زقاق المدق: سردية المكان

قراءة في الفيلم والرواية
يقول باشلار: “حين تبحث- في الحياة- عن مكان تأوي إليه، أو تحتمي فيه، فإنك تلجأ إلى الخيال الذي يتعاطف مع الكائن الذي يسكن المكان المحمي، فيجعله يعيش تجربة الاحتماء بكل تفاصيل الأمان والحماية الدقيقة”.
فهل شعرتَ يوماً أنك غير متصالح مع المكان، حيث تعيش، وتنتابك رغبة شديدة للخروج منه؟
ثمة، في السرديات، ما هو واقع وما هو متخيل، وكثيراً ما نصاب -نحن القراء- بالإعياء، أو ربما بالضجر، لمحاولتنا الفصل بينهما. وفي الواقع، يختلف المعمار السردي الروائي عن مثيله السينمائي، في جوانب عدة، لاختلاف أدوات وتقنية كل منهما طالما نتحدث عن سرديتين أو نمطين من أنماط الكتابة الإبداعية (الكلمة والصورة).
مما لاشك فيه أن تحويل روايات نجيب محفوظ* (مهندس الحكايات الإنسانية الخالدة عبر كتابة سردية ترسم تفاصيل المكان بدقة و دهشة.) إلى أعمال سينمائي مهمة صعبة وشاقة، لا تخلو من المخاطرة، بل والمقامرة، لأن المخرج سيضع مصير عمله بين جمهور واسع متعدد بأمزجة متباينة لا يشبه جمهور القراء. لا تستجيب الرواية، في أحيانٍ كثيرة، لمتطلبات القارئ، ولا تكون مقتضيات السرد من النوع الذي يثير شغف ما حيث تتوارى بعض المعاني وراء مجازات و رموز “وهذا مجاله أرحب في السينما”. ولذلك قد نتفهم بسهولة مقولات العمل السينمائي، في حين نحتاج وقتاً أطولاً لتفكيك العمل الروائي.
ولكن هل نجد صعوبة مع محفوظ؟

أي تفكيك البنية السردية للرواية، والآلية التي صوّر فيها أهم شخصية في الرواية، أي، “حميدة” في زمنها الحقيقي. و بما أن الروائي ليس مخرجاً سينمائياً فإن ما يفترض أن نحصل عليه، من الرواية، ليس بالضرورة هو ذاته ما نحصل عليه من السينما، نظراً لعدم الأخذ بعين الاعتبار في أحيان] كثيرة الاستدراك التاريخي لبناء العمل الفني، أي، “تاريخية” العمل الذي قد لا يكون ظاهراً في متن العمل الذي يستوثق المصادر والأحداث والشخوص وعوالمهم، وهو أمر يختلف -فيما أرى- عن البنية الإبداعية للنص، الذي يقع في مطارح ليست لصيقة بتاريخية النص، بل هي أشد التصاقاً بالكاتب نفسه. فزقاق المدق الرواية \وحميدة الفيلم، عملين مختلفين، من منبع واحد، أتيحت لي فرصة قراءة الأول، ومشاهدة الثاني، ويا لها من تجربة مثيرة تستحق المغامرة.

وهنا مبتدأ الحكاية وخبرها حيث تبدو ملامح سكان الزقاق شديدة الالتصاق بتاريخه ومعالمه وعوالمه, وليس عبثاً أن تبدأ الرواية بوصف الغروب, كإشارة إلى أن صفة الغروب و”الاختباء” ملازمة للزقاق الذي “تزدان جدرانه بتهاويل الأرابيسك, وروائح قوية من طيب الزمن القديم”، تعبير غير مرئي عن المجهول، وما يتطلب ذلك الاختباء من مصيدة أشبه بالجدران تخفي الزقاق بين أزقة شارع المعز، عن بقية أحياء منطقة الحسين في القاهرة الفاطمية، لتجعله مكان منعزل مسكون بهواجس سكانه المنقطعين عما حولهم يعيشون حالة “غروب” مجد آفل، حتى أنه يمكن القول أنه من حسن حظنا أن الفيلم مشغول بالأسود والأبيض، الأمر الذي يزيد من رهبة المكان وقربه من الصورة الحقيقية التي أراد لنا محفوظ أن نراها في الزقاق باعتباره الحيز الذي سيستقطب فيه وضمنه عوالم محفوظ الساحرة بكل أبعادها: الزمانية والمكانية والتاريخية والحضارية، يفردها أمامنا بتفريعاتها الفرعونية والفاطمية والمملوكية ككل واحد لا يتجزأ وكتعبير شبه عفوي عن معنى الدولة المتجذرة في وجدان المواطن المصري المنقطع بفعل الاحتلال عن هذه الدلالات العميقة؛ وهذا العقل الجمعي المستلب الناتج عن ذهول المصري أمام الغرب ليس وليد الحرب والإنجليز فقط؛ بل سبق أن قامت الحملة الفرنسية بتفكيك هذه الأبعاد والتفريعات فيما يعرف تقليدياً بـ “صدمة الحداثة المعرفية الأولى لمصر الحديثة”.
زقاق المدق، إذن، درب صغير منسي مرصوف بحجارة لامعة وملساء من كثر احتكاك أقدام البشر بها.. فلا عجب، إذن، أن يفتتح محفوظ روايته باستهلال ملحمي يتكثف فيه المكان برشاقة: “تنطبق شواهد كثيرة بأن [زقاق المدق]  كان من تحف العهود الغابرة، وأنه تألّق يوماً في تاريخ القاهرة المُعزِّية كالكوكب الدري. أي قاهرة أعني؟ الفاطمية؟.. المماليك؟.. السلاطين؟.. علم ذلك عند الله وعند علماء الآثار، ولكنه على أية حال أثر، وأثر نفيس.. كيف لا وطريقه المبلط بصفائح الحجارة ينحدر مباشرة إلى الصنادقية، تلك العطفة التاريخية، وقهوته المعروفة بقهوة” كرشة” تزدان جدرانها بتهاويل الأرابيسك، هذا القدم باد، وتهدم وتخلخل، وروائح قوية من طيب الزمان القديم الذى صار مع مرور الزمن عطارة اليوم والغد”. فتاريخ الزقاق هو تاريخ آيل للنسيان حيث يلتف الزقاق ” في غلالة سمراء من شفق الغروب، زاد من سمرتها أنه منحصر بين جدران ثلاثة كالمصيدة، له باب على الصنادقية، ثم يصعد صعوداً في غير انتظام، تحفُّ بجانب منه دكان وقهوة وفرن، وتحفُّ بالجانب الآخر دكان ووكالة، ثم ينتهي سريعاً- كما انتهى مجده الغابر- ببيتين متلاصقين، يتكون كلاهما من طوابق ثلاثة” . وعلى هذا فزقاق المدق إذن حكاية مكان ..حارة مغلقة في منطقة الحسين, متفرعة من شارع الصنادقية الموازي لشارع الأزهر و يقال أن اسمه أتى من مهنة سكانه حيث كانت تطحن فيه التوابل قبل نقلها إلى سوريا.
هذا عن زقاق المدق المكان؛ أما زقاق المدق النص فهو بطل محفوظ المسكون في مخيلته يرصد فيه حياة شريحة مجموعة من سكان أحد احياء القاهرة في زمن تدهورت فيه الظروف الاجتماعية والاقتصادية في مصر، بسبب الحرب والاحتلال. وعلى الرغم من أن المكان هو البطل الحقيقي، لدرجة أن الكاتب اختار عنوان روايته باسمه، إلا أن هناك بطلاً آخراً ينافسه، إنها حميدة -الرمز الذي صنعه محفوظ باقتدار- وحكايتها التي تؤطر الرواية وتتحكم في صياغة العمل وتحديد أبعاده وخلفياته (ومن سوى الإنسان منافساً للمكان؟).

حميدة الأنثى\ الإنسان\ النموذج الذي قد نصادفه في أي لحظة، وفي أي مكان. حميدة الحدث الأبرز في الفيلم حيث تبدأ بها الأحداث و تنتهي عندها، وشخصيتها المركبة تحمل جزء من “تاريخها”، فهي فتاة جميلة لكنها فقيرة، متمردة لكنها وحيدة، تنظر للزقاق بدونية لكنها لا تملك وعياً كافياً لأن تثور، فحبّها للمال حب ساذج ومرهق، يدفعها في النهاية للتضحية بكل ما تملك لتحصل على لا شيء. وهي، حين تهرب من الزقاق إلى ما تعتقد أنه سيجلب لها السعادة والمال، فإنها تهرب عن سابق إصرار وترصد وبجرأة أقرب منها للوقاحة والانتهازية الساذجة حين تظن أن ما يقع خلف جدران الزقاق عالم آخر، وفي هذا رمزية واضحة عن سعي المدينة الأوسع لتفكيك الوعي الجمعي للمناطق الشعبية والتهام تاريخهم لصالح المدينة البرجوازية الجديدة الصاعدة، فتسقط حميدة بين يدي قواد محترف، لتتعرف على درب آخر من الأخلاقيات تختلف عن أخلاقيات الزقاق. وحميدة، وإن كانت شخصاً فرداً، إلا أنها في سلوكها تعكس ما يعتمل من صراعات داخل الزقاق، فهي هربت من الحي-مثلما فعل “حسين كرشة” قبلها- تدفعها رغبة صادقة وقوية في أن تعيش حياة ترف، دون قيود، وهذا واقع معظم المصريين في تلك الحقبة، الهروب من واقع الفقر إلى عالم رحب واسع حيث المال والرغبة في العيش واقتناء الأشياء الجميلة. فحميدة ليست سوى نموذج قد نصادفه في العديد من المجتمعات الخاضعة للاستعمار، حين يشوّه معقولية وعمل المجتمع المحلي عن طريق خلق “ثقافة” موازية لما هو سائد، وربط سوق العمل بمركزه وإحكام سيطرته على مراكز القوى المحلية، ومفاصل المجتمع المدني ليساهم بشكل مباشر، وغير مباشر، في تفكيك المنظومة الأخلاقية للمجتمع.
يدور الفيلم حول حميدة، بنت الزقاق اليتيمة، التي تعمل في مشغل، وتعيش مع عديلة البلانة شريكة أمها المتوفية. وتظهر كفتاة تطمح لحياة أخرى أكثر تحرراً ورفاهيةً. يقع في هواها الحلاق عباس الحلو فيخطبها، فتوافق بشرط أن يذهب مع حسين كرشة- شقيقها في الرضاعة- للعمل في “الأورنس” (أحد معسكرات الجيش البريطاني في التل الكبير) ليحصل على المال الكافي ليشبع نهمها وتعطشها للبذخ. ولكن الأمور لا تتوقف هنا، إذا بعد سفره يتقدم السيد سليم علوان (أغنى رجل في الزقاق) إلى خطبتها فتوافق على الفور-رغم أنه متزوج- على أمل تحقيق ولو جزء من أحلامها. ثم يظهر فرج، وهو قواد محترف يدير حانة كبيرة، ويبدو أن مهنته انتعشت بفعل الحرب والاحتلال، فصار يصطاد بنات الفقراء والمحرومين في ظل الكساد الذي لحق بالبلاد ليعملن في الملهى الذي يملكه، للترفيه عن الجنود الإنجليز والأمريكان بالقاهرة، ويتمكن فرج من إغواء حميدة ويقنعها بأنه سوف يتزوجها، لو هربت معه، لأن زقاق المدق لا يليق بجمالها وذكائها، فتهرب معه، لتكتشف لاحقاً أن فرج يدفعها لحياة أخرى غير تلك التي حلمت بها (في الرواية تعلم حميدة حتى قبل هروبها أن فرج قواد) فتنغمس معه في حياة جديدة، وتنسى الزقاق وأهله، ويصبح اسمها تيتي وتتعلم الرقص والغناء واللغة الإنجليزية، بما يكفى، للتفاهم مع الزبائن، وهناك تتعرف على شكريه زميلتها في المهنة وشريكتها فى حب فرج وإحدى ضحاياه.
يعود عباس بعد أن استغنى عنه الإنجليز ليكتشف هروب حميدة، فلا يصدق ويقرر البحث عنها، وتحمله المصادفة إلى الملهى حيث تعمل، وحين يراها يفهم كل شيء على الفور، فيقرر الانتقام من فرج، ثم فجأة تدوي صافرات الإنذار، لتنبه الناس إلى وقوع غارة، وتبدأ معركة، فيطلق أحد الجنود الإنجليز النار من مسدسه، ليصيب حميدة فتسقط مضرجة بدمائها، وتقوم شكرية بانتزاع المسدس من يد الجندي وتطلق النار على فرج فترديه قتيلاً. يحمل عباس حميدة ويعود بها إلى الزقاق لتلفظ أنفاسها الأخيرة هناك.
هذه هي النهاية التي اختارها المخرج بخلاف الرواية التي يموت فيها عباس، وليس حميدة.
كان موتها بهذه الطريقة يعني -من وجهة نظر المخرج- موت رمز فاسد، أراد منه، على ما يبدو، إرضاء الذائقة العامة التي تفضل أن تدفع حميدة ثمن سقوطها، غير أن موتها المصطنع هذا، وغير المقنع، أثّر سلباً على الفكرة الجوهرية للرواية التي تدور نهاياتها وفق مسار درامي، برع في بنائه محفوظ، ليصل إلى نهاية شديدة الصدق وشديدة الواقعية، عن بطل ساذج، دفعه حبه الأعمى، وبطالته إلى التهور والموت. فإذا كانت رسالة حسن الإمام -المخرج- تحمل في مضامينها منطقاً تجارياً ينطوي على المساومة مع الجمهور، بما يفيد العظة والعبرة، كأنه يريد أن يقول لنا “الجمهور عايز كده”، فإن رسالة محفوظ هي الأقرب للتاريخ الاجتماعي الإنساني، كأنه يريد أن يقول، ربما علينا من الآن فصاعداً أن نتوقف عن القتل المصطنع للشرير في نهاية القصة، وبهذا المعنى تكون رمزية موت عباس في الرواية أكثر انسجاماً مع التأويل الدرامي لعناصر الرواية من موت حميدة، إلا إذا اعتبرنا موتها له منحى إيحائي يرمز إلى مصر إبان الاحتلال وهو ما ذهب إليه رجاء النقاش، في قراءته للرواية، حين قارب بين حميدة كرمز للمكان وبين مصر المحتلة من قبل الإنكليز، وهو تأويل شديد التطرف، وفيه من الشطط والعسف ما يضعف من قوة الفكرة ويضيق احتمالات توسيعها لإثرائها نقداً.
حاول الإمام تحقيق رؤيته التعبيرية سينمائياً، وليس وفق تقنية الإبداع النصي الروائي، وهذا أمر منطقي، فهو ليس كاتب روائي أو مسرحي، ولهذا قرر بمساعدة السيناريو أن تكون الكلمة الأخيرة في الفيلم للشر، فالاحتلال شر، والفقر شر، والدعارة والحشيش وتشويه الأجساد، كلها شرور, والبطالة هي أم الشرور والرذائل.
ربما كنت الإضاءة الوحيد، في خضم هذا الشر، هي عودة حميدة للزقاق، ولو قتيلة، وإن كان هذا الأمر ناجح على الصعيد السينمائي، فإن مثل هذه الفكرة بمشهديتها السطحية سوف تعيق تصورنا لشهوانية حميدة ورفضها لحياة الزقاق كما تصورها الرواية.
كيف لحميدة أن تهرب من الزقاق وهل شعرت بالندم؟ لماذا ترفض الذهاب إلى الملجأ اثناء الغارة؟ ولماذا كانت ردودها على عباس مرتبكة ومضطربة. وماذا كانت تقصد بقولها “أنا انتهيت”؟ ثم كيف عادت للزقاق قتيلة؟ ما الذي يمكن أن يقال عن انتماء حميدة للزقاق؟.

قد يقول قائل أن نجيب محفوظ يمتلك من براعة البناء الدرامي ما يجعل أبطاله ينساقون لأدوارهم مرغمين، ولكن هل كان الإخراج مضطراً لهذا؟ وهل امتلك، الإمام، البراعة لخلق سردية بصرية موازية لإبداع محفوظ؟ حتى ضمن المنطق النفسي لكل شخصية؟.

تعبر وقائع الفيلم عن أحداث مكانية، لكن العودة لهذا المكان تمثل تتويجاً للانتماء، وهو ما كانت ترفضه حميدة طوال الوقت، ولذلك كان موتها حدثاً سوريالياُ يقع خارج الزمن الروائي، وملمحاً أساسياً يعبر عن عدم قدرة حسن الإمام في التوصل لما كان محفوظ يريد قوله.. لنتذكر ما قال همنغواي عندما شاهد الفيلم المقتبس عن روايته (لمن تقرع الأجراس ): “هذه القصة ليست قصتي”. ويصدق هذا على زقاق المدق بطريقة ما، إذ لم يستطع السيناريو أن يقبض على فكرة محفوظ، فبدت حميدة في مشاهد سقوطها “ساذجة”، يلهو بها قواد، بينما كانت في الرواية تعرف جيداً أنه قواد، وتعرف جيداً أنه يريدها عاهرة (أليست هي حميدة ذاتها التي يصفها محفوظ في الرواية بأنها “عاهرة بالسليقة”!). غير أن ما هو مشترك بين الرواية والفيلم يتمثل في “الوعي الجاهز” الذي رسم مسارات إيقاع تطور حياة حميدة رغم اختيار الرواية والفيلم نهاية مختلفة لكل منهما، فتظهر “حميدة” كسردية بصرية خلقها فعلاً حسن الإمام ويحتفي بها على حساب الزقاق (ربما بعكس رغبة محفوظ)، فيكاد يكون الزقاق مجرد خلفية باهتة لحركة حميدة، ويبدو أن هذا الاختيار كان بناءً على “اعتبارات  تقنية سينمائية”، في حين أن “زقاق المدق”  كسردية نصية أبدع محفوظ في رسم تفاصيلها وشخصياتها: عباس الحلو وحسين كرشة وفرج القواد والمعلم كرشة وزيطة، وهؤلاء، يشكلون شخصيات متناقضة، بل ربما متنافسة أيضاً، يجتمعون في مشهد بانورامي يعكس الجوانب النفسية والاجتماعية والعاطفية والاقتصادية لسكان القاهرة في فترة الحرب العالمية الثانية.
ورغم تجربة حسن الإمام المميزة في السينما المصرية، وعشقه لتصوير الأحداث المتشابكة والصراعات الإنسانية، و انغماسه في عمق الحالات النفسية لأبناء الطبقات الدنيا، فضلاً عن جرأته المشهورة (ربما كانت هذه السبب المباشر لاختياره رواية زقاق المدق وتحويلها إلى فيلم)، رغم كل هذا فالأمر لم يكن كافياً – بالأحرى لم يكن مقنعاً- لمثل هذا الانقلاب على تلك الصور الرائعة التي رسمها محفوظ لقاع العوالم القاهرية، من خلال حارة تتجمع فيها الأحلام والأوهام والطموحات والآلام، لتستحيل عند الإمام إلى مجرد سردية بصرية باهتة غير متقنة في جزء منها لأحد سكان الحي.
مما لاشك فيه أن الفيلم، وبعد كل هذا الزمن على إنتاجه، مازال له بصمته الساحرة وشحنته العاطفية، مثلما ترك محفوظ بصمته الخالدة، فمع كل الملاحظات على عمل الإمام، فقد استطاع، بطريقة ما، التعبير، ولو جزئياً، عن عوالم وفضاءات محفوظ التي تعيش تحت ضغط علاقات وسلطة ذكورية في مجتمع تقليدي يقوم على التقليل من شأن المرأة و “تشييئها”، ويحجب عنها بعدها الإنساني، وقيمتها كفرد كامل الحقوق الاجتماعية، وعلى عكس أغلب أعمال نجيب محفوظ الأخرى، المرأة هنا هي البطل، مع أن عمق الرواية ذكوري بامتياز. وهذا ليس تجني على المجتمع المصري ولا اتهامٌ للكاتب بالتحيز، فحارة محفوظ هي حارة ذكورية، وهو مضطر للنظر لأبطاله، وعوالمهم، بعين الذكر  كي يستقيم له البناء السردي والدرامي الذي سوف يعبر عن واقع مصر في تلك الفتة، لذلك تستحيل المرأة إلى رمز، لكنه ليس رمزاً جامداً بل مفعم بالتصورات الذكورية عنه. وفي حالات قليلة، عبّر هذا الرمز عن ذاته بوضوح مثلما فعلت حميدة، فالمرأة، رمز الإغراء والسقوط، كما هي رمزٌ للنجاح وللأمل، وهكذا اشتغل محفوظ بدقة لإظهار مزايا وخصائص هذا الرمز. بينما الرجل عند محفوظ لا يحتاج للترميز، لأنه يصادفه في جولاته في حواري القاهرة المعزية، فشخصياته الذكورية هي أصدق تعبير عن شخصية المصري المعاصر، ولابد أنه سمع قصصهم من رجال صادفهم على المقاهي هناك.
وإذا كانت حميدة تختلف عن نساء محفوظ الأخريات، فمن باب أولى أن يحتفي بها أيضاً بشكل خاص ومميز، فهي ليست مجرد رمز للخطيئة كما يصورها الفيلم، بل هي ربما أحد نماذج الحلول المجتمعية التي يقترحها محفوظ، وهو هنا لا يراوغ، بل يقدمها منذ البداية على أنها تسير باتجاه السقوط، ومن خلال هذا الوعي “الجاهز”، يتم فسح المجال أمام الشخصيات كي تعبر عن نفسها تلقائياً بفعل تواجدها، جنباً إلى جنب، مع شخصياتها النقيضة: عباس وفرج وحسين كرشة وحميدة. ولا يشتمل هذا الوعي “الجاهز والمشخصن” في جزء منه على جدلية إثبات عكسه، بمعنى نفي الحال القائم، فالبطل هنا (سواء حميدة أم الزقاق) هو الصورة النمطية لبطل محفوظ في معظم أعماله، البطل التجريبي، أي البطل، من حيث هو بطل فقط، لا من حيث هو بطل ومفكر أيضاً، فحميدة ترفض أخلاقيات الزقاق وقيمه، لكنها تقبل العيش في مكان قريب منه، وسبب رفض حميدة للزقاق لا ينبع من “حس ثوري”** تتمتع به، بل ربما يعود السبب إلى اختيار العناية الإلهية لها لتكون ابنة الزقاق وليس ابنة عائلة ثرية؛ ومن هذه النقطة تبدأ كآبتها فتغرق في تصعيد داخلي تمثله موضوعياً المرحلة التاريخية التي تعيشها مصر تحت الاحتلال، وهي الفترة التي خبرها محفوظ عيانياً، وتتجلى واقعية محفوظ في أن حميدة استطاعت الهروب من الحي، بينما فشلت مصر في “الهروب” من الاحتلال. ربما لم يكن محفوظ راضياً عن نهاية الفيلم، ونهاية حميدة وفرج وعباس، إذ ما كان يشغله هو التعبير عن الفراغ الذي يخلقه فقدان الأمل والخوف الذي يعطل التفكير السليم. وليس هدفه -هنا بالذات- تصوير الشر أو تعريفه، بل نقل الصور الحسية لمشاعر مجموعة من الناس تغلفهم مرارة الحياة و كآبتها،  يغرقهم فقرهم ويعميهم عن الحس السليم، وإن كانوا لا يخلو من الطيبة. وعلى هذا فحميدة شخصية مركبة من عنصرين أساسيين أثّرا فيها و أثراها: العامل الذاتي، أي البناء النفسي لحميدة نفسها، والظرف الاستعماري المسؤول عن جميع الانحرافات، ليس أقلها، تحويل حميدة من بنت حارة “جدعة” إلى عاهرة وظيفتها الترفيه عن جنود الاحتلال، ولا يختلف عمل عباس الحلو وحسين كرشة لدى الإنجليز عن عمل حميدة في الدعارة، فهم في الحقيقة نماذج لشخصيات تحاول الاستفادة بطريقة انتهازية تبريرية من المغزى الاقتصادي لوجود الاحتلال، الذي كان له مفعول السحر في التغيير الاقتصادي في مصر، وساهم في تفكيك العلاقات الاجتماعية القديمة، وتأصيل نزعة تسليعية ذاتية تسعى لتحقيق المكسب السريع، وهذا بطبيعة الحال سيفرز ظلماً هائلاً، و سوف يكدس فئات اجتماعية تنسحق فوق بعضها البعض، الأمر الذي سيقود لاحقاً إلى الانفجار (ثورة يوليو؟). كما سار هذه الظلم، في الاتجاه المعاكس، بخلق شرائح طفيلية، تنظر للمال بقداسة وبقيمة عالية، وتمتزج هذه النظرة بأحلام، من طابع رجعي، تأمل في العودة إلى “التماسك الاجتماعي والأسري” الذي كان سائداً -باعتقادهم- قبل الاحتلال. وهذا هو حال الفئات التي ترفض التغيير في المجتمعات على مر التاريخ البشري الاجتماعي، فالمعلم كرشة، الذي كان ممن شاركوا في ثورة 1919، تحول إلى رجل حيادي، بطريقة ملفتة للنظر، يبيع الحشيش في قهوته، التي يملكها في الزقاق، ولا مانع لديه في التعامل مع الإنجليز، الذين لم يعد يُنظر لهم كمحتلين، وهذا أصدق تعبير عن اهتزاز صورة العمل الوطني في أذهان الناس. (ولشدة ما ينطبق هذا واقعنا الحالي، فانقلاب المعلم كرشة لصالح “من يدفع أكثر” يشبه العديد من النماذج الذين بتنا نصادفهم الآن. ورجعية الأفكار المضادة للتغيير ليست بعيدة كثيراً عن مقولة ” كنا عايشين”).
وهكذا تنظر حميدة للأمور بمقياسها الذاتي المتمركز حول شخصيتها وحبها للمال والجاه والمكانة الاجتماعية ولكن بمعايير ساذجة، ولطالما رددت أنها تريد الخروج من الزقاق إلى ما لست تدري؛ ولما أتيحت لها فرصة الخروج؛ أتتها -للأسف- على يد قواد لا يرحم .
انصب اهتمام محفوظ على المعالجة الدرامية للمكان والعناية به عبر شحنه بوقفات زمنية متقاربة, فالمكان عنده واضح لدرجة أنه استطاع بسهولة عزله عن القاهرة، وهذه العلّة المكانية، وإن كانت استهلالاً ملحمياً كما ذكرنا أعلاه، إلا أنها في المقابل، ليست تأملاً فلسفياً بل هي واقع يومي كان يعيشه محفوظ من خلال تردده على الزقاق وعلى مقهى المعلم كرشة. وكان لقدرة محفوظ المذهلة في الوصف دوراً هاماً في تقريب المجردات الذهنية التي تميز الكتابة. فالسينما عالم حسي بصري يختزل الكلمة إلى صورة، قد تؤثر سلبا على النص، وتعرضه لمخاطر التآكل مثل، الاستغناء عن بعض الشخصيات أو الأحداث أو المواقف أو الأمكنة، أو زيادة شخصيات وحوادث، أو تغيير جوهر بعض الشخصيات والحوادث. وهذا يتطلب إعادة صياغة للنص الروائي تتجاوز المعطيات الضرورية السابقة مثل الاختزال والتكثيف والتقديم والتأخير إلى التغيير في مسار الأحداث، واقتراح نهاية بديلة تقدم رؤية تتفق مع رؤية المخرج و رسالته للمتلقي. فهل ستكون السردية البصرية أمينة في رسم الشخصيات النصية؟ ما الذي يمكن أن يضيفه المخرج سواء للمكان أم للشخصيات أم لتصورات الكاتب ومقاصده.؟ الديكور مثلاً؟ الموسيقا؟ التصوير؟ ما الذي سيغامر المخرج بحذفه ليتساوق مع متطلبات عمله؟ وهل سيكون محقا في الحذف؟ وأخيراً، هل سينجح في تناول الأحداث و يحقق “الفرجة” للمتلقي التي هي عماد العمل السينمائي؟
كل هذه الأسئلة، و غيرها كثير، عادة ما تكون محور تساؤلات المشاهد حين يستعرض فيلماً سينمائياً مقتبساً عن نص أدبي. وقد حاول الإخراج عبر تحويله “زقاق المدق” إلى “حميدة” الإجابة، ولو بقدر ضئيل، عن بعض هذه التساؤلات، من خلال مراعاة أهمية المكان في الرواية، فكانت الكاميرا الحامل الرئيسي لنقل أفكار المخرج، ومثّلت معادلاً موضوعياً لقلم محفوظ، ففي حين كان القارئ يقلب صفحات الرواية منبهراً من دقة الوصف المكاني وتفاصيله؛ كانت الكاميرا تنتقل بالمشهد بين زوايا الزقاق وبيوته وحوانيته، مع التركيز على حميدة؛ وليس صعباً أن نلحظ كيف أن الكاميرا لم تخرج من المكان عندما خرج منه عباس الحلو، ولكنها خرجت منه عندما هربت حميدة، فكانت معها في شقة فرج وفي الملهى، حتى في موتها وعودتها للزقاق ظلت معها، فبقيت حميدة محور الفيلم الرئيسي وملمحه السينمائي الواضح وظلت الكاميرة أمينة لهذا الملمح، حتى أن مشاهدة الفيلم لأكثر من مرّة تعطي انطباعاً  كأن الفيلم يتحرك منذ البداية من أجل أن يهيئ الظروف لحميدة كي تخرج من الحي، ثم عندما تخرج، تبهت الصورة، ويصبح المكان ضبابي، مضطرب غير محدد المعالم، إلى أن تعود له قتيلة هذه المرة، وبتركيزه من جديد على الزقاق، يكون الإخراج قد حاول جاهداً تحقيق انتمائه للعمل الروائي. ومما يجدر ملاحظته، أن سيناريو الفيلم لا يعبر في الحقيقة عن وظيفة السيناريو الحقيقية كما يراد له أن يكون؛ أي “الكتابة بالصورة”، بل هو أقرب إلى البنية الدرامية الكلاسيكية، ونظرا لافتقار هذا النمط من السيناريو للصورة البصرية فهو يركز على الحوار، وهو ما نلاحظه في معظم الأفلام المصرية، حيث يلعب الحوار دوراً  كبيراً في تطوير الأحداث كما يساهم بفعالية في رسم الشخصيات، وهذه الخاصية تجعله يفتقر إلى حد ما للسردية البصرية، ويتحول المشهد السينمائي إلى شكل من أشكال الرواية المصورة أو العمل المسرحي، فالتركيز على الحوار قد يفيض في حالات كثيرة عن حاجة المشهد، وربما يؤثر على إيقاع الفيلم بصورة عامة، وهنا تبرز احترافية مخرج على شاكلة حسن الإمام، حين بذل جهداً مضاعفاً لموازنة إيقاع الصورة والحوار، وهو المعروف باعتماده على تقنية الحوار الطويل وشخصية الراوي في أفلامه.

أخيراً..

أعترف أنه تروق لي الأفلام المقتبسة عن نصوص أدبية، لاسيما تلك التي أتيح لي فرصة قراءتها، فهنا يكون للتأمل الذهني وظائف متعددة لعل أهمها “المقارنة” و “متعة الفرجة”: مقارنة الأحداث في الفيلم والنص, ومتعة القراءة و الفرجة، وهما بالنسبة لي أهم عوامل التحريض على القراءة أو مشاهدة فيلم سواء بسواء. غير أن المربك في الأمر، هو ميل معظم المقارنات لصالح النص على حساب السينما، ولهذا الأمر أسباب عدة، ربما تتاح لنا فرصة للتحدث عنها لاحقا. وأقصد بالنصوص هنا، تلك التي خلّدت مؤلفيها ونالت قسطاً وافراً من الاهتمام و النقد، ولذلك كانت قراءة محفوظ بالنسبة لي، فيما مضى، بمثابة فسحة للابتعاد عن إرهاق المألوف السياسي نحو المتشابه الإنساني المليء بعوالمه الواسعة وأطيافه المتنوعة وسرديته الآسرة، وبصفتي هذه – كقارئ- لا أشعر بنشوة النص وقيمته ما لم أتوصل إلى الطريقة التي تجعل العمل الأدبي جزء من وعيي، وتوضيبه كجزء من ذائقتي الفنية والفكرية.
ستقول الأسطورة لاحقاً، ربما بعد قرون أن شخصاً  كان يمر من هنا  كل يوم يضع نظارة سميكة لا تظهر منها عيناه. كان يتردد على مقهى عتيق، يريح ظهره على مسند كرسي خشبي، ثم يحني جسمه الهزيل، ويمدَّ يده المرتعشة نحو الأرض -نحو بلاط الزقاق- يغرسها بقوة، يخمش، يحفر، أعمق وأعمق، يتلبّسه فضول الكشف ونهم المعرفة، فتخرج من بين أصابعه فتاة جميلة شهيّة، كأنها انبثقت من بئر مسحورة، سوف يبتسم لها، ويسألها: “من أنا”؟. سوف تندهش من السؤال، تظنه أخطأ، (كأنه من المفترض أن يسألها عن حالها: من هي، ليس من هو).سوف تضحك، وسوف تنسلَّ من بين أصابعه، بخفة، وتلفَّ جسدها بملاءتها السوداء اللامعة، لتظهر تكوير مؤخرتها بغواية مقصودة واستفزازية، وتقول بلهجة شعبية لا تخلو من الابتذال: “الله؟ ده أنت حميدة يا واد”.. ثم تتابع وهي تصهل: ” قال على رأي المثل كتر الكلام خيبة و كتر العتب عيبة” ثم تمضي مبتعدة بأنوثتها الطاغية التي تكاد تفجر جدران الزقاق، تهرب من الزقاق نحو “الحداثة”، إذ لا معنى لجمالها داخل الزقاق، وعوالمه المكتظة بالقيود والذكور والحشيش والبطالة وتشويه الأجساد والاحتيال، رغم بساطة سكانه وطيبتهم، المقتنعين بحياتهم، على الرغم من سلبيتهم، إزاء ما يجري حولهم من أحداث. يستفيق الرجل من ذهوله ليسمع الشيخ درويش يصرخ في الأرجاء بصوت شجي … “ماتت حميدة”.. “ولكل شيء نهاية .. يعني End”.

……

*ولد نجيب محفوظ في حي الجمالية بالقاهرة القديمة في العام 1911. تخرج من قسم الفلسفة بكلية الآداب /جامعة فؤاد الاول (القاهرة) سنة 1934. عمل كاتباً في إدارة جامعة القاهرة, ثم موظفاً في وزارة الأوقاف، وتولى إدارة الرقابة على المصنفات الفنية. عُيّن في العام 1960 مديراً عاماً لمؤسسة دعم السينما، وبعد عامين صار مستشاراً للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتلفزيون، ثم رئيساً لمجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما سنة 1966، ثم مستشارا لوزير الثقافة لشؤون السينما سنة 1968. نشر روايته الأولى “عبث الأقدار” في العام 1939, ثم تتالت رواياته منذ منتصف الأربعينيات: “القاهرة الجديدة” ثم “خان الخليلي” و”زقاق المدق” و”بداية ونهاية”. وانتهى من كتابة الثلاثية: “بين القصرين” و”قصر الشوق” و”السكرية” قبيل ثورة يوليو\ تموز 1952. توقف عن الكتابة حتى العام 1959، ثم نشر “أولاد حارتنا” في صحيفة الأهرام القاهرية كاملةً، رغم اعتراض كثير من رموز التيارات المصرية المحافظة، ولم تطبع في مصر حينها، وأتت بعدها: ” اللص والكلاب” و”السمان والخريف” و”الطريق” و”الشحاذ” و”ثرثرة فوق النيل” و”ميرامار”، فضلاً عن عدد من المجموعات القصصية منها “خمارة القط الأسود” و”تحت المظلة”. و”الكرنك” 1974 و”ملحمة الحرافيش” 1977. حصل على جائزة نوبل للآداب سنة 1988, و توفي في الثلاثين من آب\أغسطس 2006 عن عمر يناهز 94 عاماً. تعد أعمال نجيب محفوظ الأكثر اقتباساً في السينما المصرية (حوالي 65 فيلماً، 40 فيلم مأخوذ عن رواياته فضلاً عن مشاركته في كتابة سيناريو  25 فيلماً آخر) بعضها يعتبر الأهم في تاريخ السينما المصرية على الإطلاق (اختار نقاد السينما في مصر 23 فيلماً له من ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في مئوية السينما لمصرية).. واشتغل مع أهم المخرجين في مصر مثل صلاح أبو سيف وعاطف سالم وتوفيق صالح ونيازي مصطفى ويوسف شاهين وحسن الإمام وكمال الشيخ  وعلي بدرخان، وغيرهم.

وفيلم زقاق المدق  مأخوذ عن رواية محفوظ بذات العنوان ، ن إنتاج العام 1963 ومن إخراج حسن الإمام وبطوبة : شادية، صلاح قابيل، حسن يوسف، حسين رياض، يوسف شعبان، عبد المنعم إبراهيم، توفيق الدقن، عقيلة راتب، محمد رضا ، ثريا حلمي.. وغيرهم من نجوم السينما المصرية.

‏** لم يقف محفوظ يوماً في وجه السلطة ولم يدعو يوماً إلى ثورة عليها، لكنه كان بطريقة ما ملهماً لمن يرغب بالقفز خارج الصندوق, ولفهم نجيب محفوظ الروائي لا ينبغي أن ننظر إليه وفقاً لمواقفه السياسية أو الدينية أو الفلسفية أو توجهاته الدينية أو مزالقه الفكرية, بل كمبدع من خامة خاصة اكتسب مشروعيته بفضل النفس الجديد الذي بثه في الرواية العربية في مراحلها الأولى حيث استطاع أن يرسي قواعد كتابة روائية عربية خاصة.

عن محمود الصباغ

كاتب ومترجم من فلسطين

شاهد أيضاً

ملف إميل حبيبي (II)

4-شارع فرعي في رام الله و” اخطية” تحيل قصة أكرم هنية الجديدة “شارع فرعي في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *