أطلس امرأة برية

أطلس امرأة برية

الشاعرة فرات إسبر – الطبعة الأولى 2024 – 130 صفحة

الناشر : دار التكوين النشر بمنحة خاصة من مؤسسة غسان جديد للتنمية .

السلسلة الشعرية يُشرف عليها ويختارها الشاعر أدونيس .

لوحة الغلاف : الفنان أحمد معلا

………………

لا يُمكنني التوقف – حتى لاستراحة قصيرة – وأنا أقرأ هذا الزخم الشعري السخي والمُميز للشاعرة فرات إسبر . واستعدت مشاعري وانبهاري وأنا أقرأ شعر فروغ فرخ زاد أو تويوتاما تسونو ، وكأنني ألامس روح المرأة في علاقتها مع العالم ، أن تتمكن الشاعرة من جعل القارئ يلامس روح المرأة الحرة فهي بالتأكيد تملك موهبة عالية في رسم الروح بالكلمات . ديوان الشاعرة فرات إسبر كأنه قصيدة طويلة تنساب برشاقة بين المعاني والأفكار ، هي لغة امرأة حرة مبدعة ترسم العالم بالكلمات وتحرض في الروح أرقى وأجمل المعاني والأكثر ألماً أيضاً . يصعب علي اختيار مقاطع من ديوان فرات إسبر لأنني – كما ذكرت – الديوان كقصيدة واحدة طويلة . لكن توقفت عند مقاطع رائعة ، أو اخترت جملاُ أبهرتني . تكتب فرات إسبر

-أطوف في أطلس امرأة برية – كما يطوف الحاج ببيت الله-ولا أجد ظلاً لحياة

– أيتها الأزهار : ما الذي يجبرك على حبي ؟ – أراك تبتهجين لأصابعي – ليدي التي ترويك – وليدي التي تقطع رأسك .

تحكي فرات إسبر بعمق عن علاقة المرأة بالزمن دون أن تستعمل أيه إيحاءات جنسية مباشرة ( كما نجد في شعر الكثيرين ) في مقطع من الديوان بعنوان ( خزانة الجسد ) تكتب فرات :

العمر الناضج – تفاحة امتلأت بالدود –  والجسد خزانة رغبات ميتة .

واحة العطش : جسدُ – تتقطر رغباته – مثل الورد في آخر أيامه .

أقرأ القرآن وأتهجاه – أنطق الحروف –وأعلو مع معانيها – وعلى رأس كل حرف – قناص يرميني بعورة .

لغة بسيطة لكنها تفتح آفاقاً للتأمل في مشاعر النساء وربط الخطيئة بالمرأة ، واعتبارها عورة ( قناص يرميني بعورة )

-ما بين قلبي ولساني – تترمد كلماتي

-أفتح قفص صدري – وأطير عصافيره – يا أيها الإنسان لا تكن سجاناً .

– وخزتني وردة – بكيت من جرحها – أيتها الوردة – من أضاف إليك صفات الناس ؟

تمتلك فرات إسبر لغة شعرية غاية في الشفافية والبساطة العميقة ، أشعر أن روحها وشاح من حرير يُغلف عالمنا القاسي بقيض من الصور والكلمات فيجعله أقل قسوة ، وفي شعرها تتماهى مع الماء والوردة والشجر والأرض والقمر ، هي المرأة الكونية التي لا يكتمل الكون من دونها تكتب فرات :

– احشو أنفاسي بشهيق الكلمات – أيتها الكلمات : من فمي تخرجين وتسقطين ناضجة – النضج علمك السقوط في أرض الجاذبية .

– أقتل أحلامي كل يوم – وأصلي عليها – صلاة الغائبة .

– الحديقة مرآة – أرى فيها ندوب الأيام – تعلمت منها : الحب – الجنون – الركض

يكاد لا يخلو مقطع من شعر فرات من الماء ، كأن الماء رمز الحياة تكتب :

  • أيها الماء كللني بالملح –العناصر اكتملت في جسدي – وصرت حقلاً منسياً – ورثيت حالي .
  • – كل يوم أقيم جنازتي – أغسل جثتي بالماء – وأعطرها بمسك العرب – أقرأ عليها : والشعراء يتبعهم الغاوون – قصائدي مبتلة بالماء –وأنهار حياتي تفيض بالنذور .

حين تكتب فرات عن الرغبة فإنها تفتق رغبات مكبوتة بلغة أنيقة وتعابير مدهشة في مقطع بعنوان ( لكل رغبة ظلامها )

  • لكل رغبة ظلامها – مثل حكايات الربيع الخجولة – تمد رأسها بحنين إلى قبلات الضوء
  • – أيها الصباح أعطني فمك – على شفاهي ندى كثيف ، وابتسامة مالحة .
  • – كأن الغابة في نفسي – تعيد ولادتها من حطب الزمان : الفاء : فناء – الراء: رؤيا
  • – الألف : ما نطق به الإله – والتاء : تابوت .
  • مدهشة الإبداع الشاعرة فرات إسبر ثمة عبارات اقتطعتها وأنا أغوص في تأملها ( أنا لا أبكي لأطهر جسدي – إنما أبكي كي ترتوي شجرة ميتة
  • – الدمع نبع في وجه الإنسان .
  • أخيراً أحب أن أختم بمقطع من ( أطلس امرأة برية )
  • – هذا الزمان كلب حالفه الحظ – لا يتوقف عن النباح والعض – ونحن ننقرض كما التفاحة في فم الدودة .

عن هيفاء بيطار

شاهد أيضاً

عادل الأسطة يقدِّم قراءةً حول تجربة القائد يحيى السَّنوار.. العمل طابق القول

علي البطة  دعا الدكتور عادل الأسطة الناقد الأدبي وأستاذ الأدب سابقا في جامعة النجاح، جميع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *