الروايات الرئيسية في وسائل الإعلام في روسيا وبيلاروسيا: مراجعة تحليلية

تتلخص الأهداف الرئيسية للحملة الإعلامية والدعاية، واسعة النطاق، للاتحاد الروسي لدعم “العملية العسكرية الخاصة”، في الوقت الحالي، بما يلي:

الأهداف الموجّهة للجمهور الأوكراني

  • نقل مسؤولية تعليق المفاوضات، في المقام الأول، إلى القيادة الأوكرانية؛
  • التأكيد على ميل كييف للعودة إلى المفاوضات، من خلال الضغط في المجالات العسكرية والإعلامية والنفسية والإنسانية؛
  • تقويض الثقة في الدول الغربية (بشكل أساسي الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وبولندا)؛
  • اظهار الانقسام بين أعضاء الناتو فيما يتعلق بدعم أوكرانيا في مقاومة الغزو العسكري الروسي؛
  • إضعاف الروح المعنوية للمجتمع والجيش الأوكرانيين، من خلال الترويج لروايات حول “نجاحات” و”انتصارات” القوات الروسية خلال “العملية الخاصة”؛
  • الترويج للإجراءات “الناجحة” التي اتخذتها سلطات الاحتلال” في الأراضي “المحررة” وتنفيذ التدريب الإعلامي والدعاية لزيادة اندماجهم في روسيا؛

الأهداف الموجهة للجمهور الغربي

  • توجيه اللوم، عن تصعيد الصراع، إلى الغرب، لا سيما نتيجة “ضخ السلاح لأوكرانيا”؛
  • استعداد موسكو لاستئناف محادثات “السلام” على أساس “واقع جديد”؛
  • إخفاء الأهداف الحقيقية للكرملين تجاه أوكرانيا؛
  • التظاهر باستعداد روسيا للحوار مع أوكرانيا؛
  • الإيمان بالقدرة على تجاوز العقوبات وتأثيرها السلبي، حصريًا، على الدول الأوروبية والأمريكية؛
  • التظاهر بالقيام بجهود إنسانية في أوكرانيا والبحر الأسود، بالتوازي مع تشويه سمعة كييف بخصوص الإجراءات المشابهة ذات الصلة، بما في ذلك  ما يتعلق بالأمن الغذائي العالمي؛
  • تشويه سمعة القوات المسلحة والخدمات الخاصة وقوات الدفاع الأخرى لأوكرانيا؛

الأهداف الموجهة لجمهور روسيا الاتحادية، وجمهورية بيلاروسيا، و”الدول الصديقة”

  • توجيه اتهامات للولايات المتحدة و”الغرب بأجمعه” في السعي من أجل استمرار الصراع في أوكرانيا؛
  • إظهار استعداد الكرملين لاستئناف المحادثات رغم “استعداد كييف للتصعيد”؛
  • التأكيد على وجود تهديدات لروسيا وبيلاروسيا من قبل الناتو، وبالتالي، التأكيد على الطبيعة “القسرية والعادلة” لأعمال الكرملين؛
  • بيان الأثر الضار للعقوبات على الاقتصاد الأوروبي والعالمي في المقام الأول؛
  • تشويه سمعة القوات المسلحة الأوكرانية، وغيرها من وكالات إنفاذ القانون في أوكرانيا، التي يُزعم ارتكابها لجرائم حرب وأنشطة إرهابية؛
  • تحميل أوكرانيا مسؤولية تطوير، مزعوم، ونية لاستخدام أسلحة بيولوجية لغرض مواصلة استخدامها ضد روسيا.

يخوض الكرملين حاليًا حملة إعلامية لـ “تبرير” الغزو الروسي لأوكرانيا (“ينبغي أن يؤدي إنجاز روسيا لـ “العمليات الخاصة” في أوكرانيا إلى نظام جديد، فيما يخص الأمن الدولي، لا يتمحور حول الولايات المتحدة” /نائب رئيس مجلس الأمن للاتحاد الروسي دميتري ميدفيديف/. “اقترحت روسيا مرارًا وتكرارًا خطوات لإنهاء الصراع في دونباس وحماية الناس من الإبادة الجماعية التي أدارتها كييف، بناءً على تعليمات من واشنطن” /سكرتير مجلس الأمن الروسي ن. باتروشيف/) مع التركيز على” ضمان تحقيق الأهداف، كافة، بغض النظر عن المواعيد النهائية”، بما في ذلك الأسباب التي تعود إلى “التغييرات في تكتيكات الاتحاد الروسي نحو زيادة القدرة على المناورة”، على الرغم من “ضخ الأسلحة لأوكرانيا” (“العملية الخاصة” للاتحاد الروسي لحماية دونباس ستواصل تحقيق جميع الأهداف” /د. بيسكوف/؛ لكن أهداف “العملية الخاصة” ستتحقق على أي حال” /نائب وزير الخارجية س. ريابكوف/؛  غيّر الجيش الروسي تكتيكاته خلال “العملية الخاصة”. سيتم تطهير دونباس من فلول الجيش الأوكراني في المستقبل القريب. “العملية الخاصة” تسير وفق الخطة” /رئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما كارتابولوف/).

ومع ذلك، بالإضافة إلى ثقة الكرملين في “التحرير المتوقع لما يسمى بـ “الجمهوريات الشعبية في لدونيتسك ولوغانسك” من النازيين”، تروّج وسائل الإعلام الروسية لسردية “الحاجة إلى توسيع (العملية الخاصة) في أجزاء أخرى من أوكرانيا”. “يجب على الاتحاد الروسي السيطرة في سياق “العملية الخاصة” في أوكرانيا، على مناطق تشمل نيكولايف وأوديسا وخاركوف” / نائب مجلس الدوما من “روسيا الموحدة” ك. زاتولين/؛ “يجب على روسيا تحرير ونزع السلاح ونزع النازية في أوكرانيا بأكملها – من المستحيل، ببساطة، البقاء في دونباس، يجب القضاء على العدوى [النازية] في كييف حتى النهاية” / نائب رئيس مجلس الدوما ب. تولستوي/).

في سياق التوحد الغربي الكبير خلف الدعم العسكري لأوكرانيا والاهتمام المتزايد للكرملين باستئناف المفاوضات (“المفاوضات هي الشكل الصحيح في الوقت المناسب” /ل. سلوتسكي/)، تعيد وسائل الإعلام الموالية للكرملين إنتاج رواية “جمود المفاوضات من خلال “الموقف غير البناء للمسؤولين في كييف” و”الغرب الجماعي” بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية” (“إذا رفضت أوكرانيا التفاوض، فقد تفقد سيادتها الوطنية وأراضيها” /نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف/).

في سياق استعداد الكرملين، المزعوم، للتفاوض، ورغبة موسكو في إيجاد سيناريو مقبول للانسحاب من الحرب، تعمل وسائل الإعلام الروسية، بنشاط، على الترويج لأطروحة لوكاشينكو: “بوتين والجيش الروسي ليس لديهم رغبة في الاستيلاء على أوكرانيا. لقد أظهروا، ببساطة، أنه ينبغي النظر في المخاوف الروسية، وليس إهانة رئيسها، وخنق اللغة الروسية التي يتحدث بها جميع الأوكرانيين”، والمتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية م. زاخاروفا: “موسكو ممتنة دائمًا لمقترحات الوساطة من أجل تسوية سلمية للنزاع بما فيها فرصة إجراء محادثات بين موسكو وكييف في اسطنبول بوساطة الامم المتحدة”.

كما يؤكد على ثقة الكرملين في تنفيذ مطالب روسيا خلال المحادثات المستقبلية (“تجمد كييف، تحت ضغط القائمين عليها، المفاوضات مع الاتحاد الروسي، الذي أعرب بوضوح عن مطالبه لأوكرانيا، وكييف على علم بذلك” /السكرتير الصحفي لرئيس الاتحاد الروسي د. بيسكوف /؛ ” لن تقنع روسيا أوكرانيا  على المشاركة في المفاوضات، فالمفاوضات ممكنة بشروط موسكو” /رئيسة المجلس الاتحادي للاتحاد الروسي ف. ماتفينكو/؛ “تم إيقاف عملية التفاوض مؤقتًا – إذ لم تُظهر كييف ذلك الاستعداد للذهاب ما تم إنجازه، وهو ما توقعناه جميعًا” /ل. سلوتسكي/؛ “سيعود الطرفان، مع تطور الوضع، إلى طاولة المفاوضات، عندها سيكون للاتحاد الروسي موقف قوي أثناء توقيع معاهدة السلام” /أستاذ الأكاديمية الدبلوماسية بوزارة الشؤون الخارجية في الاتحاد الروسي فينوكوروف/).

في ذات الوقت، فإن الرواية الرئيسية لوسائل الإعلام الروسية في سياق المحادثات هي التصريح بأن “بداية المساعدة العسكرية الأمريكية لكييف أوقفت المحادثات بين روسيا وأوكرانيا” (“إن توريد الأسلحة الأمريكية إلى أوكرانيا لا يساهم في إبراز الرغبة باستئناف مفاوضات السلام في كييف. تعمل الولايات المتحدة ،عن قصد وجدية، على صب الزيت على نار ما يحدث في أوكرانيا” /السكرتير الصحفي لرئيس الاتحاد الروسي د. بيسكوف/؛ “لقد ابتعدت كييف عن المفاوضات، على وجه التحديد، لأنها بدأت في تلقي كمية هائلة من الأسلحة والأموال من الأوروبيين والأمريكيين” /د. ميدفيديف/).

فيما يتعلق باجتماع محتمل بين رئيسي أوكرانيا وروسيا، لم يتغير موقف الكرملين، ولكن قد تتضح إمكانية عقده من خلال تقارير عديدة في وسائل الإعلام الروسية (“لم يتم استبعاد لقاء بوتين مع زيلينسكي بشكل عام، يجب إعداده ووضعه في صيغته النهائية بوثيقة، توقف العمل عليها الآن” /السكرتير الصحفي لرئيس الاتحاد الروسي د. بيسكوف/).

في سياق المواجهة بين روسيا و”شركائها” مع “الغرب الجماعي”، تواصل موسكو توجهاتها الرسمية في تكرار روايات مثل “الأحداث في أوكرانيا هي” حرب بالوكالة “للغرب الجماعي مع روسيا” حتى “آخر أوكراني” (“دول الناتو، بقيادة الولايات المتحدة، رداً على العملية الخاصة، أعلنت على روسيا “ما يسمى الحرب بالوكالة أو proxy war”، وتزويد أوكرانيا بالأسلحة، والحفاظ على جنون عسكري هناك، حتى تقاتل كييف حتى آخر أوكراني” /د. ميدفيديف/؛ “أوكرانيا هي مجرد أداة في أيدي تلك البلدان التي تزود الأسلحة الى هناك” /د. بيسكوف/؛ “الولايات المتحدة تستخدم أوكرانيا لتعزيز “احتواء” روسيا في الفضاء الإلكتروني”).

تعمل وسائل الإعلام الروسية ووسائل التواصل الاجتماعي وقنوات التلغرام، في ظل هذه الخلفية، بنشاط على إعادة إنتاج رواية “خطر ضخ أسلحة إلى أوكرانيا” من أجل “تحويل أوكرانيا إلى نقطة انطلاق لشن هجوم على روسيا و”الجمهوريات الشعبية في دونيتسك ولوغانسك” وشبه جزيرة القرم” (“أي توريد للأسلحة إلى أوكرانيا، بغض النظر عن الطريقة التي تجادل بها واشنطن، يزيد من خطر حدوث صدام مباشر بين الاتحاد الروسي والولايات المتحدة، التي يعتبر خط دعمها العسكري لكييف غير مسبوق وخطير” /نائب رئيس وزارة الخارجية الروسية س. ريابكوف/؛ “أعلن البنتاغون عن حزمة جديدة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا بقيمة 700 مليون دولار”؛ “نقلت الولايات المتحدة راجمات الصواريخ MLRS إلى أوروبا مسبقًا لضمان نقلها السريع إلى كييف”؛ “تخطط الولايات المتحدة لبيع أوكرانيا أربع طائرات بدون طيار MQ-1C Gray Eagle يمكن تسليحها بصواريخ Hellfire”.

يشير المحتوى الأخير وعدد تقارير وسائل الإعلام الروسية، بشكل عام، إلى شعور الكرملين بقلق عميق إزاء التعزيز الكبير المتوقع للقوات المسلحة الأوكرانية بمدفعية وأسلحة صاروخية حديثة وقوية ذات مدى بعيد، يمكن لأوكرانيا، من خلالها، تغيير الوضع العسكري لصالحها في الاتجاهين الشرقي والجنوبي للأعمال القتالية، ثم الانتقال إلى هجوم مضاد واسع النطاق.

وتدل، في هذا الصدد، تصريحات د. بيسكوف على أن “الكرملين لا يصدق تصريحات ف. زيلينسكي بأن كييف لن تهاجم روسيا براجمات الصواريخ  الأمريكية”، وكذلك وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف: تخلق أنظمة راجمات الصواريخ  الغربية مخاطر إشراك دول ثالثة في الصراع؛ إن مطالب كييف للغرب بإمدادات مثل هذه الراجمات استفزاز مباشر”.

بالإضافة إلى ذلك، وفي سياق المواجهة بين روسيا و”الغرب بأجمعه”، تعمل وسائل الإعلام الروسية، بنشاط، على إطلاق إشارات، خاصة إلى واشنطن، حول قدرة روسيا مع “الشركاء” (جمهورية الصين الشعبية) على تحمل الضغط الغربي على حساب القوة العسكرية والاقتصادية، الأمر الذي سيجبر الغرب على مراعاة المصالح الجيوسياسية للكرملين، بما في ذلك في رابطة الدول المستقلة والشرق الأوسط”، (“مجلس الأمن في الاتحاد الروسي يستعد لإجراءات لمنع المحاولات الغربية لإثارة أزمة اقتصادية واسعة النطاق وتفاقم الوضع في روسيا؛ يدعو “الغرب الجماعي” بشكل مباشر إلى تصفية دولة روسيا وإذلال الروس، ويحاول خلق نزاعات بين بلدان رابطة الدول المستقلة؛ القوات المسلحة للاتحاد الروسي متحركة وحديثة وقادرة على حل المهام الموكلة إليها في أي ظرف من الظروف” /رئيس مجلس الأمن للاتحاد الروسي ن. باتروشيف/).

وفي السياق ذاته، تداولت وسائل الإعلام الروسية الأطروحات التالية: “أمر الرئيس الصيني شي جين بينغ بإيجاد سبل لتقديم الدعم المالي لروسيا، دون انتهاك العقوبات الغربية” /واشنطن بوست/؛ “الدول الغربية لا تفي بالتزاماتها بموجب آلية المساعدة عبر الحدود في سوريا” /ف. نيبيزنيا/؛ “إن الولايات المتحدة ستشتري كل المواد الغذائية وبالتالي سوف تهلك دول إفريقيا والعالم العربي” / مساعد رئيس الاتحاد الروسي م. أوريشكين/، “يمكن لروسيا أن تنشئ محكمتها الدولية الخاصة بها (على أساس البريكس أو رابطة الدول المستقلة أو الاتحاد الاقتصادي الأوروبي)، والتي ستكون بديلاً للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان” /رئيس الوزراء السابق س. ستيباشين/؛ “لا تستبعد واشنطن استخدام العقوبات المناهضة لروسيا كورقة مساومة لتعزيز حوار منع انتشار الأسلحة (ستارت -3)” /مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية إم. ستيوارت/.

تولي وسائل الإعلام الموالية للكرملين اهتمامًا كبيرًا للترويج لرواية “الحاجة إلى معاقبة شديدة للجيش الأوكراني”، الذين يُزعم أنهم “مذنبون بارتكاب جرائم حرب” (المدافعون عن ماريوبول). في هذا الصدد، يشار إلى أن العملية الجارية للمحاكمة الجنائية للجيش الأوكراني في روسيا و TOT ، والتحضير لبدء ما يسمى “المحكمة الدولية” والانسحاب من الوقف الاختياري الحالي على استخدام عقوبة الإعدام في روسيا (“لا يمكن تبادل مقاتلي آزوف. قد يُعقد أول اجتماع “مرحلي” للمحكمة بشأن المقاتلين الأوكرانيين في نهاية الصيف، وستكون “محكمة ماريوبول” /ما يسمى رئيس لجنة الجنايات والتشريع الإداري للجمعية الوطنية لجمهورية دونيتسك الشعبية/. في الاتحاد الروسي، في حالات ارتكاب أكثر الجرائم قسوة ووحشية ضد الإنسانية (الإرهابيون والقوميون)، ننادي بإدخال استثناءات والانسحاب من الوقف الاختياري لتنفيذ عقوبة الإعدام”/ زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي الديمقراطي إل. سلوتسكي/.

في الوقت نفسه، هناك المزيد والمزيد من الاطروحات النشطة حول الحاجة إلى ازاحة ف. زيلينسكي عن السلطة وملاحقته قضائيا، مثل “النازيين” الآخرين من حزب “خادم الشعب” (“جلاد الشعب”)، فضلا عن الاعتراف بجهاز الأمن الاوكراني كمنظمة إرهابية (“زيلينسكي، الذي جلب الموت والإبادة للشعب السلافي الشقيق، يستحق محكمة دولية” /زعيم “روسيا العادلة” س. ميرونوف/).

في إطار نشر المعلومات المحبطة التي تستهدف المجتمع الأوكراني، تعمل وسائل الإعلام الروسية بنشاط على الترويج بأن التدابير التي تتخذها سلطات الاحتلال والاتحاد الروسي في الأراضي “المحررة” بهدف “الأمن” و “المساعدة” (“سكان خيرسون وميليتوبول يتقدمون، على نطاق واسع، للحصول على الجنسية الروسية”؛ “الممتلكات والموارد المملوكة لأوكرانيا في منطقة زابوروجيا سيتم تأميمها” /ما يسمى “نائب رئيس إدارة الدولة الإقليمية” أ. تروفيموف/؛ “لقد أخذ الاتحاد الروسي إلى الأبد على عاتقه حماية سكان المناطق المحررة – سيتم ربط منطقتي خيرسون وزابوروجيا بنظام الطاقة الروسي الموحد” /النائب في مجلس الدوما في الاتحاد الروسي م. شيريميت).

في ظل هذه الخلفية، تجري تحضيرات دعائية واسعة النطاق لزيادة اندماج الأراضي المحتلة في روسيا من خلال نشر رواية مثل “إعادة توحيد المناطق الجنوبية الشرقية مع روسيا أمر لا مفر منه” (“يمكن إجراء الاستفتاءات في دونباس إذا أراد السكان ذلك، وعندما يتم ضمان الأمن” /ل. سلوتسكي/؛ “يجب على سكان خيرسون ودونيتسك ولوغانسك وأوسيتيا الجنوبية صياغة رغبتهم في الانضمام إلى الاتحاد الروسي من أجل اتخاذ القرار المناسب” /د. ميدفيديف/).

في الوقت نفسه، فإن تصريحات ممثلي الكرملين، ولا سيما د. بيسكوف، بشأن إمكانية انضمام الأراضي الأوكرانية إلى روسيا، أكثر تحفظًا (“”في الظروف الحالية، من وجهة نظر الأمن، من المستحيل إجراء استفتاءات بشأن انضمام جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، وإقليمي خيرسون وزابوروجيا الى روسيا”؛ “لا يوجد فهم للإطار الزمني لإجراء مثل هذه الاستفتاءات”).

في سياق الترويج لرواية “العقوبات المعادية لروسيا لها تأثير ضار بالدرجة الأولى على الاقتصاد الأوروبي والعالمي” نشرت وسائل الإعلام الروسية بناءً على طلب وزارة الخارجية الروسية أطروحة مفادها أن “المسؤولية الكاملة عن مخاطر تفاقم مشاكل الغذاء والطاقة العالمية ناجمة عن أفعال غير مشروعة من جانب الاتحاد الأوروبي ستقع فقط على عاتق بروكسل ورعاتها السياسيين في واشنطن”.

 استجابة للعقوبات التي فرضها المجتمع الدولي، على الرغم من الأزمة المتزايدة في النظام الاجتماعي والاقتصادي لروسيا، تواصل حكومتها من خلال وسائل الإعلام الخاضعة للرقابة محاولة إظهار قدرات روسيا المزعومة في التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وحماية السكان ((“حظر تايوان على توريد أنواع معينة من المعالجات الدقيقة إلى روسيا ليس أمرًا مأساويًا” /نائب وزير الصناعة والتجارة ف. شباك/؛ قدمت شركة Rostec State Corporation منصة بلوكتشين يمكن أن تحل محل السويفت؛ أدت العقوبات إلى تأثير معاكس – وهو زيادة تكلفة النفط والغاز من روسيا وزيادة كبيرة في ميزانها التجاري، تجد روسيا بسهولة أسواقًا بديلة ، وتزيد من إمدادات النفط إلى الصين بنسبة 50٪ وتعزز الروبل /الجارديان/).

من أجل إضعاف الروح المعنوية للمجتمع الأوكراني والقوات المسلحة، هناك أيضًا نشر واسع النطاق للمعلومات حول “السيطرة على البلدات الاستراتيجية”؛ إخراج المنشآت العسكرية والبنية التحتية في أوكرانيا عن الخدمة؛ قتل وأسر الجنود الأوكرانيين و”المرتزقة الاجانب”. الأمثلة النموذجية على العبارات هي: “”إذا سقطت تجمعات القوات المسلحة الأوكرانية في أفدييفكا، وباخموت، وليسينشانسك، وسيفيرودونتسك، فإن المعركة العامة للعملية الخاصة ستنتهي بالفعل – القوات المسلحة الأوكرانية سوف تتراجع، لأن لا توجد في الواقع مناطق محصنة حتى نهر دنيبر، وسيتم تطويق خاركوف” /الباحث السياسي م. بشيروف/؛ “دمرت القوات المسلحة الروسية في جوفتنيف (جمهورية لوغانسك الشعبية) أسلحة أمريكية وصلت الى أوكرانيا (حتى 10 مدافع هاوتزر M777 أمريكية) وعشرات المقاتلين”؛ “مرتزق بريطاني تحدث عن الفوضى ونقص التدريب في صفوف القوات المسلحة لأوكرانيا، نقص الضروريات والمعلومات الاستخباراتية”.

في سياق تصعيد الموقف حول أوكرانيا وتشويه سمعتها الدولية والجهات المانحة للمساعدة العسكرية والأمنية، عممت الدعاية الروسية بنشاط الرسائل التالية: “فرسان نهاية العالم في طريقهم بالفعل” – إذا استخدمت أوكرانيا راجمات الصواريخ الأمريكية ضد المنشآت الروسية، فإن القوات المسلحة الروسية ستضرب مراكز صنع القرار – وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية” /نائب رئيس مجلس الأمن الروسي د. ميدفيديف/؛ ” يرتكب الغرب جريمة حرب أخرى من خلال إغراق أوكرانيا بالأسلحة – القوات العقابية الأوكرانية تواصل قصف الأحياء السلمية في دونباس بواسطتها” /الممثل الدائم للاتحاد الروسي لدى الأمم المتحدة: ف. نيبينزيا/؛ “الولايات المتحدة مخادعة وغير مسؤولة وتحرض على حرب كبيرة، وليست مدركة تمامًا لعواقب أفعالها العدوانية الاستفزازية على أمنها” /رئيس الوكالة الروسية للفضاء د. روغوزين/.

في ضوء ما سبق، يُتوقع أنه في المستقبل القريب، من أجل زيادة تشويه سمعة كييف، ستكون الروايات الرئيسية لدعاية الكرملين على النحو التالي:

  • “لا تسمح واشنطن لكييف باستئناف المحادثات”؛
  • “لا يتمتع زيلينسكي بما يكفي من الذاتية التفاوض مع روسيا”؛
  • “الدعوات من إيطاليا وتركيا واليونان والأمم المتحدة وحتى بعض الأصوات من الولايات المتحدة لإجراء محادثات لوقف إطلاق النار تُسمَع في أوكرانيا ولكنها لا تستطيع فعل أي شيء”؛
  • “البلد الذي يعتمد بالكامل تقريبًا ماليًا وعسكريًا على الغرب سيتبع تعليماته”؛

بالإضافة إلى ذلك، ستعمل وسائل الإعلام الروسية بنشاط على الترويج للفرضية القائلة بأن:

  • “الإمدادات الغربية من الأسلحة الثقيلة لأوكرانيا تظهر نواياها في مواصلة التصعيد من أجل إضعاف روسيا على أيدي الأوكرانيين”؛
  • “الولايات المتحدة لا تفعل شيئًا لإيجاد حل للأزمة الأوكرانية”؛
  • “ستستمر روسيا في الدفاع عن دونباس حتى تتحقق جميع أهدافها”؛
  • “انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو يشكل تهديدًا أقل لروسيا من انضمام أوكرانيا إلى الحلف”؛
  • “موقف الناتو المدمر يمنع حل الموقف في أوكرانيا من خلال محادثات السلام”؛
  • “إن اتهامات الدول الغربية للاتحاد الروسي بإحداث أزمة غذاء عالمية كاذبة”؛
  • “موسكو مستعدة لتوريد الحبوب إلى جميع الدول المحتاجة، لكن القيود الغربية تعيق ذلك”.

عن د.سعيد سلّام

شاهد أيضاً

بيان بيدرسون في الذكرى السنوية “للصراع السوري”

في  ذكرى ” الثورة المغدورة”، لا يجد هذا الفَقِيه الأممي ما يقدّمه للسوريين سوى  الإصرار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *