Flickr / Jean Baptiste

في تأمل “الإمبراطورية”: ماهي؟ وكيف نفكر بها. حوار مع أرونداتي روي

أفني سيجبال

ترجمة محمود الصباغ

استهلال

لقاء مجلة بوسطن ريفيو (عدد” امبراطورية الشر” خريف 2018)  مع أرونداتي روي عن الرقابة والسرد ومشكلتها مع مصطلح “ما بعد الكولونيالية”.

تسأل “أرونداتي روي”، في روايتها الثانية، “وزارة السعادة القصوى” (2017)، “كم ينبعي أن ندفع من دمنا حتى نقدم أدب جيد؟”

هذه العلاقة بين الرواية ومادة الحياة الحقيقية -العنف والظلم والسلطة- تمثل جوهر  كتابات “أرونداتي روي”، بدءً من روايتها الأولى” إله الأشياء الصغيرة” (1997) الحائزة على جائزة بوكر. وعلى مدى عشرين عاماً حتى تاريخ إصدار روايتها الثانية، أثارت الكاتبة الهندية حزن وقلق الكثيرين -لاسيما أولئك الذين فضلوا التمسك بالسرد القصصي وأولئك الذين ارتضوا التحولات السياسة العالمية بعد 11 سبتمبر- من خلال التعبير عن معارضتها السياسية علناً وبصوت عالٍ. تتناول مقالات “روي” النقدية، التي نُشر العديد منها في الصحف الهندية الكبرى، مواضيع الأسلحة النووية، والسدود الكبرى، وعولمة الشركات، ونظام الطبقات في الهند، وصعود القومية الهندوسية، والوجوه المتعددة للإمبراطورية، وآلة الحرب الأمريكية. ولاقت مقالاتها نصيباً من المدح وكذلك نصيباً من الغضب. وغالباً ما تعرضت، “روي”، للذم في وسائل الإعلام الهندية، واتُهمت بالتحريض على الفتنة، بسبب آرائها حول الدولة الهندية، وفساد المحاكم في البلاد، وسلوك الحكومة الوحشي في قمع التمرد في كشمير. حتى إنها تعرّضت، في إحدى المرات، للسجن بتهمة “ازدراء المحكمة”. ولكن، ورغم كل هذا، تتعامل “روي”، في هذه المقابلة، بمنتهى الصراحة، وهي تتأمل في العلاقة بين الجماليات والسياسة في أعمالها، وفي نظرتها إلى السلطة، ومعنى العيش والكتابة في العصر الإمبراطوري.

نص المقابلة

أفني سيجبال: تحددين في كتابك “دليل الشخص العادي للإمبراطورية An Ordinary Person’s Guide to Empire ” (2004)، بعض الركائز المختلفة للإمبراطورية مثل العولمة، والنيوليبرالية، والنزعة العسكرية، ووسائل الإعلام الكبرى. فتكتبين: “حطّمَ مشروع عولمة الشركات قانون ورموز الديمقراطية، فلم تعد الانتخابات الحرة وحرية الصحافة والقضاء المستقل تعني شيئاً بسبب اختزالها عن طريق السوق الحرة إلى سلع تباع لمن يدفع أكثر”. هل مازالت عند رأيك اليوم؟ أم يحتاج الأمر إلى تحديث؟

أرونداتي روي: أجل.. لقد كان هذا قبل أربعة عشر عاماً! فإن كان مازال صحيحاً أو يحتاج إلى تحديث، فلابد لتلك التحديثات أن تشمل، الآن، الطرق التي يستغلها رأس المال الكبير لتوظيف العنصرية، والطبقة الاجتماعية (النسخة الهندوسية من العنصرية، أكثر تفصيلاً وتعقيداً، ومعترف بها من الكتب المقدسة)، والتمييز على أساس الجنس والتعصب الجندري (المعترف به في معظم الكتب الدينية المقدس تقريباً) بطرقٍ معقّدة ومتداخلة وخياليّة للغاية لتعزيز قدرة رأس المال ذاته وحمايته وتفكيك الدّيمقراطية وتفتيت أي مقاومة إن وجدت. ولا يفيدنا القول، هنا، أن ثمة فشل عام أصاب اليسار في تعامله ومعالجته لهذه المشكلات. ففي دولة مثل الهند، اندمجت الطائفة -ذلك النظام الأكثر وحشية في الهرمية الاجتماعي- والرأسمالية في خلطة واحدة جديدة وخطيرة أضحت المحرك الذي يدير الهند الحديثة. ولن يساعد فهم أحد عناصر هذه الخلطة دون الآخر في التعرف على جوهر المشكلة. فالطبقة-الطائفة تكاد تكون خفية، لا لون محدد لها، ولو كانت كذلك، بمعنى لو كانت مرئية للعين غير المدربة، لظهرت لنا الهند دولة فصل عنصري، (أبارتيد) بدرجات ليست قليلة على كل حال.

وبالعودة إلى سؤالك الأساسي، نعم هناك تحديثات.. وثمة “تحديث” علينا تأمله، فديناميات التكنولوجيا الجديدة تكاد تصل إلى الاستغناء عن شرائح عريضة من الطبقة العاملة وتوقفها عن لعب أي دور في النشاط الاقتصادي -لنقل فائض سكاني إن أردتِ، مما يستدعي الحاجة إلى إدارة هذه الجموع (الغاضبة) والسيطرة عليها. سوف تضمن إحداثياتنا الرقمية سهولة التحكم بنا، وبتحركاتنا، وصداقاتنا، وشبكة علاقاتنا، وحساباتنا المصرفية، ووصولنا إلى الأموال والطعام والتعليم والرعاية الصحية والمعلومات (سواء كانت مزيفة، أم حقيقية)، وحتى رغباتنا ومشاعرنا- كل ما سبق، سيخضع للمراقبة والسيطرة والتحكم بشكل متزايد على يد قوىً وسلطات بالكاد نعرفها وندركها. تُرى، كم سنحتاج وقتاً قبل أن تشعر النخبة في العالم بإمكانية حل جميع مشاكل العالم تقريباً فيما لو استطاعوا التخلص فقط من هذا الفائض السكاني؟ وسوف يتمنون من أعماقهم لو يتمكنوا من إبادة مجموعات سكانية محددة بدقة وبطرق محددة – باستخدام أساليب إنسانية وديمقراطية بالطبع. ويفضل أن يكون ذلك باسم العدل والحرية. ليس على نطاق صناعي، مثل غرف الغاز أو “الرجل البدين” و”الولد الصغير”، وإلا فما الغرض الآخر من الأسلحة النووية الذكية والحرب الجرثومية؟ [تشير “روي”، هنا مجازاً، إلى اسم القنبلتين الذرتين اللتين ألقيتا على هيروشيما وناغازاكي, وتستخدم “روي” صيغة الجمع  لوصفهما Fat Men، Little Boys- المترجم].

أفني سيجبال: كيف يمكن لصعود النزعة القومية الإثنية والشعبوية أن يغير من تشخيصك؟

أرونداتي روي: القومية الإثنية ضربٌ خبيث وخاص من سلالات النزعة القومية. لطالما كانت القومية جزءً من مشروع الشركة العالمية. وكلما زادت حرية رأس المال العالمي، أصبحت الحدود القومية أكثر صعوبة على الثبات. احتاجت الحالة الكولونيالية إلى نقل أعداد كبيرة من الناس -العبيد وعمال السخرة- للعمل في المناجم والمزارع. أما الآن لا يحتاج النظام الجديد إلى الاحتفاظ بالناس بل يبقيهم حيث هم ويقوم بتحريك ونقل الأموال -لذا ستكون الصيغة الجديدة هي رأس المال الحر مقابل العمال المحتجزين. وإلا كيف سيتسنى لهم تخفيض الأجور وزيادة هامش ربحهم؟ فالربح هو الثابت الوحيد في هذه العلاقة. وقد نجحوا في ذلك إلى حد ما حتى الساعة. ولكن حروب الرأسمالية التي تدور الآن من أجل الموارد والقوة الاستراتيجية (المعروفة باسم “الحروب العادلة”) قد دمرت بلداناً بأكملها، وخلقت أعداداً ضخمة من لاجئي الحروب الذين يخترقون حدود بلادهم هرباً نحو ملاذات آمنة. وتستغل هذه الحروب، في وقتنا الحالي قطعان الفاشيين والقوميين المتمركزين إثنياً في جميع أنحاء العالم الذين يتحدون ضد شبح التدفق اللامتناهي للمهاجرين غير المرغوب من ذوي البشرة المغايرة أو الدين المغاير، وهذا أشبه بشمعة تحترق من طرفيها ومن منتصفها أيضاً. ولذا لا يمكن إلقاء اللوم كله على مسألة نهب الموارد أو التفكير الاستراتيجي. ففي نهاية المطاف كل هذا سوف يتطوّر على حدة وفقاً لقوة زخمه ومنطقه الداخلي الخاص. ومع تصاعد الأحداث العاصفة، سوف يخرج دعاة القومية الإثنية لتعزيز توجهاتهم بطريقة انتهازية، وسوف يشجع بعضهم البعض بلا شك.

لقد أقرّت إسرائيل، للتو، قانوناً جديداً تقول فيه، وبصورة رسمية، أنها وطنٌ قوميٌ للشعب اليهودي [نشرت هذه القابلة في الثالث من كانون الثاني 2019- المترجم]، مما يجعل مواطنيها العرب في مرتبة ثانية. وهذا غير مفاجئ، لكنه، حتى بمعاييره الخاصة، ما انفك يعبر عن وقاحة وجرأة لا حدود لهما. وبالطبع تعمل، إسرائيل والولايات المتحدة، وبجدّية، على شحذ وتعميق الانقسام بين السنة والشيعة في بقية دول الشرق الأوسط، الأمر الذي قد يجلب في نهاية جهدهما الكارثي هذا، هجوماً على إيران. ولا تستثنى أوروبا من هذا السياق، فهي أيضاً لديها خططها. لقد أسس ستيف بانون، المساعد السابق للرئيس دونالد ترامب، منظمة “الحركة The Movement ” في بروكسل تهدف لأن تكون “مكاناً للحركات الشعبوية القومية في أوروبا”. وتسعى إلى إحداث “تحول جذري tectonic shift ” في السياسة الأوروبية، ويبدو أن الفكرة تستهدف شلّ الاتحاد الأوروبي، لأن تفكيكه سيجعل منه كتلة اقتصادية أقل قوة، وسيكون، بالتالي، من السهل على حكومة الولايات المتحدة التنمر عليه والتفاوض معه. وفي ذات الوقت، لن يكون توحيد العنصرييّن البيض في أوروبا والولايات المتحدة، إلا محاولة للاحتفاظ بالسلطة التي باتوا يشعرون بتسربها من بين أصابعهم.

لقد قيل ما يكفي، وبصرخات تكاد تصم الآذان، عن سياسات الهجرة التي ينتهجها ترامب -الأقفاص، فصل الرضّع والأطفال الصغار عن عائلاتهم-  وهذا أقلّ سوءً  بقليل مما فعله باراك أوباما خلال فترة رئاسته وسط صمت مطبق.

وفي الهند، أيضاً، قُدح للتو فتيل قنبلة الهجرة، وأصبح أعضاء منظمات اليمين البديل الأمريكية أصدقاء جيدون للقوميين الهندوس، انطلاقا من روح عولمة الفاشية. وإذا ما أردنا فهم العالم في صورته المصغرة، فما علينا سوى النظر إلى الهند.

نشرت ولاية آسام، في الثلاثين من تموز2018، السجل القومي للمواطنين NRC الذي أتى بديلاً لسياسة الهجرة غير الموجودة تقريباً. وحدّد المجلس القومي الموعد النهائي لأهلية الحصول على الجنسية الهندية وفقاً لمقتضيات السجل القومي للمواطنين بالعام 1971 -وهو العام الذي شهد تدفقاً هائلاً للاجئين من بنغلاديش بعد الحرب مع باكستان والذين استقر معظمهم في ولاية آسام، مما فرض ضغوطاً هائلة على السكان المحليين، لا سيما على مجتمعات السكان الأصليين الأكثر ضعفاً. أدى تحديد هذا الموعد النهائي إلى تصاعد التوترات، والتي تحولت في الماضي إلى جرائم قتل جماعي. ففي العام 1983 قُتل ما لا يقل عن 2000 مسلم، وثمة تقديرات غير رسمية تقول أن العدد يتجاوز خمسة اضعاف هذا الرقم. والآن، وفي الوقت الذي يتم فيه شيطنة المسلمين وتشويههم علناً، ومع وجود حزب بهاراتيا جاناتا BJP القومي الهندوسي في السلطة، سوف تتم معالجة هذا الخطأ السياسي الجسيم  والمستمر منذ نصف قرن. ستؤدي عملية الاختيار، وغربلة ملايين الأشخاص الذين ليس لديهم جميعاً “أوراق موروثة” مثل شهادات الميلاد، أو أوراق هوية، أو سجلات أراضي، أو شهادات زواج -سوف يؤدي هذا إلى فوضى واسعة لا يمكن تصورها. تم الإعلان أن نحو أربعة ملايين شخص عاشوا وعملوا في ولاية آسام لسنوات أنهم عديمي الجنسية -مثلما تم الإعلان عن وضعية الروهينجا في بورما في العام 1982. وهم معرضون لخسارة منازلهم وممتلكاتهم التي كسبوها  على مدى أجيال. ومن المرجح تمزيق العائلات وتقسيمها بطرق اعتباطية وعشوائية تماماً. وفي أحسن الأحوال، سوف يواجهون احتمال أن يصبحوا مجموعة سكانية عائمة بلا حقوق، سيكونون بمثابة تجمعات للعمالة الرخيصة.

أما في أسوأ الأحوال، سوف تتم محاولات ترحيلهم إلى بنغلاديش، والتي لن تقبل بهم في أغلب الأحوال. وفي ظل المناخ المتزايد من الشك وعدم التسامح ضد المسلمين، قد يعانون مصيراً يشبه الروهينجا.

لقد أعلن حزب بهاراتيا جاناتا عن خططه لتنفيذ هذه الإجراءات في ولاية البنغال الغربية أيضاً. وإذا ما حدث ذلك في يوم ما، فسوف يُقتلع عشرات الملايين من البشر. ويمكن أن يتحول ذلك وبسهولة إلى “تقسيم” جديد. أو حتى، لا سمح الله، إلى رواندا أخرى. ولكن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، ففقد أعلن حزب بهاراتيا جانتا في ولاية جامو وكشمير ذات الأغلبية المسلمة، عن نيته إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي التي تمنح الولاية نوع من الحكم الذاتي الذي كان الشرط الوحيد لانضمام الولاية إلى الهند في العام 1947. وهذا يعني بدء عملية إغراق جغرافيا السكان المحليين بالمستوطنات في وادي كشمير على غرار النموذج الإسرائيلي. وعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية، لقي ما يقرب من 70 ألف شخص حتفهم في صراع كشمير في كفاحهم من أجل تقرير المصير الذاتي. إن أي تحرك قضائي لإلغاء المادة 370 سيكون، بساطة، إجراء كارثي. وفي الوقت نفسه، سوف تنتظم المجتمعات الضعيفة التي تعاني من القمع والاستغلال والاستبعاد بسبب هوياتها -أي انتماءاتهم الطبقية أو العرقية، أو جنسهم أو دينهم أو إثنيتهم​​- سوف تنظم هذه المجتمعات أيضاً، على ذات المنوال، لمقاومة الاضطهاد والإقصاء والتهميش.

وفي حين يبدو من السهل تبني مواقف أخلاقية سامية، فلا يوجد، في الحقيقة، ما هو بسيط إزاء هذه المشكلة. لأنها ليست مشكلة. إنها عرضٌ من أعراض الاضطراب والضّيق الشديدين. إن تأكيد الإثنية، والعرق، والطائفة، والقومية، والقومية الفرعية، والنظام الأبوي، وجميع أنواع الهوية، من قبل المستغِلين وكذلك المستغَلين، له علاقة كبيرة -ولكن بالطبع ليس كل شيء– لجهة إثبات المطالبة الجماعية بالموارد (الماء والأرض والوظائف والمال) التي تختفي بسرعة. ولا جديد هنا سوى الحجم الذي حدثت فيه هذه الأعراض، والتشكيلات المتغيرة، والفجوة المتسعة بين ما يقال وبين ما هو مقصود. وسوف تعاني بعض بلدان العالم من الخسارة بسبب طريقة التفكير هذه أكثر مما تخسره الهند -التي هي بمثابة أمة من الأقليات. يمكن أن تشتعل الحرائق، بمجرد اندلاعها، وتستمر في الاشتعال لألف عام. وإذا ما ذهبنا للحرب واخترنا البقاء هناك، وإذا ما سمحنا لتخيلاتنا بأن تحاصرنا داخل هذه المصفوفة، وإذا ما اعتقدنا بعدم وجود طريقة أخرى لرؤية الأمور، وإذا ما فقدنا رؤيتنا السماء ولما هو أوسع منها، فإننا، حينئذ، لا بد أن نجد أنفسنا في أتون صراعات تتصاعد وتنتشر وتتضاعف وتتحول لتؤدي بسهولة إلى نهاية العالم.

أفني سيجبال : لقد كتبتِ وقت سابق أن جورج دبليو بوش “حقق ما سعى الكتاب والعلماء والناشطون لتحقيقه على مدى عقود. لقد كشفَ المستور وأعلن للملأ مفاصل الآلية الرهيبة لمنظومة الإمبراطورية وطرق عملها. فماذا كنت تقصدين بهذا؟ وهل تلك الطبيعة المروّعة للإمبراطورية الأمريكية، لا تزال، بادية لك وشفافة إلى هذا الحد الذي أشرت إليه، رغم مرور عشر سنوات، وقدوم رئيسين بعده ؟

أرونداتي روي: كنتُ، في كلامي السابق، أشير إلى تعليق بوش غير الدقيق وغير الذكي بعد أحداث 11 سبتمبر، وفي الفترة التي سبقت غزو أفغانستان والعراق. لقد كشفتُ -حينها- أن تلك التصريحات إنما تشير بوضوح إلى نمط تفكير الدولة العميقة في الولايات المتحدة. لكن هذه الشفافية اختفت في سنوات حكم أوباما، كما يحدث عادةً عندما يصل الديمقراطيون إلى البيت الأبيض. ففي سنوات حكم أوباما، كان علينا اكتشاف المعلومات وتجميعها معاً لمعرفة عدد القنابل التي أُسقطت وعدد من قُتلوا بها، حتى أثناء إلقاء الخطاب البليغ في حفل استلام جائزة نوبل للسلام. ومن البديهي ميل السياسة الخارجية للديمقراطيين لأن تكون عدوانية مثل سياسة الجمهوريين، رغم اتباعهم سياسات محلية داخلية مختلفة.

طيب.. ماذا حدث بعد 11 سبتمبر؟ ما هو عدد الدول التي دمرت فعلاً؟، أي خلال إدارتي بوش وأوباما؟ وها نحن نعيش في ظل إدارة ترامب؟

حيث نتعلم أن الذكاء والتعقل intelligence and nuance  هي مصطلحات نسبية. وأن بوش، بالمقارنة مع ترامب، كان مفكراً جاداً، إذ تظهر، الآن، السياسة الخارجية الأمريكية على هيئة تغريدات متواصلة تجتاح العالم على مدار الساعة، فهل ثمّة شفافية أكثر من هذا؟. إنها نهاية عالم سخيفة حقاً.

من كان يتخيل إمكانية حدوث هذا؟

ولكنه حصل فعلاً، فها نحن نعيشه ونراه ونسمعه مباشرة بجميع حواسنا دون وساطة كما يبدو -بل أكثر- وسوف يكون أسرع في المستقبل إذا ما ارتكب ترامب خطأً فادحاً وهاجم إيران.

أفني سيجبال: لاحظتُ فروقاً أسلوبية بين روايتيكِ “إله الأشياء الصغيرة The God of Small Things” و “وزارة السعادة القصوى The Ministry of Utmost Happiness “، اللتين نُشرتا على مدار عقدين من الزمان. وفي حين تتحدث كلتا الروايتين عن السياسة والعنف، تبدو “إله الأشياء الصغيرة” مشغولة بأسلوب يوصف غالباً بالواقعية الشعرية حيث الجمال أحد اهتماماتها، وتنتهي بلمسة مفعمة بالأمل والتفاؤل. أمّا في “وزارة السعادة المطلقة” فينظر لها كرواية ملحّة أكثر ومتشظية أكثر وقاتمة أكثر، بحيث يكون من الصعب تحمل الخسائر. وبالنظر إلى هيمنة الواقعية الشعرية في الرواية ما بعد الكولونيالية والعالمية، هل كان اختيارك الأسلوبي أيضاً إعلاناً عن الحاجة إلى سرد أنظمة الهيمنة العالمية بشكل مختلف؟ هل الرواية دعوة غير مباشرة لإعادة التفكير في تمثل الرواية الهندية المكتوبة باللغة الإنجليزية؟

أرونداتي روي: “إله الأشياء الصغيرة” و”وزارة السعادة القصوى” هما نوعان مختلفان من الروايات، ولذلك تطلب العمل عليهما طرقاً مختلفة لسرد القصة فيهما، بيد أن اللغة في كلتا الروايتين تطورت بشكل عضوي لصيق كما كتبتهما. ولا أعلم، حقاً، أنني اتخذت “خيارات أسلوبية” بطريقة واعية. فقد استشعرت طريقي في “إله الأشياء الصغيرة”، نحو لغة تحتوي الإنكليزية والمالايالامية* -لقد  كانت تلك الطريقة الوحيدة لرواية تلك القصة عن ذلك المكان وهؤلاء الأشخاص. أما “وزارة السعادة القصوى” فقد كانت مشروعاً، أو ربما مغامرة، أكثر خطورة. وكان عليّ، من أجل كتابتها، دفع لغة “إله الأشياء الصغيرة” من سطح مبنى شاهق جداً، نحو الأسفل وجمع ما سوف يتناثر منها. كُتبتْ “وزارة السعادة المطلقة” باللغة الإنكليزية ولكن تم تخيّلها بعديد من اللغات -الهندية والأردية والإنكليزية.. أردت أن أكتب رواية، وليس مجرد قصة يتم سردها من خلال شخصيات قليلة تدور حياتهم في أطر وخلفيات معينة تتحكم بهم. حاولت تصور الشكل السردي للرواية كما لو أنها إحدى العواصم العظيمة في الجزء الذي أعيش فيه من العالم -عواصم قديمة وحديثة مخططة أو غير مخططة. قصة بها طرق سريعة وأزقة ضيقة، أفنية قديمة وساحات، وطرق سريعة جديدة. قصة نضيع فيها ونضطر إلى البحث عن طريق العودة. هي قصة يجب على القارىء العيش بداخلها، لا أن يستهلكها، وقد حاولت ألا أتجاوز الناس دون التوقف لتحيتهم تحية سريعة وأدخن سيجارة ثم أتابع طريقي. وفوق كل هذا هي قصة تخبرك فيها حتى الشخصيات الثانوية بأسمائهم وقصصهم ومن أين أتوا، والمكان الذي يرغبون في الذهاب إليه.

قد أتفق معك بأن “وازرة السعادة القصوى” مجزأة وسريعة، مع إني أعشق الرواية المكتوبة على مدى عشر سنوات ثم تظهر كأنها كتبت على عجل، غير أني لا أستطيع القول إنها رواية قاتمة، ففي النهاية، معظم الشخصيات يظهرون كأناس عاديين، يرفضون الاستسلام للكآبة والقسوة المحيطة بهم، ويصرّون على عيش جميع حالاتن يعيشوا جميع أ الحب الهش والفكاهة والابتذال والقبح التي تزدهر جميعها بعناد في أكثر الأماكن غير المتوقعة. ويتشابك بصورة وثيقة وعابرة في حياة الشخصيات في كلتا الروايتين، الحب، والحزن، واليأس، والأمل.

لست متأكدة أي منهما أكثر كآبة وقسوة وأيهما أكثر أملاً وتفاؤلاً. فأنا لا أفكر في بعض الفئات التصنيفية المطروحة في سؤالك. ولكن، وعلى سبيل المثال، لستُ أدري ما هي الرواية “العالمية”؟ وكيف ينبغي لها أن تكون؟. أعتقد أن أعمالي تمثل روايات محلية جداً جداً. غير أن هذا لا يمنع من التعبير عن مدى اندهاشي من سهولة ارتحالهما عبر الثقافات واللغات. لقد ترجمتا كلاهما إلى أكثر من أربعين لغة -ولكن هل هذا يجعلهما يصنفان برتبة “العالمية” أم مجرد العمومية فقط؟ ثم أتساءل عن مصطلح ما بعد الكولونيالية. إذ كثيراً ما استخدمته على صعيدي الشخصي، لكن هل ثمة حقاً هناك شيء أتى “بعد” الكولونيالية؟ تعكس، كلتا الروايتين، وإن بطرق مختلفة، هذا السؤال. لايزال هناك العديد من أشكال الاستعمار الراسخة غير معترف بها. فهل علينا أن ندعها تفلت منا وتمضي بسلام؟ هكذا؟. حتى “الرواية الهندية المكتوبة باللغة الإنكليزية”، هي، في ظاهر الأمر، فئة واضحة جداً. ولكن ماذا يعني ذلك حقا؟ تم رسم حدود الدولة التي نسميها الهند بشكل تعسفي من قبل البريطانيين. ما هي “الإنكليزية الهندية”؟ هل تختلف عن الإنكليزية الباكستانية أم الإنكليزية البنغالية؟ أم الإنكليزية الكشميرية؟ هناك  حوالي 780 لغة في الهند، 22 لغة منها “معترف بها” رسمياً. معظم “إنكليزياتنا” تعرفنا عليها من خلال إلمامنا بواحدة أو أكثر من هذه اللغات. المتحدثون بالهندية والتيلغوية والمالايالامية، على سبيل المثال، يتحدثون الإنكليزية بشكل مختلف. الشخصيات في كتبي تتحدث بلغات مختلفة ويترجمون لبعضهم البعض. الترجمة، في كتابتي، فعل إبداعي أساسي في عملية الخلق. وهذه الشخصيات، وكذلك المؤلف، يعيشون فعلياً في لغة الترجمة.

في حقيقة الأمر، لا أعتبر نفسي كاتبة “رواية إنكليزية هندية”، بل أراني كاتبة تعيش مع شخصياتها عوالم تكتظ بعدة لغات. الأصل في حد ذاته جزء من الترجمة. أشعر كأن روايتي تنبع من مكان أقدم، بالإضافة إلى أنه أكثر حداثة، وبالتأكيد أكثر عمقاً من مفهوم الدول والأقوام.

طيب.. هل “وزارة السعادة القصوى” دعوة غير مباشرة لإعادة التفكير في تمثل الرواية الهندية المكتوبة بالإنكليزية الهندية؟ أقول لك، لا.. لا، عن وعي وعن سابق إصرار وترصد، لا.. بوعي. لكن نوايا المؤلف الواعية ليست سوى جزء مما سينتهي عليه شكل ومحتوى كتابه. وعندما أكتب رواية، سيكون هدفي الوحيد محاولة بناء عالم أدعو القراء للتجوال فيه وعبره ومن خلاله.

أفني سيجبال: تسأل إحدى الشخصيات، في نهاية “وزارة السعادة المطلقة”: “كيف يمكنك أن تروي حكاية ممزقة؟” تعج الرواية بشخصيات قُلصت حياتهم، بالأحرى اختزلت وهُمشت، بطريقة ما بسبب حدود الخيال القومي. غير أن هذا لا يمنع  من شعورنا بغنى قصصهم بالفكاهة والغضب والقوة والحيوية والقدرة على التأثير. كيف تتعاملين مع السرد في وقت يتعرض فيه الناس باستمرار للإحباط من قبل سرديات الدول النيو إمبريالية القومية؟

أرونداتي روي: التخيلات القومية وسرديات الدولة القومية ليست سوى جزء مما يتعين على الشخصيات في “وزارة السعادة القصوى” التعامل معه. كما يتعين عليهم التفاوض أيضاً بشأن أنواع أخرى من التخيلات المقيدة والمحدودة -مثل الطائفة، والتعصب الديني، والقوالب النمطية الجندرية. أما بخصوص الأسطورة التي تتنكر في صورة التاريخ، والتاريخ الذي يتنكر في صورة أسطورة، فالعمل عليها محفوف بمخاطر شتى وسردية شديدة التعقيد. ويتم في الهند، اليوم، مراقبة السرد، ليس فقط من قبل الدولة، ولكن أيضاً من قبل المتعصبين الدينيين، والجماعات الطبقية، والتابعين، والغوغاء الذين يتمتعون بحماية سياسية، فيحرقون قاعات السينما، ويجبرون الكتّاب على سحب رواياتهم، ويغتالون الصحفيين. لقد أصبح هذا الشكل العنيف من الرقابة وسيلة مقبولة للتعبئة وبناء القواعد السياسية وتشكيل الدوائر الانتخابية. ويتم التعامل مع الأدب والسينما والفن كما لو أنها بيانات سياسية أو مشاريع قوانين تنتظر تمريرها في البرلمان وعليها أن ترقى إلى مستوى فكرة أصحاب المصلحة من نصّبوا أنفسهم حراساً للطريقة التي يجب أن يكونوا عليها أو يكون عليها تمثيلهم وتمثيل مجتمعهم أو تاريخهم أو بلدهم. وليس من المستغرب، إذن، استمرار التعصب بأنواعه كافة في الازدهار والانقلاب على من ليس لديهم دعم سياسي أو قاعدة انتخابية منظمة. لقد شاهدت مؤخراً فيلماً ناطقاً بالمالايالامية في ولاية كيرالا التقدمية بعنوان “أبناء إبراهام Abrahaminde Santhathikal”، حيث تظهر فيه فئة الرجال الأشرار الأغبياء والمجرمين جميعهم من الأفارقة السود. ونظراً لعدم وجود جالية أفريقية في ولاية كيرالا، كان لا بد من نقلهم إلى قطعة من الخيال لتجسيد هذه العنصرية! لا يمكننا إلقاء اللوم في ظهور مثل هذه المواضيع، على الدولة وحدها فقط. فهذا هو المجتمع، وهكذا هم الناس. الفنانون والمخرجون والممثلون والكتاب -الهنود الجنوبيون الذين يسخر منهم الهنود الشماليون بسبب لون جلدهم الداكن يهينون بدورهم الأفارقة لذات السبب. أمرٌ مُذهل حقاً  ومربك للعقل أن يحدث مثل هذا.

إن محاولة الكتابة أو صناعة الأفلام أو ممارسة الصحافة الحقيقية في مناخ كهذا أمر محير فضلاً عن كونه مزعج أيضاً. إن طنين الغوغاء الذي يزداد اقتراباً يشبه موسيقا خلفية دائمة. ومع ذلك، فهي سردية جديرة بأن تُحكى وتُروى أيضاً.

والآن، بالعودة إلى سؤالك، كيف يمكن سرد حكاية ممزقة؟

نعم هذا سؤال كتَبتْهُ في دفتر ملاحظاتها إحدى الشخصيات الرئيسية في “وزارة السعادة القصوى”، تيلو -تيلوتاما- التي تعيش في بيت ضيافة غير قانوني في مقبرة دلهي، وتجيب على السؤال بنفسها: هل من خلال التحول ببطء من الواحد  إلى الجميع؟ لا.. بل من خلال أن تصبحَ، ببطء، كل شيء ببطء. تيلو مهندسة معمارية، وتؤرشف أشياء غريبة، وكاتبة اختزال، ومعلمة، ومؤلفة حكايات غريبة غير منشورة. الخربشة في دفتر ملاحظاتها عبارة عن تأملات عن الأشخاص والحيوانات والجن والأرواح الذين انتهى بهم الأمر إلى مشاركتهم أماكن معيشتها. وبالنظر إلى المناقشات التي تدور حولنا هذه الأيام، من المحتمل أن يتم تقريع تيلو بشدة لتفكيرها بهذه الطريقة. سيقال لها ليس صحيحاً من الناحية السياسية، ولا هو عملياً “التحول، ببطء، إلى الجميع”، أو الأسوأ من ذلك، التحول “إلى كل شيء”. ولعل هذا الأمر صحيح تماماً. غير أن كل هذا غير مهم، بالنسبة إلى راوي القصص. في الأوقات التي يسود فيها الجنون والتمزق مثل أوقاتنا، فإن محاولة “أن تصبح كل شيء ببطء” يعتبر نقطة جيدة لأن يبدأ منها الكاتب.

أفني سيجبال: أنت كاتبة مقالات غزيرة الإنتاج، بالإضافة إلى الروايات، وناشطة في المجال سياسي. هل ترين في هذه الأنشطة والعمل الروائي والمقالات امتدادات لبعضها البعض؟ أين تبدئين كروائية وأين تنتهين ككاتبة مقالات وناشطة سياسة؟

أرونداتي روي: لست متأكدةً من امتلاكي الجرأة العنيدة والصلبة التي يتطلبها أن يكون المرء ناشطاً سياسياً بصورة جيدة. أعتقد أن صفة “الكاتب” تغطي ما أقوم به بطريقة أكثر أو أقل. لا أرى في الواقع رواياتي ومقالاتي كامتداد لبعضهما البعض. بل هي أشياء منفصلة عن بعضها البعض، منفصلة جداً إن شئت. عندما أكتب الرواية، فأنا آخذ وقتي برويّة وعلى مهل، على غير استعجال، ويمنحني هذا متعة كبيرة. وكما قلتُ -آنفاً- أحاولُ أن أخلقَ عالماً يسير فيه القراء. أمّا المقالات، فهي، على الدوام، عبارة عن تدخلات عاجلة لموقف أو حالة يشعر فيها الناس بانسداد الأفق أمامهم. هي، إذن، حجج، ومناشدات، من أجل النظر إلى شيء مختلف. أذكر إني كتبت مقالتي السياسية الأولى، “نهاية الخيال”، بعد قيام الهند بتجاربها النووية في العام 1998. وأتى المقال الثاني “الصالح العام الأكبر”، بعد أن رفعت المحكمة العليا تعليقها على بناء سد سردار ساروفار على نهر نارمادا. ولم أكن أعلم، أن هذين المقالين، سوف يكونان بداية لما سيصبح عشرين عاماً من كتابة المقالات. تلك السنوات من الكتابة، والسفر، والجدل، والمحاكم، وحتى السجن، عمّقت فهمي للأرض التي عشت فيها وللأشخاص الذين عشت بينهم، بطرق لم أكن أتخيلها. لقد نشأ هذا الفهم بداخلي، طبقة تلو طبقة. لو لم أعش تلك السنوات العشرين بالطريقة التي عشتها، لما تمكنت من كتابة “وزارة السعادة القصوى”. لكن عندما أكتب رواية، فأنا لا أكتبُ من موقع المنطق والعقل والحجة والحقيقة، على عكس الحالة التي أكون فيها عندما أكتب مقالات سياسية. تأتي الرواية بعد سنوات من التأمل في تلك التجربة الحية، وتقليبها مراراً وتكراراً حتى تظهر على بشرتي مثل العرق. أكتب الرواية بجلدي. في الوقت الذي بدأت فيه كتابة “وزارة السعادة القصوى”، شعرت وكأنني صخرة رسوبية تحاول تحويل نفسها إلى رواية.

أفني سيجبال: ذكرتِ في كتابك “سياسات السلطة Power Politics” (2001): “يبدو الأمر كما لو أن الشعب الهندي تم تجميعه وتحميله في شاحنتين (إحداهما كبيرة وعظيمة والأخرى صغيرة جداً) انطلقتا بثبات في اتجاهين متعاكسين. الشاحنة الصغيرة في طريقها إلى وجهةٍ براقةٍ، في مكان ما قرب قمة العالم. أما الشاحنة الأخرى فمضت تذوب وتختفي في الظلام.. بالنسبة للبعض منا، تبدو الحياة في الهند كمن هو مُعلّق بين الشاحنتين، وما إن تتحركان حتى يبدأ الجسد بالتمزق، ليس جسدياً، بل عاطفياً وفكرياً”. فهل يمكنكِ القول، بالنسبة للدول حول العالم التي شهدت مقدمات مفاجئة ومتسارعة بخصوص العولمة والنيوليبرالية، إن الشاحنة المتجهة إلى قمة العالم قد تحطمت؟ وماذا حدث لأولئك الذين يتم تمزيقهم ببطء؟

أرونداتي روي: حسنٌ، لنقل، على سبيل المجاز، لم تتحطم تلك الشاحنة، لكن عجلاتها عالقة ومحركها مختنق ويئن ويكاد ينفجر من حرارته المرتفعة. أما أولئك الذين يتم تمزيقهم ببطء، فقد تم استقطابهم وها هم يستعدون لتقطيع بعضهم البعض. رئيس الوزراء ناريندرا مودي هو تجسيد لما يمكن أن نطلق عليه قومية هندوسية رأسمالية. وهو، مثل معظم أعضاء حزب بهاراتيا جاناتا، عضو في راشتريا سوايامسيفاك سانغ، (النقابة الثقافية القومية الهندوسية) التي تعد أقوى منظمة في الهند اليوم. وحزب بهاراتيا جاناتا هو في الحقيقة مجرد الذراع السياسية لهذه النقابة التي كان الهدف من تأسيسها في العام 1925، تغيير الدستور الهندي وإعلان الهند دولة هندوسية بشكل رسمي. بدأ مودي مسيرته السياسية الرئيسية في تشرين الأول 2001، عندما عينه حزبه (دون انتخاب) رئيساً لوزراء ولاية غوجارات. وفي شباط2002 (في ذروة الإسلاموفوبيا الدولية بعد 11 سبتمبر) جاءت مذبحة غوجارات التي قُتل فيها المسلمون في وضح النهار على يد حشود من المنتقمين الهندوس، وتم طرد عشرات الآلاف من منازلهم. وفي غضون أشهر عقب ذلك، دعم العديد من رؤساء الشركات الكبرى في الهند مودي بصورة علنية لتولي منصب رئيس الحكومة، رغم أنه لا يملك سجلاً سياسياً. ربما كان هذا لأنهم رأوا فيه سياسياً حاسماً عديم الرحمة ويمكنه أن يطبق سياسات اقتصادية جديدة ويقضي على الاحتجاجات والقلق في البلاد التي بدت حكومة حزب المؤتمر غير قادرة على التعامل معها (في الوقت الذي تم فيه تأخير تنفيذ مئات مذكرات التفاهم التي وقعتها الحكومة مع مختلف الكيانات الاقتصادية). استغرق الأمر منه اثنتي عشرة سنة، وفي أيار2014، أصبح مودي رئيساً للوزراء بأغلبية سياسية واضحة في البرلمان. وتم الترحيب به على المسرح العالمي من قبل وسائل الإعلام الدولية ورؤساء الدول الذين اعتقدوا أنه سيجعل من الهند وجهة أحلام التمويل الدولي.

وعلى الرغم من أن السنوات القليلة التي قضاها مودي في السلطة قد شهدت مضاعفة ثروات الشركات التي يدعمها وكذلك عائلات حلفائه المقربين عدة مرات، إلا أنه لم يكن صاحب السوق الحر الذي لا يرحم، ولا المدافع عنه الذي كان يأمله الناس. وثمة أسباب لذلك تتعلق بعدم الكفاءة أكثر من كونها أسباباً إيديولوجية. فعلى سبيل المثال، ظهر مودي في وقت متأخر من ليلة تشرين الثاني2016، على شاشة التلفزيون وأعلن عن سياسته حول “نزع القيمة النقدية” للعملة المحلية، وبمجرد ظهور هذا التصريح، فقدت 80 بالمائة من الأوراق النقدية الهندية قيمتها القانونية. وكان من المفترض لهذا الإجراء أن يكون ضربة سريعة لمحتكري “الأموال السوداء”، لكنه، بدلاً من ذلك، أوقف حياة بلد عدد سكانه يزيد عن مليار نسمة. لم تحاول أي حكومة سابقة القيام بمثل حجم هذا من قبل. لقد كان عملاً من أعمال الغطرسة التي كانت تنتمي إلى ديكتاتورية شمولية، وعلى مدى أسابيع تالية، وقف العمال المياومون وسائقو سيارات الأجرة وأصحاب المتاجر الصغيرة في طوابير طويلة، ساعة تلو الأخرى، على أمل تحويل مدخراتهم الضئيلة إلى أوراق نقدية جديدة. تمت إعادة جميع العملات، حتى الروبية الأخيرة، “السوداء” وكذلك “البيضاء”، إلى البنوك. لم يكن هناك، على الصعيد الرسمي على الأقل، “نقود سوداء”.  كانت محاولة ضخمة وفاشلة وتخبط مذهل. لقد أدى نزع القيمة النقدية عن العملة والضريبة الجديدة على السلع والخدمات الفوضوية إلى كنس الشركات الصغيرة والناس العاديين. وقد مثلت هذه النزوة الحكومية التي تزعم أنها “ترحب بالأعمال التجارية، بالنسبة لكبار المستثمرين أو حتى الأشخاص العاديين، ضربة قاتلة لهم و إعلان صريح خالٍ من التزويق يقول بأنه لا يمكن الوثوق بمثل هكذا حكومة وغير ملزمة من الناحية القانونية.

كما أدت عملية نزع قيمة العملة، أيضاً، إلى إفراغ خزائن جميع الأحزاب السياسية تقريباً، نظراً لأنها تحتفظ بثروتها عادة على هيئة سيولة نقدية. ومن ناحية أخرى، برز حزب بهاراتيا جاناتا في ظروف غامضة كواحد من أغنى، إن لم يكن أغنى، حزب سياسي في العالم. لقد وصلت القومية الهندوسية إلى السلطة بسبب القتل الجماعي والخطاب المتعصب المعادي للأقليات الأكثر خطورة الذي يمكن أن يمزق نسيج السكان المتنوعين. فقبل بضعة أشهر، عقد أربعة من كبار قضاة المحكمة العليا مؤتمراً صحفياً حذروا فيه من أن الديمقراطية في الهند في خطر شديد. لم يحدث مثل هذا من قبل. بينما يتم تجفيف الكراهية في أرواح الناس، كل يوم، بقلوب يعتصرها السقم، نستيقظ على مقاطع فيديو لإعدام المسلمين التي تنشرها العناصر الحاقدة على يوتيوب، وأخبار تعرض “الداليت”** للجلد العلني، واغتصاب النساء والأطفال، والآلاف يتظاهرون دعماً للأشخاص المتهمين بالاغتصاب، ومن أدينوا بارتكاب جرائم قتل جماعي في مذبحة غوجارات، سُمح لهم بالخروج من السجن بينما كان المدافعون عن حقوق الإنسان والآلاف من السكان الأصليين في السجن بتهمة التحريض على الفتنة، وكتب تاريخ الأطفال التي كتبها أشخاص حمقى بأتم معنى الكلمة، وذوبان الأنهار الجليدية وانحدار مناسيب المياه بنفس سرعة انحدار معدل الذكاء الجماعي لدينا، ومع ذلك، فكل شيء على ما يرام ما دمنا نشتري السلاح من أوروبا والولايات المتحدة أكثر من أي دولة أخرى تقريباً. لذلك لا تزال الهند تحتفل بكونها أحد أسرع الاقتصادات نمواً في العالم رغم أنها تضم أكبر عدد من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في العالم، وحيث انتحر وينتحر مئات الآلاف من المزارعين وعمال المزارع المثقلين بالديون، وحيث من الآمن لكِ أن تكوني بقرة أكثر من أن تكوني امرأة.

أفني سيجبال: غالباً ما يتم استحضار كلمة “إمبراطورية” كذريعة، باعتبارها مشكلة أوروبية وأمريكية مميزة. هل ترين الهند ودول ما بعد الكولونيالية الأخرى متأقلمة مع الأشكال القديمة للإمبراطورية بثوب جيوسياسي جديد؟. تظهر لنا، في رواية “وزارة السعادة القصوى”، كيف طورت الحكومة الهندية استراتيجيات المراقبة ومكافحة الإرهاب والتي هي في نطاقها، وبعبارة ملطفة، تعدُّ استراتيجيات شمولية.

كيف يمكننا التفكير الآن في إمبراطورية تنتمي إلى الجنوب العالمي، في وقت كانت فيه دول ما بعد الكولونيالية تحاكي التوصيفات الأخلاقية لأسيادها الاستعماريين القدامى؟

أرونداتي روي: من المثير للاهتمام أن الدول التي تسمي نفسها ديمقراطيات -الهند وإسرائيل والولايات المتحدة- مشغولة بإدارة الاحتلال العسكري. وكشمير هي واحدة من أكثر الاحتلالات العسكرية دموية وأكثرها تكثيفاً في العالم. تحولت الهند من مستعمَرة إلى قوة إمبريالية عملياً بين عشية وضحاها. لا يوجد ثمة يوم واحد منذ مغادرة البريطانيين للهند في آب\ أغسطس 1947، لم يتم فيه نشر الجيش الهندي والقوات شبه العسكرية داخل حدود البلاد ضد “شعبها”. والأمثلة كثيرة :ميزورام، مانيبور، ناجالاند، آسام، كشمير، جامو، حيدر أباد، جوا والبنجاب والبنغال والآن تشهاتيسغاره وأوريسا وجهارخاند. يصل عدد القتلى إلى عشرات أو ربما مئات الآلاف.

فمن هم هؤلاء المواطنون الخطيرون الواجب قمعهم بالقوة العسكرية؟

إنهم السكان الأصليون والمسيحيون والمسلمون والسيخ والشيوعيون. والنمط الناتج عن هذا السلوك واضح تماماً ولا يحتاج إلى دلالات، وما يظهره، يدل بذات الوضوح على أنه نمط دولة هندوسية “من طبقة اجتماعية عليا” تنظر إلى الآخر كعدو. هناك الكثير ممن يرون الهندوسية بحد ذاتها شكل من أشكال الاستعمار -حكم الآريين للدرافيديين وغيرهم من الشعوب الأصلية التي تم محوها وتحول حكامها المخلوعون إلى شياطين مهزومة و”أسورا”*** من الأساطير الهندوسية. وتستمر سردية هذه المعارك في العيش في مئات من الحكايات الشعبية ومهرجانات القرى المحلية التي تمثل فيها “الشياطين” الهندوسية كآلهة لشعوب أخرى. ولهذا السبب لا أشعر بالارتياح لتعبير “ما بعد الكولونيالية”.

أفني سيجبال: يسود الآن، في عصر ترامب، الحديث عن المعارضة والعدالة الاجتماعية -ولكن باتت وسوم وسائل التواصل الاجتماعي تحل، في أحيان كثيرة، محل العمل المباشر، وكثيراً ما تستخدم الشركات لغة الارتقاء والمسؤولية الاجتماعية في الوقت الذي تستمر فيه مضاعفة الأعمال التجارية غير الأخلاقية. فهل تم إفراغ حركة للاحتجاجات من زخمها في وقتنا الحاضر؟ وأي نوع من المعارضة قادرة على كسر صرح الإمبراطورية في مثل هكذا بيئة؟

أرونداتي روي: أنت على حق. تستضيف الشركات، الآن، معارض ومهرجانات السعادة وندوات الاختلاف والتنوع وترعى المهرجانات الأدبية التي يدافع فيها الكتاب العظماء بقوة عن حرية التعبير. وقد أصبح الاختلاف طريقة رائجة وليس أفضل من الشركات كبيئة مناسبة لاستعراض هذه الطريقة الجديدة من السلوك والتصرف. فماذا يمكننا الفعل حيال ذلك؟

عندما نفكر في عظمة حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، والاحتجاجات المناهضة لحرب فيتنام، سوف نتساءل عما إذا كانت الاحتجاجات الحقيقية ممكنة في وقتنا الحاضر أو لا.. وأرى أنها ممكنة فعلاً. كنت مؤخراً في يوتيبوري / السويد، عندما اندلعت، هناك، أكبر مسيرة نازية منذ الحرب العالمية الثانية. كان عدد النازيين يفوق عدد المتظاهرين المناهضين للنازية، بما في ذلك منظمة “أنتيفا”**** القوية، وكانت النسبة أكثر من عشرة أضعاف. ويواجه القرويون العزّل، في كشمير، رصاص الجيش. وفي باستار، وسط الهند، أوقف الكفاح المسلح لأشد الناس فقراً في العالم بعضاً من أغنى الشركات في مسارها. من المهم أن نحيي انتصارات الناس، حتى لو لم يتم يتناولها دائماً في شاشات التلفزيون. على الأقل نحيي انتصارات  من نعرفهم. فجعل الناس يشعرون بالعجز والضعف واليأس هو جزء من البروباغاندة. ولكن ما يحدث في العالم الآن يأتينا من كل اتجاه، وقد يتجاوز في تأثيره، حدوده فعلاً. هذا ما يجب أن يتوقف. ولكن كيف؟ لا أملك حقاً، حلاً لأي شيء، ولا نصيحة لدي لعلاج كل شيء. أعتقد أننا جميعاً بحاجة إلى أن نصبح متمردين جديين. أعتقد أن الوضع سيصبح، في مرحلة ما، غير قابل للاستمرار بالنسبة للقوى الحاكمة. ستحدث نقطة التحول ربما في لحظة الهجوم على إيران، على سبيل المثال وسوف تؤدي ذلك إلى فوضى لا يمكن تصورها، ويخرج منها شيء لا يمكن التنبؤ به. يكمن الخطر الأكبر في نزع فتيل عاصفة الغضب التي تتراكم ويتم استغلال هذه التهدئة في حملات انتخابية أخرى. نحن نخدع أنفسنا حين نعتقد بقدوم التغيير الذي نريده بواسطة بانتخابات جديدة ورئيس جديد يتولى زمام الأمور في ظل النظام القديم.

من المهم، طبعاً، إبعاد الأوغاد القدامى عن مناصبهم واستبدالهم بآخرين جدد، لكن لا يمكن أن يكون هذا هو المحتوى الوحيد الذي نصب فيه شغفنا. بصراحة، طالما مازلنا ننظر إلى الكوكب باعتباره “مورداً” لا ينضب، وطالما نؤيد حقوق الأفراد والشركات في جمع ثروات لا حصر لها بينما يعاني الآخرون من الجوع، وطالما لا نزال نعتقد بعدم مسؤولية الحكومات عن إطعام الجميع وكسوتهم وإسكانهم وتعليمهم، طالما مازلنا نعتقد بكل ذلك، فأي كلام نتفوه به يبقى مجرد مواقف و”منظرة”. لماذا تثير هذه الأشياء البسيطة رعب الناس إلى هذا الحد؟ إنها مجرد آداب عامة. فلنواجه الأمر: السوق الحرة ليست حرة، ولا تهتم بالعدالة أو المساواة.

أفني سيجبال: طُرح السؤال الملتبس حول المقاومة العنيفة ضد الهيمنة في لحظات مختلفة من التاريخ. وتمت مناقشته في سياق كتابات فرانز فانون، وغاندي، وحياة السود مهمة، وفلسطين، والحركة الناكسالية*****، على سبيل المثال لا الحصر. ودعيني أذكركِ أيضاً أن هذا السؤال يتردد في رواياتك الخيالية والواقعية. ما رأيك في التوجه باستخدام المقاومة اللاعنيفة من أسفل؟

أرونداتي روي: أنا ضد فرض الأوامر والإرشادات والتعليمات المتكلفة التي تفرضها قيادات الطبقات الحاكمة على الفئات المضطهدة للمقاومة من أسفل. هذا سخيف، أليس كذلك؟ هل يعقل أن يخبرَ الظالمون المظلومَ كيف عليه أن يقاوم؟ سيختار الناس أسلحتهم بأنفسهم للقتال. بالنسبة لي، مسألة الكفاح المسلح مقابل المقاومة السلمية هي مسألة تكتيكية وليست إيديولوجية. على سبيل المثال، كيف يقاوم السكان الأصليون الذين يعيشون في أعماق الغابة بشكل سلمي الحراس المسلحين وآلاف القوات شبه العسكرية الذين يحاصرون قراهم ليلاً ويحرقونها ويسوون بيوتهم في الأرض؟ المقاومة السلمية مسرح سياسي يتطلب جمهوراً متعاطفاً لن نجده داخل الغابة.

كيف يمكن للمجوّعين الإضراب عن الطعام؟ يمكن أن تكون الدعوة إلى اللاعنف نوعاً من العنف في مواقف معينة، إنها نوع من المصطلحات التي تتوافق بشكل جميل مع خطاب “حقوق الإنسان” حيث يمكن، من موقع رفيع من الحيادية الزائفة، واختفاء المبادئ السياسية، والأخلاقية، والعدل من الصورة، يمكن إعلان مسؤولية جميع الأطراف عن انتهاك حقوق الإنسان والحفاظ على الوضع الراهن.

أفني سيجبال: بينما يُطلق على هذا العدد من المجلة الذي سوف تنشر فيه هذه المقابلة  اسم “إمبراطورية الشر”، وهو مصطلح مستعار من وصف رونالد ريغان للاتحاد السوفيتي، هناك الكثير ممن يعتقدون أن الإمبراطورية هي الآلية الإدارية والسياسية الوحيدة المستدامة لإدارة أعداد كبيرة من السكان. كيف يمكننا تحدي الأصوات المهيمنة، مثل نيال فيرغسون، الذي وضع الكثير من الثقة في التفكير بنوع وروح الإمبراطورية؟ على الجانب الآخر، كيف يمكننا التحدث إلى الليبراليين الذين وضعوا ثقتهم في عسكرة الإمبراطورية الأمريكية في حقبة ما بعد 11 سبتمبر؟ هل ترين أي طريقة للخروج من قبضة التفكير الإمبريالي الحالية؟

أرونداتي روي: “المجموعات السكانية المُدارة” ليس بالضرورة تفكر من منظور فيرغسون الإداري. ما يراه المُدراء استقرار، يراه المُدارون عنف ضدهم. ليس الاستقرار ما يدعم الإمبراطورية، بل العنف. ولا أعني فقط الحروب التي يحارب فيها البشر ضد البشر. بل أيضاً العنف الذهاني ضد كوكبنا المحتضر. لا أعتقد أن المؤيدين الحاليين للإمبراطورية هم من أنصار الإمبراطورية بشكل عام. إنهم يدعمون الإمبراطورية الأمريكية.

وفي الحقيقة، الرأسمالية هي الإمبراطورية الجديدة. الرأسمالية يديرها الرأسماليون البيض. ربما لن تلهم إمبراطورية صينية أو إمبراطورية إيرانية أو إمبراطورية أفريقية نفس المشاعر الدافئة؟ “التفكير الإمبريالي”، كما تسمونه، ينشأ في قلوب أولئك الذين يسعدون للاستفادة منه. ويقاومها من لا يستفيد ومن لا يرغبون. الإمبراطورية ليست مجرد فكرة. إنها نوع من الزخم، قوة دافعة للسيطرة تحتوي داخل دائرتها على حتمية التجاوز والتدمير الذاتي. وعندما يتغير المد الإمبريالي، وتبرز إمبراطورية جديدة، سيتغير المديرون أيضاً. وكذلك بلاغة المديرين القدامى. وبعد ذلك سيكون لدينا مدراء جدد، بخطابات جديدة. وستكون هناك شعوب جديدة ستنهض وترفض أن تُدار.

….

ملاحظات المترجم

*اللغة المالايالامية هي لغة درافيدية, وهي اللغة الرسمية التي يتحدث بها سكان ولاية كيرالا الهندية وأقاليم اتحاد لاكاشادويب وبودوتشيري (في مقاطعة ماهي) بالإضافة إلى بعض الأقليات اللغوية في الدول المجاورة للهند، واسم اللغة مشتق Top of Form

من شعب المالايالي، وهي واحدة من بين 22 لغة معترف بها في الهند ويتحدث بها حوالي 2,88% من السكان، ويبلغ مجموع عدد الناطقين بها حوالي 34 مليون حول العالم. أما لغة التيلغو فهي أيضاً لغة درافيدية يتحدث بها سكان ولايتي أندرابراديش وتيلانغانا، وهي أيضاً لغة رسمية في الهند وتعد مع اللغة الهندية والبنغالية من اللغات الرسمية القليلة، في الهند، التي تتمتع بصفة اللغة الرسمية في أكثر من ولاية, التيلغو أيضاً هي اللغة الرسمية في مقاطعة يانام في بودوتشيري ولغة أقلية في ولايات أوديشا وكارناتاكا وتاميل نادو وكيرالا والبنجاب وتشهاتيسغاره ومهاراشترا وجزر أندامان ونيكوبار, وهي واحد من ست لغات تصنفها الحكومة الهندية كلغة كلاسيكية في البلاد ويتحدث بها حوالي 82 مليون شخص في الهند وحول العالم.

**الداليت كلمة سنسكريتية تعني “المكسور” أو “المتناثر” والمعنى العام لها هو الشخص الذي ينتمي إلى أدنى طبقة في الهند، تم استبعاد الداليت من منظومة فارنا الهندوسية الرباعية، وكان يُنظر إليهم على أنهم يشكلون الفارنا الخامسة، كما تعرف الداليت أيضاً باسم بانشاما. يعتنق الداليت الآن معتقدات دينية مختلفة، بما في ذلك الهندوسية والبوذية والسيخية والمسيحية والإسلام ومختلف النظم العقائدية الأخرى.

***الأسورا كلمة سنسكريتية يقصد بها فئة من الكائنات في الديانات الهندية تعود للفترة الفيدية. يميل الأسورا لأن يكونوا كائنات شريرة تسعى إلى السلطة، ويرتبط الأسورا بالديفا الطيبين والمعروفين في الهندوسية في سياقها البوذي باسم “سورا”.

****أنتيفا Antifa منظمة  يسارية معادية للنازية كانت تتبع الحزب الشيوعي الألماني وتأسست في جمهورية فايمار ما بين 1932-1933  وهي مشتقة من اللغة الألمانية Antifaschistische Aktion بمعنى العمل المناهض للفاشية.

*****الناكسال منظمة سياسية متشددة  منشقة عن الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي اللينيني)، الذي تأسس في كلكوتا في العام 1969. والاسم مشتق من اسم قرية Naxalbari في غرب البنغال، حيث حدثت ثورة الفلاحين في العام 1967. وينظر إلى أعضاء هذه لحركة كشيوعيين متطرفين قريبين من أفكار الزعيم الصيني ماوتسي تونغ ن للماوية.”

…..

العنوان الأصلي: How to Think About Empire

المصدر: Boston Review’s Fall 2018 issue Evil Empire.

https://bostonreview.net/literature-culture-global-justice/arundhati-roy-avni-sejpal-challenging-%E2%80%9Cpost-%E2%80%9D-postcolonialism

عن محمود الصباغ

كاتب ومترجم من فلسطين

شاهد أيضاً

الروائي ناقداً لأعماله الروائية: سحر خليفة مثالاً

لطالما اعترض أدباء على ما وجه إلى نصوصهم من نقد، ويمكن هنا أن أقتبس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *