اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني INTERNATIONAL DAY OF SOLIDARITY WITH THE PALESTINIAN PEOPLE

كانت المنظمات الإنسانية ودعاة السلام في مختلف أنحاء العالم، وقوى وشخصيات اليسار العالمي، والمجتمع المدني الناشئ عقب الحرب العالمية، قد قامت بنشاطات تضامنية عفوية مع الشعب الفلسطيني، ودعت مراراً منذ العشرينات من القرن الماضي للحفاظ على تاريخية وطبيعة فلسطين، وبخاصة على ضوء تصاعد مجازر العصابات الإرهابية الصهيونية والاضطرابات العارمة في فلسطين بسبب الانتداب البريطاني المفوض من قبل عصبة الأمم، وهو الوضع الذي جعل من فلسطين ساحة صراع دموي ما زال قائماً حتى اليوم ولأكثر من قرن خلا، وقد تواطأ الانتداب البريطاني ومن خلفه عصبة الأمم ومن ثم ابنتها الأمم المتحدة بوضوح  مع العصابات الإرهابية الصهيونية لاغتصاب فلسطين.

كانت الدول الكبرى ” وبالتالي لنقل شعوبها” منشغلة بالحرب العالمية وانعكاساتها، واستغلت ذلك لتبرير صمتها عن جريمة دعم ومد العصابات الصهيونية بالسلاح والمال ووسائط النقل والتسهيلات الأخرى، كنقل اليهود بالبواخر إلى الموانئ الفلسطينية بحماية الدول الغربية لخلق ما يسمى المجتمع اليهودي أو بتعبير ثانٍ صناعة ” الأمة اليهودية” وذلك بناء على المصالح الحيوية لقوى الاستعمار وكذا الاقتصادية كتقاضي الرشى من أقطاب رأس المال اليهودي ومصارفهم، وهو ما تدل عليه بوضوح رسالة وعد ” بلفور” وزير خارجية بريطانيا المجرمة التي كان قد قدمها المدعو بلفور لآل روتشيلد، وهو ما تم بناء عليه خلق الكيان الإرهابي الصهيوني على أرض فلسطين، بل ودعمه بكافة الوسائل، وهذا بالطبع ترافق مع تهجير اليهود من أوطانهم ترغيباً وترهيباً أيضاَ، حيث جرى العديد منها بتفجير الكنس والمقاهي في مختلف مناطق العالم، وهي جريمة أخرى بحق اليهود أنفسهم، وذلك يستوجب المطالبة المشروعة بحق عودتهم لأوطانهم في أنحاء العالم كافة، وبالتزامن تنفيذ حق عودة كل فلسطيني إلى وطنه وبلدته ومدينته، وكلا المطلبين المشروعين لا يمكن أن يسقطا بالتقادم.

كان لصدور القرار 181 يوم 29 نوفمبر – تشرين الثاني عام 1947 الذي ينص على تقسيم فلسطين بعد تصويت الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة صدى عالمياً تلقاه العالم بسذاجة تحت شعارات السلام والأمن في عموم فلسطين، في حين كانت الحركة الصهيونية ودول العالم المهيمنة الداعمة والمنتصرة في الحرب العالمية تخطط لمحو فلسطين- كما اليوم- فقد اعترفت كلها بكيان الإرهاب الصهيوني تحت اسم ” إسرائيل” ونفذت تكريسه على الأرض مع كل دعم بلا حد، ولم تكرس الاعتراف بدولة فلسطين التي هي قائمة على الأرض منذ آلاف السنين، وحتى بناء على قرار التقسيم الظالم ذاته، وها هي حتى اليوم تماطل حتى بمنح فلسطين كامل العضوية في الأمم المتحدة!

نتائج التصويت على القرار 181 كانت كالتالي:

33 عضواً مؤيد

13 عضواً معارض

11 عضواً امتنعوا عن التصويت

ينص قرار التقسيم إن تم اختصار فحواه على ما يلي:

إنهاء ولاية الانتداب البريطاني على فلسطين، التي يتم تقسيم أرضها التاريخية كالتالي:

  • دولة عربية- فلسطينية: تبلغ مساحتها ما يمثل 42 % من فلسطين، تضم الجليل الغربي وعكا والضفة الغربية وكامل الساحل الجنوبي من شمال أسدود حتى رفح ” الحدود المصرية”، مع جزء من صحراء سيناء على طول الشريط الحدودي مع مصر.
  • دولة يهودية: تبلغ مساحتها 57.7 % من أرض فلسطين تمتد من السهل الساحلي قرب حيفا، وحي تل أبيب في يافا، والجليل الشرقي إلى بحيرة طبرية والنقب.
  • القدس وبيت لحم وتوابعهما تبقيا تحت الوصاية الدولية بحجة ” تدويل الأماكن المقدسة”.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الاعتراف بالكيان الصهيوني باطل بحسب القانون الدولي، فشرط الأمم المتحدة للاعتراف بما يسمى” دولة إسرائيل” هو التزامن مع الاعتراف بفلسطين على الجزء الذي نصت عليه القرارات ومنها 181 و194 القاضي أيضاً بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي شردوا منها.

كما أسلفنا لم ينفذ من القرار إلا ما هو في مصلحة العصابات الإرهابية الصهيونية وكيانها القائم لاحقاً وحتى اليوم، مع كل غطاء ودعم دولي لكافة المجازر التي ارتكبها، وهذا الأمر زاد وسوف يزيد من حدة ودموية الصراع، وأقنع الجميع بأن كل ما صدر عن الأمم المتحدة كان يهدف لإنشاء ودعم الكيان الإرهابي كقاعدة استعمارية متقدمة وبالتالي تفتيت فلسطين وسلب أرضها وهو ما يجري منذ نهايات القرن التاسع عشر حتى اللحظة.

ازدادت – وتزداد كل يوم قناعة شرفاء وأحرار العالم بالمظلومية الدولية التي وقعت على الشعب الفلسطيني، وكان لإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية وإطلاقها الميثاق القومي – الوطني الذي يرتب شؤون فلسطين المستقبلية ويقترح على العالم دولة ديمقراطية على كل فلسطين وعودة اللاجئين، إذ يعتبر في مادته السادسة اليهود المقيمين في فلسطين قبل الغزو هم مواطنون فلسطينيون، ويورد ذلك حرفياً بوصفهم كالتالي “اليهود الذين كانوا يقيمون إقامة عادية في فلسطين حتى بدء الغزو الصهيوني لها يعتبرون فلسطينيين”.

فيما بعد، كان للكفاح المسلح صدىً عالمياً كبيراً، إذ أن المناشدات والمآسي والمذابح المتواصلة لم تفلح بإيقاظ ضمير العالم، وهكذا حتى بلغت المقاومة الفلسطينية أوجها ونبهت العالم بأسره عبر عملياتها داخل وخارج فلسطين، حيث تتالت بعدها الدعوات ذات الصياغة السلمية والمشاريع التسووية لإنقاذ الكيان الصهيوني من الانهيار اللاحق الحتمي أو التفتت أمام استمرار الثورة الفلسطينية ودعم الدول العربية المساندة للحق وللقضية، وهو ما كان مقدمة بل ودافعاً لقرارات عدة تعترف بتمثيل المنظمة وتدعو إلى الحلول، وقد ثبت بأنها كلها ديباجات وهمية تهدف لكسب الوقت وتكريس وتقوية كيان الإرهاب الصهيوني.

بضغط الكفاح المسلح، وجدت الأمم المتحدة أنه لا بد من قرارات توازنية فوافقت على العديد من القرارات لصالح الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ومن أهمها قرار الجمعية العامة رقم 40/32  المؤرخ في الثاني من كانون الأول- ديسمبر عام 1977، حيث يتم بناءً عليه الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني سنويا يوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر وهو ذات تاريخ قرار التقسيم – للإشارة و للتأكيد عليه- ، ويقام ذلك في احتفال رسمي يجري في مقر الأمم المتحدة وفي مكاتب الأمم المتحدة في جنيف وفيينا وفي مدن وبلدان أخرى عدة.

وقد دأب العالم خلال هذا اليوم اعتيادياً بشكل كرنفالي سنوي على أن تُجري الجمعية العامة للأمم المتحدة مناقشتها السنوية الشكلانية بشأن قضية فلسطين، كما تُعقد اجتماعات خاصة يتلو فيها مسؤولون رفيعو المستوى في الأمم المتحدة وفي منظمات حكومية دولية وممثلون عن المجتمع المدني ببيانات وأفكار بشأن قضية فلسطين. ويشمل ذلك إقامة مناسبات ثقافية وفنية، وتنظم هيئات حكومية ومنظمات المجتمع المدني، بالتعاون مع مراكز الأمم المتحدة للإعلام أنشطة أخرى متنوعة في مختلف أنحاء العالم.

ولا يجب أن ننسى بأن الدول الداعمة للإرهاب الصهيوني ذاتها تحتفل بدورها في يوم التضامن، وعلى الرغم من ذلك يجب على الفلسطينيين التمسك به، والبناء عليه وعلى غيره من القرارات مع ابتكار وسائل نضالية بشتى الأشكال ومن ضمنها الكفاح المسلح – على الأقل كرد على الجرائم والمذابح- وبخاصة أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت في الثلاثين من أيلول – سبتمبر العام 2015 فلسطين كدولة بصفة مراقب، وبذلك تم رفع العلم الفلسطيني أمام مقرات ومكاتب الأمم المتحدة، وذلك كله لم يكن بسبب دعوات السلام بل خوفاً على مستقبل الكيان من الانهيار الحتمي.

عن وليد عبد الرحيم

شاهد أيضاً

بيان بيدرسون في الذكرى السنوية “للصراع السوري”

في  ذكرى ” الثورة المغدورة”، لا يجد هذا الفَقِيه الأممي ما يقدّمه للسوريين سوى  الإصرار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *