عبرنة اسماء الأمكنة الفلسطينية: وجهة نظر

مقدمة:

تُشكّل معركة الصًراع على الّلغة أحد جوانب المواجهة بين القوى الاستعمارية مع البلدان الخاضعة تحت هيمنتها، ويتمثٌل ذلك في اتجاهين معاكسين، بدايةّ يُشعل المُحتلّ شرارة هذا الصّراع بإجراءات طمس الآخر لغوياً وفرض لغته، لتحلّ لغة الاحتلال محلّها، كما هي حال الفَرنسة والتتريك والجرمنة …..، وما أن تتحرر البلدان من كوابيس الإحتلال حتى تُشرع مسرعة ً لإطفاء تلك الشَّرارة، لٍتستعيد لغتها وتتحرَّر بدورها من هيمنة لغة الأجنبيّ المُحتلّ. وتعتبر أسماء الأمكنة أحد أهمَّ ما يتعرض لقوى الشٌد والجذب ما بين القوى الاستعمارية و التحرٌريٌة. وما جرى في فلسطين بفعل عبرنة أسماء الأمكنة وطمس أسماءها الأصليَّة، هو جزء من هذه الظَّاهرة العالميَّة، لكنّ أصحاب الدَّعوة للعبرنة أدركوا كيف يصنًفون إجراء التّغيير هذا، و وُضع تحت مسمٌى “الاستعادة”، لتوحي بأنها تنتمي إلى حركة تحرير، وأُدرجت ضمن عمليّات واسعة، بدأت من “استعادة” الحقَّ التَّاريخي، و”استعادة” مملكة داود المنسيٌة، و”استعادة” التًراث المفقود، و”استعادة” الُلغة العبريٌة التي لم ينطقها فرد واحد لأكثر من 3000 عام. كلً ذلك وغيره كان في خدمة الفكرة المحوريَّة الصُّهيونيٌة لـ “عودة” يهود العالم، و تحويل جماعة دينيِة عابرة للقارات متعدّدة الأعراق إلى جماعة اثنيٍّة واحدة، تصهرهم في جغرافية محدَّدة على أرض فلسطين. وهذه الدّراسة هي محاولة توضيحيّة بسيطة جداٌ، تهدف إلى بيان حقيقة إجراءات العبرنة، وكيف قامت باستخدام مصطلح “الاستعادة” بطريقة ماكرة وخبيثة، وما هي إلا عمليٌة فرض واستئصال للأصل، وقامت على ذرائع وحجج واهية.

طريقة البحث

تُشكٍّل علوم الماضي معاً بنيةّ مكوّنةً من عناصر عديدةٍ أهمٌها :التَّاريخ، والأثار، والتُّراث، واللٌغة، وتتميّز لّبٍنات هذه البُنيَة بأنَّها لصيقةً ومتماسكةً ببعضها، وتشبه إلى حدٍ كبيرٍ اتحاد عناصر مُركَّبٍ كيماويٌ، وما العمليّة التي اعتدناها في فصل وتفكيك العناصر في الدًراسات إلا طريقة لتسهيل المعرفة تجري على حساب وجه الحقيقة المعرفية ذاتها، ذلك بسبب نسخ الروابط التي توثٍّق عُراها. ويتراءى لنا ظاهراً أنً هناك عتبة زمنيًةّ تفصل بين الماضي والحاضر، غير أنً الحقيقة غير ذلك، فالماضي يعيش في أحشاء الحاضر بصورةٍ خفيّةٍ، يُشبه دخولنا قاعة مسرحٍ أنهى عروضه، وترك على الخشبة: أزياء الممثلين، وأدواتهم، والدِّيكور، وربما بعضا من صفحات النًصً وأشياء أخرى، وكلًما كانت هذه المخلَّفات أكثر، وذات أهميًة، استطعنا من خلال إعادة تركيبها معاّ من بناء تصوًر وفهم أوسع عن العرض المسرحيً الذي تلاشى عن الخشبة وجغرافيا الحدث. ومحاولتي هنا تتلخًصُ بحشد ما استطعت وما يمكنني من عناصر التٌاريخ، والَّلغة، والتُّراث، والأثار، لتكون الأدوات التي بواسطتها تُظهر عدم صحة الأسباب التي كانت ذريعة لـ “عبرنة” أسماء الأمكنة في فلسطين وطمس أسماءها الأصليَّة(1)،

الُّلغة : النحت – السّوابق و اللَّواحق المهملة .

أنطلقُ بدايةّ من تعريف الخليل بن أحمد الفراهيديّ للنّحت بِأنَّه : “ظاهرة لغوية “عالميّة” تقوم على مبدأ الاختزال والاختصار لِمفردتين أو أكثر، وجمعهم في كلمةٍ واحدة”، كأن نُركِّب النُّحوت الآتية من هذه الجمل الشّهيرة :بسملَ (بسم اللّه)، حَوقلَ (لا حول ولا قوّة إلا باللّه), سَبحلَ (سبحان اللّه)، ونلاحظ في هذه الأمثلة : أنٌ حرف اللَّام حلٌ محل لفظ الجلالة اللّه، ولأنَّ الخليل بن احمد اكتشف النّحت ولم يصنعه، ولأنَّ الآلهة الكبار قبل الإسلام “أيل، بعل، هبل” فإن اللام كانت جزءً من نحوتها أيضاً وتلحق بالأسماء المضافة إليها، وقد أُطلق على كل ما يلحق بالاسم اللّواحق و كلّ ما يسبقها سوابق وهي كثيرة جداً، وأعتقد تسمية هذه اللام بلام الألوهية تسمية مناسبة لها .

نلاحظ أيضاً أنَّ حذف اللّاحقة أو السّابقة من النّحوت لا تخلّ في معانيها، وهذه صفة ومَيِّزة هامة، نستطيع بواسطتها تحديد السّوابق واللّواحق في النّحوت التي مرّ عليها زمناً طويلاً ، فغدت تظهر لنا -هذه اللّواحق أو السوابق- كأنّها جزء من أصل الكلمة، وأصبح بمقدورنا تفكيكها والوصول إلى معانيها الأصليّة، وهذا ما سيفيد جداً في بيان معاني أسماء الأمكنة المبهم، ستظهر نتائجها في الفقرة القادمة.

أتناول أيضاً اللّاحقة- السّابقة ان/ين المهملة، وذلك لأهميّتها، وتكرارها الكثير جداً في أسماء العلم وأسماء الأمكنة، وبتحديدها يُمكّننا من كشف الأصول التَّاريخيّة ومعاني هذه الأمكنة والأسماء المرتبطة معها، حيث نستطيع رصد وجود حوالي 20٪ من أسماء الأمكنة في فلسطين تكون فيها هذه اللاحقة جزءً منها، كما أنّها تحضر بشكل كثيف جداً في أسماء العلم، بدءاً من جَدّي العرب : قحط+أن و عدن+ان، وقحطٌ واضح معناه بالاستغناء عن اللاحقة “ان”، كما هو حال معنى عدن، فَالقحط يخصّ الجماعات البدويّة وبدو البادية والصحراء، كما أن القواميس العربيٌة تذكر معنى عدن: بأنها الاستقرار، وجنّات عدن الشهيرة وهي رمزاً للاستقرار، وعدن أيضاً: هو أن تلزم الإبل المكان فتألفه، ومعلوم لنا كم خاضت العرب من صراعات دامية دامت أجيالاً ، دارت رحاها بين القيسيّين و اليمانيٌين – البدو والحضر- .

إنٌ محافظة الاسمين على معناهما من غير لاحقتيهما “وغيرها الكثير مما سيتبيٌن”، يدفعنا للبحث عن معنى “ان”.

آن – ين، إلهاً أكادياً :

كشفت التٌنقيبات الأثريُة في مدينة فارا الأكاديّة عن أقدم لائحة بأسماء الآلهة، ويتربع على رأسها الآلهة الأربع الكبار: “أن – انـ أنا – انـ ليل – أنـ كي”،(2) و نلاحظ هنا أن “آن” هو الإله الأعظم الأوٌل في اللٌائحة، بينما الثلاث الأخرى منسوبةٌ إلى كبير ألهتهم آن، و مضافة إلى اسمه الذي يُكوّن سابقة في تراكيبها، ونستطيع أن نعرف بسهولة معنى اسم انليل بعد أن نسقط عنه سابقته . و من روائع الأدب السّومريٌ : قصيدة “سمو إنسانا في عالم الآلهة، ويقترن بها اسم آن في هذا المقطع من النُشيد، وتنضم إليه للتّحكم بسيادة السٌماء : “معاً مع آن العظيم، ترقدين في فراشه، في مضجعه المقدٌس”. (3)

لم يكن الإله آن حاضراً فقط في الأناشيد المقدَّسة والأساطير، فقد ذكر الباحث صموئيل كرومر في مقدمة كتابه: “من ألواح سومر”، بأنّ الإله ين، كان شكل تدوينه بالكتابة الاكاديٌة على شكل نجمة بأربعة خطوط متقاطعة كصليبَين، فهو النٌجم إله السٌماء، الذي شاركته إنانا سيادتها عليها.

التبادل والإزاحة بين الإلهين ين و إيل :

لا حاجة لنا في تعريف الإله إيل الٌذي أُشبع بالدّراسات والبحث -نظرا لارتباطه بإسرائيل- في حين تنحسر الدراسات التي تُعنى بالإله ين و آن في وسط أكاديميٌ ضيق جداً، وكان جدي الأمي يحدثني عن معنى ميكائيل وجبرائيل وعزرائيل وإسماعيل بينما لم يسمع مثقفينا عن إله اسمه ين وتمٌ تغييبه وطمسه للسبب التالي :استخدمت العبرنة في أحد آلياتها المتعددة في عبرنة المكان واستبدلت اللاحقة ين من أسماء مناطق كثيرة مثل بيت-ين، وبيت جبر-ين، واحتل إيل مكانها لتصبح بيت أبل، وبيت جبريل، وطمست الأسماء العربية القديمة، وكانت الذريعة التي تمارسها خلفها العبرنة، هي أنّ هذه الأمكنة كانت أسماؤها عبريةً، وتمُت أسلمتها وتعريبها، وتمُ إزاحة إيل وإحلال ين محلها، وبعد إنشاء الكيان اشتغلت المؤسسات بشكل حثيث على “تصحيح” التعريب بالعبرنة، و من هنا اصطلح على هذه العمليٌة: “استعادة” المشهد المكانيً ، أو ما يوازيها من تسميات، إلّا أنه ليس من المنطقي مطلقاً أنْ تقوم عملية التعريب والأسلمة باستبدال اسم إله وثني “إيل” باسم إله وثني اخر “ين”، وفي الفقرات اللاحقة سأبيّن أن عملية التعريب المستخدمة كذريعة لم تحدث قط، وهذه الأسماء قديمة جداً، و آن و ين هما أقدم الآلهة وإيل هو إله حديث بالنسبة إليه، بقي أنْ أشير إلى أنّ الكثير من أسماء الأمكنة في بلاد الشّام استُخدمت الأصلية ذاتها ولكن بسرينتها بدل عبرنتها، وها هي مثلاً قرية عرب-ين في دمشق، يعتبرها “الخواجات” أنها سريانية و أصلها عربي!، ولم يشفع أو يمنع وجود كلمة عرب من سرينتها، وفي مدينة درعا المنطقة الأشهر أثرياً بإصدارها الرومانية، فأننا نجد أن عابد-ين شواهدها الأثرية تعود إلى الفترة اليونانيٌة وما قبلها، كما هي حال بيت أمرين وبيتين وبيت جبرين، وهذه المناطق التي ذكرتها نماذج عن أمكنة كثيرة جداً تنتهي باللاحقة ين، وهناك حوالي 20% من مناطق فلسطين تنتهي بهذه اللاحقة .

أمّا اللٌغة المحكيٌة، حاملة التراث والذاكرة بما فيها ذاكرة المكان، تأبى إلٌا أن تشارك في اللاحقة ين، وهي تستخدم ألفاظ: اسماعين وجبرين و عزريٌين..، وإذا كان معنى بيت ايل: معبد الإله إيل، فبكل بساطة فإنٌ معنى بيت-ين هو معبد الإله ين، وأيضاً اسماعين : سمع الإله ين، حتى أن التوراة لم تستطع التهرب من هذا الإله وبقي اسمه عالقاً في قايين وبنيامين..، وما أكثر الأسماء وأسماء الأمكنة أيضاً التي اشتقت منها على وزن فعلان مثل: سمعان – عثمان – عدنان – جبران – قحطان – مروان ..، أُضيف إلى ما سبق ست مسائل تنفي وتدحض فكرة “استعادة” أسماء الأمكنة و عبرنتها أُوجزها بالفقرات التالية :

1- ذكرت النقوش الأثريّة المكتشفة في بلاد الشّام أسماء الأمكنة و تطابقت أسماؤها القديمة مع أسماؤها الحاليِّة، وكان اسم موقع الاكتشاف هو ذاته الاسم المدون في النقش الأثري، كما تطابق مع اسمها الحالي :

*في قرية أفس قرب مدينة حماة، عثر على نقش أطلق عليه اسم أفس زكور، وذكر في النص الاسم ذاته “أفس”، والاسم الحالي لها هو ذاته “أفس”.

*في النقش ذاته ورد اسم مدينة حماة، التي مازالت تحمل اسمها القديم .

*في قرية السفيرة القريبة من حلب، عثر فيها على مجموعة من النقوش أطلق عليها تسمية نقوش السفيرة، وفيهم ذُكر اسمها دون تغيير .

*وفي نقش رسالة من آشور قرب حلب، ورد اسم حلب عدة مرات بصيغته الحاليّة .

*في جنوب لبنان وفي منطقة جبيل عثر على نقوش أثرية عدة، منها مثلا النقش المُسمى “بيبلوس” – الاسم اليوناني لمدينة جبيل- ورد فيهم اسم جبيل ، وهو تسميتها الحاليٌة .

*في صيدا عثر على نصوص أثريّة مثل نقش تبنت ونقش اسمه عزر، و ذُكر فيهما اسم صيدنم، وهو كما نعرفه اليوم مع تحريف بسيط،

نقش أفس زكور (ب) ويظهر اسم أفس في السطر11 .

وهذه النصوص الأثرية، تؤكد أن أسماء الأمكنة حافظت على أسماؤها ما يقارب  من ثلاثة آلاف عام، ويبرهن على أن العبرنة ليست إلٌا عملية جرت على منوال الفَرنسة والتتريك والتَعريب في إسبانيا وآسيا الوسطى .

2- من المنطقي جداً أن تؤسس وتُحدث الخلافة الإسلامية مناطق وقرى جديدة، كما أسست القاهرة وبغداد، ولنترك للخيال أن يتصور عدد القرى التي أُنشئت خلال العصر الإسلامي حتى الانتداب البريطاني، وإجراءات العبرنة شملت هذه المناطق .( من المفيد متابعة هذا الموضوع مع مواد الأرشيف العثماني، وقد تتاح لنا لاحقاً فرصة في الاطلاع على مواد هذا الأرشيف ذات الصلة بأسماء الأماكن في فلسطين).

نقش شاجبار عثر عليه في النيرب ، و مدون في نهاية السطر الأول اسم النيرب .

3- هناك مئات المدن والقرى التي أسسها اليونان وربما الرومان أيضا، مثل الإسكندرية واسكندرون وطبريا واللاذقية وقرى عديدة، مازالت تحمل أسمائها اليونانيّة، مع مقاربة بعضها إلى اللفظ والنبرة العربية، وهذا ينفي أن تكون هناك أي حملة تعريب قد جرت على أسماء الأمكنة .

4- كانت الترجمة أحد الأبيات التي استُخدمت في العبرنة، فكل مكان مرتبط باسم جبل، بقي على حاله و تُرجمت كلمة جبل إلى مقابلها في العبرية “هر”، وترجمت كلمة سهل العربيّة إلى “عميق” العبريٌة، وترجمت كلمة نهر إلى “ناحل” العبريٌة، ولو كان لهذه المواقع الكثيرة جداً أسماء عبريٌة قديمة لما استخدمت الترجمة كآليٌة في عبرنتها، و كانت الترجمة حلاً قسرياً، وليس لها أسماء عبرية قديمة لتستردها .

5- من خلال مقارنة الأبجدية العربية الفصحى بالأبجدية “الكنعانية والآرامية و الفينيقية”، نجد أنٌ الفصحى تزيد عن هذه الأبجديات القديمة في ستٌة حروف هي “خ، غ، ث، ض، ظ، ذ”، وسوف أستعرض أدناه أسماء مدن سوريا، مع ملاحظة وجود هذه الحروف ( تم تقطيع الأسماء إلى حروف منفصلة لسهولة التعرف على أصولها القديمة)

د م ش ق /د و م ا/ ح م ص/ ح م ا ه/ ح ل ب/ ا د ل ب/ ا ل ا “ذ” ق ي ه/ ط ر ط و س/ ا ل ر ق ه/ د ي ر ا ل ز و ر/ ا ل ح س ك ه/ د ر ع ا/ ا ل س و ي د ا/ ا ل ق ن ي ط ر ه/

من الواضح أننا لا نجد في أسماء الأماكن السابقة الحروف العربية الفصحى الست (باستثناء حرف الذال في اللّاذقية، وهو اسم يوناني دخيل، ويلفظه سكان سوريا إما اللادقية أو اللازقية)، وهذه العملية يمكن تطبيقها على مختلف المدن و القرى و الأماكن، لنستنتج : أنٌ أبجدية أسماء الأمكنة هي الأبجدية القديمة المكوّنة من “٢٢” حرفا ولا تنتمي إلى العربية الفصحى التي نستخدمها الآن، وبالتالي يمكننا القول أنه لم تجرِ أية عملية تعريب أو تغيير .

6- استخدمت العبرنة آليٌات مختلفة لتنفيذ مخططها، من بينها آليّة اعتمدت على افتراض يقول أنه قد حصل تغيير لأسماء الأمكنة، بينما اعتمدت آلية أخرى تتناقض معها، اعتبرت أن الفلسطينيٌين احتفظوا بالأسماء القديمة، ويتقدم الباحث ميرون بنفنستي “بالشكر” لهم بقوله :”لقد صنع سكان البلاد العرب معروفاً معنا، وحافظوا على الأسماء “العبريٌة” القديمة، فكيف كنٌا سنعرف أين هي عنوت لولا عناتا؟” (4) ، بطريقة لا تخلو من الاستهتار تجعل من الفلسطيني مجرد حافظة و ذاكرة للإسرائيلي الذي يريد أن يختلق له ذاكرة و لو بادعاء كاذب وبهذه الطريقة التي لا يقبلها منطق، واستغلال الذاكرة الفلسطينية باعتبارها حافظة الذاكرة الإسرائيليّة لا تتوقف عند حدود ذاكرة المكان، فنجدها في قاموس الفلكلور الفلسطيني للباحث الراحل نمر سرحان، يتحدث فيه عن قرية أرطاس، التي أجرت فيها الباحثة الفنلندية هيلما غرانكفست  أبحاثا لمدة سنوات، أُجريت على المرأة الفلسطينيٌة، و على طقوس الختان في أرطاس، و قبل إنشاء الكيان، بينما صدرت هذه الأبحاث تحت عنوان المرأة في عهد التوراة، و طقوس الختان اليهوديٌة، باعتبارها أيضا عادات يهوديٌة حافظ عليها ذاكرة الفلسطينيون !

خاتمة:

تفتقر مكتبتنا العربية إلى دراسات جغرافية اللٌغة، ومجموع ما قدمته الجامعات ومراكز البحث في هذا المجال لا يرقى إلى حجم و نوعيٌة ما نُشر من ترجمات و مقالات من نتاج جهد شخصيٌ للصٌديق الباحث محمود الصباغ، وكان نتاجه دافعاً وأساساً لهذه الدراسة، فاستوجب هذا الجهد كل الشكر والعرفان الكبير، وشكٌلت مواده الغنيٌة معطيات لولاها لما كنت قادرا وحدي على إنجازها. وأشير أيضاً إلى المقالة الهامة التي نشرها مركز القدس للدراسات التوثيقيٌة بتاريخ 13\3\2018 بعنوان : تهويد أسماء المعالم الفلسطينيٌة(4) ، كانت على درجة الأهمية ذاتها لمقالة د. عبد العظيم احمد عبد العظيم، الاستاذ بجامعة دمنهور، كانت بعنوان : التخطيط اللغوي لتأمين الهويٌة العبرية في فلسطين، كلفه بها المركز العربي للأبحاث والدراسات – الدٌوحة – و هاتين الدٌراستين رصدتا مسيرة و اليٌة العبرنة ، فلهم جميعا أتوجه بالشكر .

………

هوامش

1- للمزيد انظر،https://www.aljarmaqcenter.com/%d8%a5%d8%b9%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%aa%d8%b3%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b4%d9%87%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%83%d8%a7%d9%86%d9%8a-%d8%aa%d8%b4%d9%83%d9%8a%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7-2/

2- قاموس الآلهة و الاساطير، تأليف مجموعة من الباحثين، ترجمة محمد وحيد خياطة، ص 25

3- المصدر السابق، ص 24

4- للمزيد، انظر  http://www.aqsaonline.org/news.aspx?id=580&fbclid=IwAR2wGOc-f8tz3xvW5L6p9JlI06Ykf6V8SF1YF28kaEoCFhXA0y7d3Gf05iQ

5- المصدر السابق

عن خالد أيوب

كاتب ومؤرخ فلسطيني

شاهد أيضاً

شذرات من الذاكرة (1): صبرا وشاتيلا

رائحة الموت ما زالت ترافقني ما بين نهاية آب\ أغسطس ومنتصف أيلول\ سبتمبر (من العام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *