المصدر/ ناس نيوز

السمات العامة للجماعة التسلطية

إذا ما جردنا ماهية الجماعات التسلطية لتلك الجمهوريات التي حكمها ثلة من الدكتاتوريين المتخلفين ثقافياً، ومحدودي الأفق معرفياً، فإنه باستطاعتنا أن نكشف عن السمات العامة لهذه الجماعات التسلطية وهي:

التسلسل الهرمي لامتلاك القوة الذي يبدأ من الحاكم الأول المطلق، حيث هذا الذي يمتلك القوة ويحتكرها، يمتلك القول الفصل في كل شؤون البلاد والعباد. تنحدر للجماعة الأقرب الأسرة، الزوجة والأولاد، الذين يستمدون قوتهم من الطاغية الأول مباشرة.

وبعدها تأتي فضلات القوة لجماعة أوسع من العاملين في أجهزة الأمن والعسكر وزراء مدراء محافظون وهكذا. إن هؤلاء الممنوحة لهم فضلات القوة ليسوا مالكين لها، بل هم أدواتها وباستطاعة الطاغية أن يسلبها عمن يشاء ويمنحها لمن يشاء.

هذه الجماعة في تسلسلها تمنح كل درجة من درجات الهرم سلطة مطلقة في حدود ممارستها للتسلط، باستثناء المتسلط الأول الذي لا حدود لسلطته المطلقة وبالتالي لتسلطه.

تتمتع الجماعة التسلطية بذهنية استباحة الحق إلى درجة استباحة القوانين نفسها التي تشرعها بوصفها قوانين دولة هذه الجماعة. وهذا هو الذي يفسر تراكم الثروة المسروقة لدى الجماعة التسلطية. وليس هذا فحسب، وإنما تجري عملية اغتيال الأعراف والقوانين المتفق عليها تاريخياً.

من تقاليد الجامعات في كل أنحاء العالم فإن المناصب الأكاديمية وقف على المرتبة العلمية، فرئاسة قسم في الجامعة يحتوي على من هم في مرتبة الأستاذ، وقد تعود في الدولة التسلطية إلى مدرس. وقد يصبح المدرس عميداً للكلية بسبب ولائه أو انتمائه الطائفي. فيكون الانتماء والولاء هو المعيار.

الشعور بالخوف من الآخر. أجل إن ذهنية المتسلط والجماعة المتسلطة قائمة على الخوف من الآخر.

المجتمع بوصفه أكثرية يخيف إذا ما تحول إلى فاعل تجاوز وتغيير.

ولهذا فإن الذهنية المتسلطة الخائفة تعمل بكل ما أوتيت من عنف على إخافة الأكثرية. وهذا أيضاً هو الذي يفسر ممارسة أعلى درجات القمع.

موت الضمير الإنساني بما ينطوي عليه من حياء بشري. وذلك أن التسلطية وهي تمارس أبشع أنواع السلوك اللاأخلاقي، تدرك عداء الأكثرية لها والاحتقار. ولهذا تموت بالنسبة إليها منظومة القيم المتعارف عليها. ويموت معها أخلاق الحياء من الآخر الذي هو ميت بالنسبة إلى الجماعة التسلطية.

فقدان الشعور بالهوية الوطنية عند الجماعة التسلطية، والتقوقع داخل هوية السلطة فقط، ويترتب على ذلك أن السلطة التسلطية تفقد الكرامة الوطنية، ولا يعود للوطن مكان في وعيها أبداً. ويتأسس سلوكها على عنصر واحد وحيد فقط وهو الاحتفاظ بالسلطة، حتى لو كان الثمن تدمير البلاد والعباد واستدعاء الاحتلالات الخارجية.

ويجب أن لا ننسى بأن جميع أشكال التسلط الآنفة الذكر هي عسكرتارية تتصف بمحدودية العقل والخبث المدمر، والغباء العقلي والعاطفي، والجوع التاريخي للثروة.

فالغباء العقلي يقود إلى مبدأ كل شيء مباح للاحتفاظ بالسلطة، والغباء العاطفي يؤدي إلى القتل وكل أشكال انتهاك الجسد للمختلف. والجوع التاريخي للثروة يفجر اللاشعور الفجعي ويصل الهبش حد اللامعقول.

إن ما قلناه سابقاً هو الذي خلق الطابع الحتمي للثورات العربية، على ما فيه التشابه والاختلاف.

ولعمري إن ثورات تحطيم الجماعات التسلطية بعصبياتها المتعددة وتحرير المجتمع من هذا الوسخ التاريخي، واحدة من أعظم إنجازات هذه المرحلة التاريخية، حتى لو لم نشهد اليوم الصورة الأخيرة للعملية التاريخية.

المصدر: الناس نيوز https://annasnews.com/archives/34680

عن د. أحمد برقاوي

شاهد أيضاً

بيان بيدرسون في الذكرى السنوية “للصراع السوري”

في  ذكرى ” الثورة المغدورة”، لا يجد هذا الفَقِيه الأممي ما يقدّمه للسوريين سوى  الإصرار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *