.

وتوضيحاً لمعنى ” الإفلات من العقاب” كعنوان للبند الخامس  يقول نص المشروع:  يعدُّ الإفلات من العقاب معضلة أساسية في الشرق الأوسط. فمعظم أو جميع الجرائم ضد الإنسانية وضد القانون الدولي وحقوق الإنسان مرت دون مسائلة أو عقاب. وننظر إلى محكمة الجنايات باعتبارها المنبر الأساسي للعمل على احترام القانون الدولي، وقد انضمت دولة فلسطين للمحكمة بالتوقيع على اتفاقية روما في العام 2015 ، في حين إسرائيل رفضت حتى الساعة الانضمام لها. ولهذا على السويد الضغط على اسرائيل ودفعها للانضمام لمحكمة الجنايات الدولية.

ويذكر البند السادس تحت عنوان “وقف بناء الجدار في المناطق المحتلة” ما يلي:  يمثل بناء الجدار العازل في المناطق المحتلة جزء أساسياً من سياسات الاحتلال الإسرائيلي. وقد شكّل -منذ البداية- مصاعب كثيرة للفلسطينيين، وساهم في عزلهم عن أعمالهم وأقاربهم وأسواقهم. وقد قضت المحكمة الدولية في لاهاي ( 2004) بأن الجدار يشكل اعتداءً على القانون الدولي، بيد أن إسرائيل لم تتوقف عن استمرار العمل في بنائه. ويشكّل الجدار- في واقع الأمر- عقبة رئيسية في طريق بناء دولة فلسطينية، ولعلّ وجود الجدار مع ترافق السياسات الإسرائيلية المرتبطة به يذكّرنا بنظام الفصل العنصري[ الأبارتيد] في جنوب أفريقيا، وبناءً على ذلك، يجب على السويد أن تبادر في التصرف لمنع الاستمرار في بناء الجدار وإزالة ما تم بناءه فعلاً، كما يجب على البرلمان أن يدعم هكذا خطوة ويعلم الحكومة بهذا الدعم.

وجاء في البند الثامن، تحت عنوان “حماية حق العودة للاجئين”:

لقد نتج عن حربي 1948 و1967 موجتي لجوء للفلسطينيين بطريقة لا يمكن وصفها إلا بتطهير عرقي من قبل إسرائيل. ويتجاوز عدد اللاجئين الفلسطينيين اليوم عتبة خمسة ملايين موزعين حول العالم، يعيش الجزء الأساسي منهم في مخيمات يفتقدون فيها لأبسط الحقوق الإنسانية وحقوق المواطنة. وتتوضح هذه الحالة أكثر عند النظر لما يجري لأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سورية بسبب الحرب الدائرة هناك، حيث أُجبر العديد منهم على عيش تجربة اللجوء مرة أخرى. ومن الأهمية بمكان التذكير بأن المادة 11 من القرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة بحق اللاجئين الفلسطينيين يسمح لهم  بالعودة الطوعية والعيش بسلام مع جيرانهم وتعويضهم عن ممتلكاتهم التي خسروها في الحروب السابقة، ولكن إسرائيل لم تحترم بنود القرار و لم تعمل على تنفيذه و لم تقدّم أي تعويضات تذكر أو تسويات حتى الآن.

لن يتحقق السلام في الشرق الأوسط طالما لم تحل قضية اللاجئين حسب قرارات الأمم المتحدة. ويجب على السويد أن تسعى دائماً للدفع باتجاه أن تكون قضية اللاجئين قضية أساسية في أي مفاوضات مستقبلية وأن  يتم احترام و تنفيذ بنود القرار 194، وعلى البرلمان السويدي أن يدعم هذا ويعلم الحكومة بهذا الدعم.

…..

هامش

أثناء إعداد هذه المادة، كنتُ قد توجهت بتاريخ 13| 1\2021 بسؤال إلى السيد توربيان بيورلوند (عضو برلماني سابق عن حزب اليسار ومن قيادات الحزب في مقاطعة أوبسالا، ومهتم بالقضية الفلسطينية) عند بداة اهتمام حزب اليسار بالقضية الفلسطينية ولماذا؟ ، فأجابني كتابياً “باللغة السويدية كما يلي حسب ترجمتي”:

كنا ندعى، في وقت النكبة 1948، الحزب الشيوعي السويديSKP  . في تلك الأوقات كنا على صلة وثيقة بالسوڤييت. وكان حزبنا قد عارض، في حينها، مشاريع التقسيم، وأبدينا تعاوناً ملحوظاً، في هذا الإطار، مع العديدين، ومن بينهم الاتحاد السوڤييتي بهدف  الوقوف بحزم ومقاومة  توسع إسرائيل وترسيخها. لقد كانت الفترة الممتدة ما بين النكبة وحتى حرب الأيام الستة هادئة نسبياً، وأقصد على مستوى نشاطنا. لقد اعتقد الاشتراكيون الديمقراطيون أن إسرائيل هي البلد الاشتراكي الموعودـ لاسيما من خلال تجربة الكيبوتس. ولكن نظرتنا نحن بقيت ترى أن ما حصل من اضطهاد [ قومي] للفلسطينيين هو ببساطة أمر غير عادل.

ازداد انخراطنا في العمل التضامني  من أجل فلسطيني في الفترة  بين حربي 676  وأكتوبر\تشرين أول 19073 أحداث حربي 1967 و1973. كنا قد غيرنا اسم الحزب في ستينيات القرن الماضي إلى حزب اليسار الشيوعي،VPK، ولم تعد علاقاتنا مع السوڤييت وثيقة كما كانت من قبل. وكان العديد من رفاقنا أعضاء حزب اليسار الشيوعي ناشطين بقوة في مجموعات فلسطين التي كانت تركز في نشاطاتها على التضامن مع فلسطين، واستمر دعمنا وتضامننا مع القضية الفلسطينية حتى ضمن أطر الحزب.

بعد سقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوڤييتي في مطلع التسعينيات، غيرنا اسم الحزب مجدداً ليصبح، باسمه الحالي، حزب اليسار. ومنذ تسعينيات القرن الماضي ووصولاً إلى بداية القرن الحالي، بات تواصلنا مكثفاً مع الفلسطينيين من خلال منتديات اليسار الدولي، ومن خلال مشاريع الدعم والتضامن الخاص بنا. لقد سعينا للتواصل مع العديد من الأحزاب والمنظمات في الضفة الغربية وقطاع غزة. وكانت معرفتنا، في تلك الفترة، عن القضية الفلسطينية قد بلغت أوجها، وتمثلت بزيارات عدة لممثلين حزبنا إلى حزب الشعب الفلسطيني الذي كنا نراه حينها حزب شقيق لنا.

تضائل العمل المنظم، للأسف، في السنوات العشر الأخيرة، ومع ذلك،  مازال الكثير من الرفاق في الحزب مهتمين وناشطين في المسائل الدولية، ولكن الأولويات قد تبدلت و تضاءلت أهمية بعض القضايا الدولية و من بينها القضية الفلسطينية. ومازال هناك مجاميع حزبية  تتبع بعض المقاطعات في السويد تبدي اهتماماً مميزاً في الشؤون الدولية ولكن الموضوع مرتبط دائماً بعدد الرفاق المتهمين في هذه المسائل.

وعلى صعيدي الشخصي، لقد كنت ناشطاً في مشروع دعم فلسطين بين الأعوام 2005-2013 ،ولكن النشاط صار قليلاً الآن و ذلك يعود جزئياً إلى تغيير قواعد تمويل الأحزاب والمساعدات المقدمة من الدولة الذي أقرته الحكومة البرجوازية مما جعل الأمور تزداد صعوبة على الصعيد الاقتصادي لنا. و أختم القول، أننا مازلنا نعمل بشكل فعال نوعاً ما بخصوص التضامن مع فلسطين في أجزاء من السويد عبر اللجان الحزبية، لاسيما في مقاطعتي أوستريوتلاند وأوبسالا، حيث تقع عل عاتق الحزبيتين للمناطق تلك المسؤولية عن الملف الفلسطيني.

عن طارق جلبوط

شاهد أيضاً

بيان بيدرسون في الذكرى السنوية “للصراع السوري”

في  ذكرى ” الثورة المغدورة”، لا يجد هذا الفَقِيه الأممي ما يقدّمه للسوريين سوى  الإصرار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *