إسرءيل القديمة والاستعمار الاستيطاني

ترجمة: محمود الصباغ

كان لقصة إسرءيل  الكتابية القديمة تأثيراً هائلاً على العالم، فهي تبدأ، كما تصفها أسفار التكوين والملوك الأول والثاني(1)، من خلق العالم، ثم تنتقل إلى إعلان إبراهيم كسلف لإسرائيل القديمة، ومن ثم تصوّر أحفاده المباشرين من خلال وصفهم كمهاجرين إلى مصر، حيث يتعرضون هناك، مع طول إقامتهم، إلى التمييز على يد المصريين الذين يستعبدونهم، إلى أن يأتيهم الخلاص على يد رجل يدعى موسى الذي تلقى نداءً من يهوه إله الإسرءيليين، فيفرون من مصر بمساعدة الرب الذي يرسل كوارث طبيعية وأمراضاً تصيب المصريين كإشارة لهم تفرض أن يدعوا الإسرءيليين يغادرون البلاد. يقطع هؤلاء الإسرءيليون، بعد خروجهم من مصر، عهداً مع الرب في جبل سيناء، وبعد أن يفشلوا، أول مرة، في الدخول إلى البلاد، ينجح الجيل الثاني بقيادة يشوع باحتلالها والاستقرار فيها. وما يلي ذلك من تاريخ إسرءيل إنما يتكون من تقلبات معينة ضمن المجتمع الإسرءيلي من خلال الاتحاد ضمن إطار مملكة متحدة على يد الملك داود وابنه سليمان، أولاً، ثم انقسامها إلى مملكة إسرءيل الشمالية ومملكة يهوذا الجنوبية. ثم تعرض المملكتين لغزو خارجي، في البداية من الشمال على يد آشور في القرن الثامن ق.م، وتالياً من الجنوب على يد الإمبراطورية البابلية في بداية القرن السادس ق.م. وبعد قضاء نحو سبعين عاماً في المنفى سوف يُسمح لليهود بالعودة من بابل. وتصف أسفار عزرا ونحميا بعض الأحداث التي تتعلق بأولئك العائدين في فترة ما بعد السبي. وقد أخذت هذه القصة المنحى التأسيسي لمجتمعات ما بعد السبي اليهودية التي كانت تحمل إرث إسرءيل قبل السبي، بالإضافة إلى عدد من الوثائق الأخرى التي كانت أقل توجهاً من الناحية التاريخية. وقد نشأ لاحقاً، فرع جديد من اليهودية القديمة، في القرن الأول الميلادي، تصفه وثائق العهد الجديد بما بات يعرف لاحقاً بالمسيحية، إلى جانب مجموعة من الوثائق التعليمية و الوعظ التي تعود للجاليات المسيحية المبكرة.

احتفظت قصة إسرائيل القديمة بدورها كقصة أساسية للمجتمعات المسيحية الجديدة. وأعادت المسيحية تأويلها وتوسعت لتشمل، صراحة، جميع الأمم والشعوب. كانت المسيحية في البداية عبارة عن مجتمع غير معروف، ثم تحولت إلى مذهب مضطهَد في الإمبراطورية الرومانية، ما أدى، في البداية، إلى تقييدها بدرجة كبيرة، لكنها سرعان ما عرفت انتشاراً واسعاً وأصبح تأثيرها كبيراً بما فيه الكفاية بحلول القرن الثالث الميلادي، ليتم الاعتراف بها لأول مرة  كدين مقبول، ثم تعيينها الدين الحصري في الإمبراطورية. وبقيت المسيحية -بعد سقوط روما- دين أوروبا وانحصرت فيها إلى حد كبير. ومع أواخر القرن الخامس عشر صار العالم بمجمله معرضاً بصورة أساسية لدين الأوروبيين، لاسيما مع بداية عصر الاستكشافات الأوروبية والاستعمار. وفي حين أضعفت النزعة العلمانية، وكذلك حركة التنوير الأوروبية من قبضة المسيحية، وبالتالي قصة إسرائيل القديمة، التي تقف خلفها خلال القرنين الماضيين، إلا أنها، أي القصة، لاتزال تشكل تأثيراً لا يستهان به في عدة نواحٍ. ولم تكن آثار التنوير، عموماً، على ذات مقدار التجربة خارج الغرب، حيث لا تزال المسيحية تزيد من حضورها في العديد من المجالات. ومن المعتاد أن تقوم الأجيال المتعاقبة بإعادة سرد ومعايشة واعتناق وقراءة هذه المرويات التأسيسية(2). وبهذا، في حين أصبحت النصوص الكتابية مشرعنة ومثبّتة مع نهاية القرون الميلادية الأولى بصورة أساسية، إلا أنها تعرضت ،بعد ذلك، للتأويل على يد عدد لا يحصى من اللاهوتيين والعلمانيين الذين سعوا لفهم معنى النصوص وربطها بحالاتهم كمقاربة إرشادية لحياتهم، على مستوى الأفراد والجماعات.

وأعطى التماهي مع وثائق المسيحية واليهودية التأسيسية، باعتبارها وثائق مقدسة على وجه العموم، مكانة موثوقة للروايات ذات الصلة في صيغها المختلفة المعدلة، وسوف يكون من السهل النظر إلى مثل هذه الروايات كنماذج، مثل تقديم نماذج للتقاليد الجيدة، وهذا ما توصّل إليه المسيحيون واليهود، بصورة عامة، عند رؤيتهم لتلك المسألة. وفي مرحلة لاحقة، تم التوصل إلى أن هذه النصوص تحتوي على مواد يصعب تكييفها كنماذج للممارسات الجيدة، فأظهرت، على سبيل المثال، النصوص المعروفة بـ بالمزامير اللاعنةimprecatory psalms  ضمن سفر المزامير كيف تنادى المؤلفون المعنيون صارخين للانتقام من أعدائهم. وظهرت نظريات معقدة حول كيفية التعامل مع مثل هذه المزامير، لاسيما تلك النظريات التي أدركت المشاكل الأخلاقية المصاحبة لها رغم الرغبة في الحفاظ على الطبيعة الوثوقية للمواد، أو، كطرح بديل، وُضعت هذه المواد الإشكالية، ومازالت توضع، جانياً، هكذا بكل بساطة(3). وفي المقابل، لم يقم بهذا الحل العديد من قراء ومترجمي الكتاب المقدس، بل مازالوا، في كثير من الأحيان على موقفهم باعتبار بعض النصوص إشكالية، وذلك عندما تولد عندهم فهم، ولو أتى متأخراً، بأنها حقاً مواد من طبيعة إشكالية. والأسوأ من ذلك، أن هؤلاء القراء والمترجمين سعوا إلى إعادة صياغة هذه النصوص في سياق تعزيز أجندتهم السياسية. ويمكن القول إن بعض أكثر هذه النصوص إشكالية هي تلك المتعلقة بقصص الغزو والإبادة الجماعية، حيث يمكن، في هذه الحالة، لشعب أو جماعة من البشر، أو بعض أفراد هذه الجماعة الذين يتعرضون للتهديد أو العزم على الغزو، كما كان عليه الحال في عصر الحروب والاستعمار الأوروبيين، أن يتوافقوا مع الشعب الإسرءيلي ونضالاته ضد دولة أو جماعة خارجية تقف في طريقه. وهكذا، كما دافع الإسرءيليون عن أنفسهم يمكن للأمتين المسيحية أو اليهودية التاليتين أن تفعلا وأن تغزوا كما قام بنو إسرءيل بغزو كنعان، وهكذا استخدمت نصوص مختارة من العهد القديم(4) لتبرير العبودية(5)، وللحملات الصليبية، والغزو والاستعمار(6). وعلى النقيض من ذلك، يمكن القول بالطابع السياسي لنصوص العهد الجديد، بوصفها تعكس، لاشك، أصول المسيحية كديانة عظّمت روحانية معنى إسرءيل ولم تصطف في البداية مع السلطة السياسية. بعبارة أخرى، يمكن للعهد الجديد، في محيطه الأصلي، أن يفسر، بالكاد، رؤية مجتمعية للغزو والسيطرة الجغرافية، ما لم ير المرء بعضاً من جوانب سفر الرؤيا، الذي يقدم، من جهته، ألغازاً تفسيرية عميقة باعتباره سلسلة رؤى تعود للقرن الأول، مثل الترويج للعنف الإلهي أو التنبؤ به.

وهكذا يتعاطف العديد من المسيحيين مع قصة إسرءيل القديمة دون النظر جوهرياً إلى دورها المتغير ظاهرياً في العهد الجديد. وعلى الرغم من بعض القضايا الإشكالية، مثل الدعم المجتمعي للرق والنزعة الاستعمارية الصريحة، قد أصبحت الآن جزء من الماضي، إلا أن بعض القضايا مثل الاستعمار الجديد لا تزال على درجة كبيرة من الأهمية وشديدة الصلة بالموضوع. وبهذا، فالولايات المتحدة هي القوة الرئيسية الحالية في العالم والتي يعيش فيها مجموعة كبيرة من المسيحيين تدعم، أو على الأقل تذعن لموقف سياسي معين، وهذا ما يبرهن على استمرار الارتباط القوي لإرث الكتاب المقدس.

ومن التعقيدات الأخرى، في هذا الصدد، ميلاد الحركة الصهيونية واستيطان اليهود في فلسطين وإقامة دولة يهودية هناك، في منتصف القرن العشرين. وفي الوقت الذي كانت فيه الصهيونية حركة علمانية في البداية، وفي حين يتبنى العديد من يهود اليوم العلمانية، فقد أعادت الحركة النظر، نوعاً ما، في رؤيتها للوعود الكتابية بعودة الشعب اليهودي إلى أرض أجدادهم بعد انقطاع دام نحو ألفي عام. وتلقى هذه الحركة دعماً من شرائح معينة من المسيحيين الإنجيليين الغربيين، والأمريكيين على وجه الخصوص، حتى لو كان الدعم الذي يقدمه هؤلاء الأفراد، وتلك المجتمعات المسيحية يستند إلى مبررات مختلفة قليلاً. وتستند استمرارية الاستيطان الإسرائيلي الحديث على معنى الاستعمار الاستيطاني(7). لذلك، وبالنظر إلى الطابع العنصري المتأصل بطبيعته للاستعمار الاستيطاني، فإن هذه العملية المحددة للاستيطان تعود بأصولها إلى الكتاب المقدس بصورة قوية، وأن القصة الكتابية عن إسرءيل القديمة تعني، من جديد، الصلة الوثيقة للتحليل المتواصل للمواد الكتابية وتأويلها. وتنطوي الاستجابة للقضايا الإشكالية التي تتعلق بالنصوص الكتابية، وتراثها، على عملية نزع المعنى الاستعماري من الكتاب المقدس، وقد حدث ذلك في نواح عديدة(8). غير أن ثمة جانب واحد من جوانب هذه العملية لايزال يحتاج لبذل المزيد من الجهد وهو ما يتعلق بعلاقة إسرءيل القديمة والكتاب المقدس بالاستعمار الاستيطاني. وفي الوقت الذي تأكد فيه بصورة واضحة استخدام النصوص الكتابية لدعم العنف والاستعمار الاستيطاني من قبل مختلف المجتمعات، فمازالت الحاجة ماسّة لمزيد من التحليل الإضافي لتأكيد حساسية  النصوص، بهذا القدر أو ذاك، لمثل هذا الاستخدام. ويمكن المجادلة، هنا، بالقول أن بعض النصوص استخدمت بالفعل لدعم الاستعمار الاستيطاني لأنها هي بحد ذاتها نتاج استعمار استيطاني. ويمكن القول، بشكلٍ أكثر تحديداً، إن المواد الواردة في أسفار العهد القديم من سفر التكوين حتى يوشع تتعين وفقاً لآليات الاستعمار الاستيطاني، وتعكس تحولاً اجتماعياً في كنعان القديمة في نهاية الألفية الثانية ق.م, وهي الفترة التي ولدت فيها إسرءيل القديمة. وبالنظر إلى الطبيعة الخلافية الفعلية لتاريخ إسرءيل القديمة وصعوبة إنهاء الاستعمار في السياقات الاستعمارية الاستيطانية، فمن المرجح أن يكون هذا الاقتراح مثار جدل في حد ذاته. ولذا سأبدأ بعرض عام للمقاربة الرئيسية التي اتخذها المفسرون لتاريخ إسرءيل القديمة. وسوف يتبع ذلك تفحصاً لكيفية النظر إلى أسفار العهد القديم، من سفر التكوين حتى يوشع، كتأكيد على الإيديولوجية الاستعمارية الاستيطانية. وسوف أنظر في بعض الاعتبارات المتعلقة بنزع الصفة الاستعمارية عن مواد العهد القديم هذه بعد أن أثبتت، على الأقل، قابلية قوية للطابع الاستعماري الاستيطاني لإسرءيل القديمة ووثائقها. وكما سوف أجادل، وبغض النظر عن الموقف التاريخي تجاه المواد الكتابية، تعود المحاولات الحالية لنزع الصبغة الاستعمارية في نهاية المطاف إلى التنصل، أو على الأقل، إلى الإنكار الواقعي للطابع الاستعماري الاستيطاني السياسي الإسرءيلي القديم (أو إلى إمكانية مثل هذه الخاصية) وهي المسائل التي حددت على أنها إشكالية في قضايا إنهاء الاستعمار الاستيطاني في العالم الحديث(9). ويمكننا، هنا، أن نتساءل عما يمكن إشراكه بدلاً من التنصل والإنكار الفعلي. وسوف أقدم بعض الاقتراحات الممكنة في ختام المقال.

 السجال حول إسرءيل القديمة

يبقى الجدل حول إسرءيل القديمة، وتاريخها، محل خلاف حاد ويعود بجذوره إلى عصر التنوير وإلى النقد الكتابي الحديث الذي يمكن تتبع بداياته إلى القرن الثامن عشر. حين كان الطبيب الفرنسي جان أستروك أول من حدد المصادر المختلفة في سفر التكوين(10)، وقُسّمت أسفار موسى الخمسة [التناخ]، في القرن التالي أو نحو ذاك، إلى أربعة مصادر: مصدر يهووي J ويختص بالسرد الذي يستخدم الاسم يهوه Jahweh  ومصدر إيلوهيمي E يستخدم في سرده الاسم إيلوهيمElohim، ومصدر تثنويD ينتمي لسفر التثنية Deuteronomy، وأخيراً هناك المصدر الكهنوتيP، ويقصد به السرد والقوانين الكهنوتية(11). ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى نشوء هذه المصادر في أوقات مختلفة، حتى عند مناقشة زمن ومدى هذه المصادر. وكان الباحث الألماني يوليوس فلهاوزن هو من اقترح إطار جديد للتقسيم يظهر فيه  كل من المصدر اليهووي J والمصدر الإيلوهيمي E في القرنين التاسع و الثامن ق.م، والمصدر التثنوي D في القرن السابع ق.م والمصدر الكهنوتي P يعود إلى فترة ما بعد السبي (القرنين الرابع والخامس ق.م)(12). واقترح فلهاوزن، أيضاً، أن ديانة إسرءيل تطورت من العقيدة البسيطة إلى المعقدة، ومن الروح الحرة إلى الروح الطقسية التعبدية، كما تشهد على ذلك المصادر. وبعد ذلك، تبنى غالبية علماء العهد القديم أطر فلهاوزن هذه، وبحلول القرن العشرين، كان على كل أكاديمي معني بدراسات العهد القديم أن يتبع فرضية فلهاوزن. وسرعان ما خضع نموذج فلهاوزن لعدد من التعديلات، مثل النموذج النقدي، الذي يمثله غونكيل وفون راد، والذي يقترح وجود تقاليد شفوية وراء المصادر، وفي الجزء الأخير من القرن العشرين، خضع نطاق وزمن المصادر لانتقادات من قبل عدد من النظريات المختلفة المقترحة(13). حاول البعض التخلص بشكل أو بآخر من مقاربة نقد المصدر بأكملها، متحدّثاً عن وحدة أدبية تتألف منها  التناخ Pentateuch(14). وظهر، في القرن الواحد والعشرين، اتجاه مؤثر في مقاربات نقد مصادر التناخ، وبدى كأن هناك توجهاً نحو فكرة الطبقات التي خضعت للتحرير والتي أضيفت بشكل متتابع إلى شكل (أشكال) مبكر(ة) على طريق إنجازه النهائي، مع أن الشكل المبكر قد يتكون من خيوط منفصلة مختلفة تتطور بشكل مستقل في البداية(15).

أما بالنسبة إلى الأسفار التاريخية (من سفر يوشع حتى سفر الملوك الثاني)، فقد كان يُنظر إليها، في البداية، على أنها تضم مصادر التناخ الموسوية، كما اعتبر، في ذات الوقت، فلهاوزن وآخرون معه أن الأسفار من التكوين حتى يشوع تشكل ما يعرف بالأسفار الست الأولى Hexateuch(16). ولكن مارتن نوث قدم في أربعينيات القرن الماضي نظريته الشهيرة حول التاريخ التثنوي، زاعماً أنه كُتب على يد مؤرخ واحد أثناء السبي البابلي، في القرن السادس ق.م، وهذا المؤرخ هو الذي قام بتدوين الأسفار من التثنية حتى الملوك الثاني من خلال المصادر المتوفرة بين يديه(17). لذا يعد التاريخ التثنوي تاريخاً تالياً لفترة ما بعد السبي دُمج في الأسفار الممتدة من التكوين حتى سفر العدد  لتشكيل سرد مستمر من خلق العالم وصولاً إلى السبي البابلي(18). وقد اكتسبت نظرية نوث هذه قبولاً واسعاً ولكنها خضعت للتعديل والتعارض بشكل متزايد في نهاية القرن العشرين، وعند الأخذ بعين الاعتبار السجال السائد اليوم، فقد عاد العديد من الباحثين إلى مقاربة فلهاوزن، أي فرضية الأسفار الست الأولى Hexateuch(19).

يُظهر هذا الملخص لتاريخ النظريات النقدية الأدبية حول تناخ العهد القديم، في العصر الوسيط، والكتب التاريخية، على أقل تقدير، حجم الصعوبة في التوصل إلى استنتاجات محددة حول مصدر هذه المواد ونشأتها وفقاً لتفحص نقدي أدبي، فثمة هناك حاجة ملحّة لبعض المعايير الإضافية يمكن أن يقدمها علم الآثار(20) حيث يعود تطوره من حيث صلته بتاريخ الكتاب المقدس إلى الجزء الأخير من القرن التاسع عشر(21). ففي البداية، كانت دوافع دراسة آثار “الأرض المقدسة” تعود إلى اهتمام المعنيين في الكتاب المقدس كمحاولة لإلقاء الضوء على الكتاب المقدس على أساس الاكتشافات الأثرية والتحقق من المزاعم الفعلية الموجودة فيه. ولكن مع مرور الوقت، أصبح علم الآثار، أيضاً، حقلاً معرفياً وتخصصاً له نظامه المنفصل الخاص به. وفي الوقت الحالي، فإن ما يطلق عليه الآن علم الآثار الكتابي، يُسمى في كثير من الأحيان علم الآثار السورية -الفلسطينية، وهو تخصص منفصل ومستقل بشكل كبير عن الدراسات الكتابية(22). غير أن هذا لا يمنع الكثير من التفاعل بين علم الآثار والدراسات الكتابية. فالعديد من علماء الكتاب المقدس يرغبون في فهم الكتاب على أساس الاكتشافات الأثرية ذات الصلة، كما يحاول عدد من علماء الآثار أن يشرحوا صراحةً كيف يمكن أن يسهم ميدان عملهم في فهم الكتاب المقدس(23). بيد أن الأهم من كل هذا، تلك العلاقة الخاصة التي ربطت بين علم الآثار وتاريخ إسرءيل القديمة على وجه العموم. وبمجرد أن بدأت البيانات الفعلية الآتية من فلسطين القديمة تتراكم، وبكميات كبيرة، حتى بدأت تظهر المشاكل حول كيفية ربطها بالكتاب المقدس. وفي حين كان يُنظر إلى أحداث عصر القضاة على أنها تعكس التاريخ الفعلي، بصورة عامة، فإن الأحداث التي سبقت ذلك باتت موضع شك منذ بداية القرن العشرين. وهكذا، فإن توضّع سفر يشوع على الحدود حيث العودة  إلى الوراء من شأنها أن تجعل الحقيقة قصة خيالية في نسيج الرواية الكتابية(24). وكجزء من هذا، أصبح السجال يحوم حول أصول إسرءيل المبكرة. فتبنى، بشكل عام، أتباع المقاربة الكتابية لنموذج الغزو مقولة مصداقية السجل الكتابي وكان من أبرز مؤيديها ويليام أولبرايت وتلميذه جون برايت في النصف الأول من القرن العشرين، على الرغم من أنها عدّلت تاريخ الغزو إلى القرن الخامس عشر ق.م  بدلاً من القرن الثالث عشر ق.م، ضمن الكرونولوجيا الكتابية، غير أن هذه المقاربة هُجرت بسبب المعضلات التي واجهتها في مطابقة طرحها مع الصورة الآثارية المستمدة من بعض المواقع، وأبرزها موقع عاي (سفر يوشع  7 – 8)  وأريحا (يوشع 2، 6) وجبعون (يوشع 9) وعراد (يوشع  12 : 14 ، والعدد 21 : 1-3) . ومع التخلي العام عن  مقاربة الغزو، ظهر منهجين آخرين يمكن من خلالهما رؤية عملية التوطن الإسرءيلية:

أ) نموذج التسلل السلمي، ومن أبرز مؤيديه ألبرشت آلت ومارتن نوت، ويقترح هذا النموذج أن الإسرءيليين عبارة عن بدو رحّل هاجروا إلى الأرض من الخارج، وهذا يعني أن عملية الهجرة كانت سلمية ولم تتضمن أي غزو.

ب) نموذج الثورة الذي دعا إليه جورج مندنهال ونورمان غوتوالد، ويفيد بأن الإسرءيليين هم من الكنعانيين الذين ثاروا ضد التركيبة الاجتماعية الاقتصادية القائمة وانسحبوا إلى المرتفعات لتشكيل مجتمع جديد.

أظهرت الدراسات اللاحقة مشاكل عدة اعترت هذين النموذجين، وبالرغم من رفض نموذج ثورة الفلاحين، تم الإبقاء على فكرة أن طلائع الإسرءيليين يشكلون جزءً من السكان الأصليين. بكلام آخر، يميل البحث المعاصر إلى الاعتقاد بأن الإسرءيليين كانوا من سكان كنعان الأصليين(25). وهذا ما عبّرت عنه، على سبيل المثال، دراسة أثرية حديثة أجراها فاوست، تقول إن عدداً كبيراً من الإسرءيليين القدماء نشؤوا خارج المنطقة. مما يسمح حتى بإدراج جماعة ما هاربة من مصر، حتى لو لم يكن فاوست متحمساً لفكرة الغزو(26).

بالإضافة إلى هذه المجموعة من المقاربات الشاملة، شكك، في الآونة الأخيرة، بعض العلماء الأكثر تطرفاً في صحة التوصيفات الكتابية، حتى تلك التي تبتدأ من سفر القضاة. ويجادل أكثر هؤلاء الباحثين تطرفاً بأن إسرءيل الكتابية هي بناء بحثي أكاديمي يختص بالفترة الفارسية(27). وبكلام آخر، لا يُعرف، وفقاً لهذا الرأي، سوى القليل عن إسرءيل ما قبل السبي حسب وثائق الكتاب، بما في ذلك الصورة المرسومة لعصر المملكة المتحدة لداود وسليمان. وفي الوقت ذاته، برز من يدافع عن تاريخية المواد الكتابية منذ عهد إبراهيم، حتى عندما ينظرون إلى الإصحاحات الأولى من سفر التكوين (1-11) على أنها “تاريخ أولي protohistory” حيث لا توجد صلة واضحة لها بأي أحداث فعلية(28).

وإذاً، يمكن، بصورة عامة، تقسيم المجال إلى ثلاثة معسكرات للتوجهات الأكاديمية السائدة التي يتبناها الباحثون، التصحيحيون minimalist والأصوليون maximalist(29). وليس من المستغرب إذن أن يصاب المراقب العادي بالذهول في بعض الأحيان لجهة عدد الخيارات المتاحة أمامه، مع الأخذ بعين الاعتبار أيضاً النقاش حول التحليل النقدي الأدبي للنصوص الكتابية بحد ذاتها، حيث يعزى للمقاربة التاريخية العامة لكل من الطرق الرئيسية منح القيمة التاريخية للوثائق الكتابية ذات الصلة المستندة إلى التحليل الأدبي. وسوف أشرح، في ما يلي، كيف يمكن أن  يساعد اللجوء إلى المقاربات النظرية التي تتعلق بالفتوحات والاستعمار الاستيطاني، من زاوية جديدة، في إلقاء الضوء على النصوص الكتابية ذات الصلة، وتقترح، أيضاً، شيئاً ما عن مدى معقولية التاريخ. وسوف تؤدي هذه الاعتبارات، بعد ذلك، إلى مناقشة كيفية ملاءمة قراءة تلك النصوص اليوم.

إسرءيل القديمة كمجتمع استعمار استيطاني

لم يقم، حتى الآن، أي عمل سابق بمقارنة المواد الكتابية بالنزعة الاستعمارية الاستيطانية. وربما يعود هذا الأمر إلى حقيقة حداثة العديد من الدراسات التي تتبعت تطورات الاستعمار الاستيطاني، مع أن المجال لا يزال في عدد من الطرق في البداية، على الرغم من النتائج المثمرة بالفعل(30). وأنجزت بعض الأعمال المتعلقة بمقارنة المتون الكتابية مع نظريات الغزو والدراسات المتعلقة بالإبادة الجماعية في السياق القديم، على الرغم من أن هذا أيضاً كان في المجمل محدوداً بصورة عامة(31). وربما كان السبب في ذلك هو الافتقار الحالي للمصداقية التي أعطيت للنصوص الكتابية في المناقشة الأكاديمية. وقد تعود بعض الأسباب الأخرى إلى الطبيعة الأخلاقية الإشكالية للنصوص في سياقاتها الحالية. وهذا في حد ذاته ما أشار له بوضوح عدد من الكتاب(32). ومع كل هذا، لم يقم الباحثون، في الواقع، بدراسة النصوص القديمة في مجملها في سياقها القديم، ولم يضعوا في اعتبارهم السياق القديم المختلف تماماً عما تصوره النصوص(33). وبالتالي يمكن أن يكون هناك تناقض -كما كان- بين العديد من القراءات “القديمة” و “الحديثة” ، حيث يُطلب من القراء المعاصرين الذين حدّدوا، بوضوح، بعضاً من الجوانب الإشكالية في النصوص الكتابية، أن يتأملوا نشأتها بطريقة “عرضية” لجميع الأغراض العملية، مع وضع عدد من النظريات المتعمقة حول كيفية حدوث ذلك(34). وحذري من وجهة النظر يتعلق بمفاهيم “التنصل” وإنكار التاريخ، وهي مفاهيم مرتبطة بحد ذاتها بالاستعمار الاستيطاني بشكل عام(35)، وهو ما سوف نستكشفه في القسم التالي من هذه الدراسة، حيث أقترح سهولة قراءة هذه النصوص على هذا النحو، في وقتنا الحاضر، لأنها نتاج مجتمع استعماري استيطاني (وهو مجتمع استعمار استيطاني قديم) ويعكس الإطار الإيديولوجي للاستعمار الاستيطاني المصحاب للعنف والإبادة الجماعية النموذجية للعمليات الاستعمارية الاستيطانية.

تشير الوثائق الكتابية ذاتها إلى أن الإسرءيليين القدماء ينتمون إلى مكان يقع خارج الأرض التي غزوها(36). وتدل القصة الكتابية بأن إبراهيم، سلف إسرءيل، هاجر إلى أرض كنعان من بلاد ما بين النهرين، ثم هاجر أحفاده، بعد ذلك، إلى مصر لحماية أنفسهم من المجاعة. وانتهى بهم الأمر أن يصيروا عبيداً في مصر، لكنهم تحرروا وتركوا مصر بقيادة موسى. ثم اجتازوا البرية ووصلوا إلى تخوم أرض كنعان، حيث مات موسى، وترك لخلفه يشوع أمر قيادة بني إسرءيل إلى أرض كنعان لغزوها واستيطانها. في البداية، يبدو هذا على الفور شبيهاً بمعايير الاستعمار الاستيطاني. في حين أن نظرية الاستعمار غالباً ما تتطلب حاضرة داعمة [متروبول](37)، فإن هذا لا يعدّ، بأي حال من الأحوال ضرورة للاستعمار الاستيطاني” ففي الوقت الذي يرى فيه المستوطنون أنفسهم كمؤسسين للأنظمة السياسية، فهم يفسرون جهودهم الجماعية، أيضاً، من حيث الادعاء السيادي المتأصل الذي يرتحل معهم، والذي يكون، في نهاية المطاف إن لم يكن منذ البدء، مستقلاً عن العاصمة أو العواصم الاستعمارية” كما يقترح فيراتشيني(38). بالإضافة إلى ذلك يعدُّ وجود الساميين في مصر في الألفية الثانية حقيقة معترف بها(39)، ومن الناحية النظرية، على الأقل، كان يمكن لبعض الهجرات إلى أرض كنعان أن تتضمن أشخاصاً يعرفون أنفسهم بوصفهم ساميين عائدين من مصر، بعيداً عن الهجرة الرئيسية المفترضة  كما هي في نصوص الأسفار من الخروج حتى العدد عن طريق السرد الإنشائي(40). وعلى أي حال، بعد فترة معينة، سيكون تناسل المجموعة الاستيطانية كافياً لدفع التحول الاستعماري الاستيطاني. وكجزء من عملية التوطن، كان بإمكان شعوب أخرى، غير أولئك القادمين من مصر، الانضمام إلى الإسرءيليين(41)، سواء كانوا من السكان الأصليين أو من خارج الأرض، ثم حدث “ترانسفير” لهؤلاء الأشخاص(42) إلى المجموعة الاستيطانية، سواء كانوا في الأصل من السكان الأصليين أو كانوا خارجيين آخرين. ومن بين هؤلاء كان  كالب [بن يفنة] القنزي (يشوع 14: 6)، ورحاب (يشوع 2 ، 6)، والجبعونيين (يشوع 9) وبعض الأفراد الذين ورد ذكرهم في سفري الأخبار الأول 20: 4-8 ؛ وصموئيل الأول  27: 8.43 .

ومن المثير للاهتمام أنه في جميع هذه الحالات، يعتمد الترانسفير على التعاون بين السكان الأصليين أو الخارجيين الآخرين والنظام السياسي الإسرءيلي، وليس من الواضح تماماً ما إذا كان الأفراد المعنيون يعتبرون أعضاءً كاملين في النظام الإسرءيلي وإلى أي مدى (على سبيل المثال الجبعونيين كخدم المعبد المستعبدين أساساً؛ يشوع 9: 22-27)(44). وفي الوقت ذاته، تشير الوثائق الكتابية إلى طرق أكثر قوة للترانسفير حيث يشار إليه بالقتل(45) على سبيل المثال. سفر التثنية 7، والترانسفير عن طريق الاقتلاع المادي، على سبيل المثال في سفر خروج 23: 20-30 (46). ويمكن وصف سردية تصوير السكان الأصليين كشعوب منحطة (سفر الثنية7) كسردية ترانسفير(47) واللجوء إلى الإقامة السابقة في الأرض قبل أسلاف إسرءيل كنوع آخر من الترانسفير السردي(48). ومن المثير للاهتمام أن بعض حالات الشعوب السبعة في القائمة المعيارية (على سبيل المثال تثنية 7 ويوشع 9: 1-2.. إلخ)، قد يكون لها أصول أجنبية(49)، فإذا كان الأمر كذلك، فقد ينطوي هذا على ترانسفير عن طريق إنكار أصالتهم(50) . كما يشرّع الإسرءيليون للأجنبي في عدد من الأماكن في الشريعة المذكورة في التناخ (انظر مثلاً سفر اللاويين 17-25، والتثنية 14:1-21) 1-21)، ويمكن فهم التحول إلى اليهودية بسهولة من حيث تنظيم الآخرين الخارجيين. ومن المثير للاهتمام أن تشريعاً خاصاً في سفر التثنية 23: 1-7 ينص على أنه يمكن للإدومي والمصري الارتقاء إلى مصاف المجتمع الإسرءيلي في الجيل الثالث، ولكن يجب أن يكون العمّوني أو الموآبي ذليلاً إلى الأبد وفقاً لهذا التشريع(51). بعبارة أخرى تشير الوثائق التوراتية إلى وجود التقسيم الثلاثي للمستوطنات الجماعية الخاصة بالشعوب الأصلية والخارجية وعدد من التحويلات المحتملة كما يحدث في بدايات إسرءيل، ومن المثير للاهتمام أن هناك، كما يبدو، مقاربة أكثر تقليدية لنوع من النمط الاستعماري للشعوب الأصلية اتخذها الملك سليمان لاحقاً ويذكرها سفر الملوك الأول في الإصحاح التاسع 20-21، على الرغم من أنه يمكن للمرء أن يعتبر ذلك كنوع من التحويل ضمن فئة “العبد”(52).  حتى في زمن السلم الذهبي كما هو مبين في الوثائق الكتابية في وقت الاستيطان المبكر (يوشع 21: 43045) (53).

تشير الأمثلة المذكورة أعلاه إلى إمكانية قراءة النصوص الكتابية التي تتعلق بإسرءيل المبكرة بمنطلقات استعمارية استيطانية. ولكن هناك أسباب عدة لرؤية الأسفار من التكوين حتى يوشع بمنظور أوسع يشرعن حيازة إسرءيل للأرض وإقامة مجتمع جديد هناك.

نموذج دافيد داي للغزو

تحدد الكيفية التي تطغى فيها مجتمعات على مجتمعات أخرى(54) العملية الشاملة التي تحدث عادة عندما يستحوذ مجتمع (يطلق عليه داي المجتمع الذي يحل محل مجتمع آخر) على مجتمع آخر، ويمكن ربط هذه العملية بنظريات وأبحاث الاستعمار الاستيطاني(55). ووفقاً لداي تتضمن “عملية الاستبدال” التي يقوم بها المجتمع ثلاث مراحل: ” أولاً، يجب عليهم تكريس مزاعم شرعية أو قانونية حول الأرض”(56). ثم ” يجب أن ينتقل مجتمع الاستبدال إلى المرحلة التالية من العملية من خلال الزعم أو فرض الأمر الواقع لملكية الأرض التي يرغبون في حيازتها باعتبارها تخصهم”(57). وينشأ ﻣﺜﻞ هﺬا اﻻدﻋﺎء عادةً “ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﺳﺘﻜﺸﺎف أﻗﺼﻰ ﻣﺴﺎﺣﺎت اﻷراﺿﻲ، وﺗﺴﻤﻴﺔ ﺧﺼﺎئصها اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ وﻏﻴﺮها من المميزات، وﺗﻌﺰﻳﺰ ﺣﺪودها، وحراثتها وﺗﻄﻮﻳﺮ مصادرها، وبدرجة أكثر أهمية، توطينها بالبشر الذين غزوا الأرض”(58). وأخيراً، تنطوي “الخطوة الأخيرة والأكثر مراوغة في العملية.. على تكريس المطالبة بالملكية الأخلاقية على الإقليم الجغرافي”(59).

ولكي ينجح هذا، “يجب أن تفوق هذه الدعوى الزعم القائل بأن أي مجتمع آخر، بما في ذلك السكان السابقون، لديهم القدرة على فرض حقوقهم على الآخرين”(60). مرة أخرى يبدو، للوهلة الأولى على الأقل، أن هذا يحدث في إسرءيل القديمة وفقاً للوثائق الكتابية. وفي سبر واسع، سنقوم بتكرارها لاحقاً، بالنسبة للمجتمع الإسرءيلي،  تعكس الوعود البطريركية النقطة الأولى، في حين يعكس الغزو والاستيطان النقطة الثانية، ويمكن ملاحظة الادعاء الأخلاقي في اللجوء إلى اليهووية كإيديولوجية حصرية، بجانب وضع دستور للمجتمع الجديد ( كما في سفر التثنية على سبيل المثال وتشريع القداسة في سفر اللاويين)(61) وتناقضها مع ممارسات السكان السابقين ( كما في سفر تثنية 7 مثلاً). ويذهب داي أبعد من ذلك من خلال تحديد العمليات النموذجية التي تصاحب هذه المراحل الثلاث، موضحاً أن هذه العمليات غالباً ما تكون متداخلة (كما هو الحال في المراحل الثلاث الرئيسية)(62). هذه المراحل، الادعاء بالمزاعم القانونية، ترسيم خارطة للأرض، ومزاعم التسمية، الحلول محل المتوحشين، الادعاء بحق الغزو، والدفاع عن الأراضي المحتلة، وذلك باستخدام قصص التأسيس، وحرث التربة، واللجوء إلى الإبادة الجماعية حيثما كان ذلك مناسباً وإعمار الأرض بالسكان. يمكن للمرء أيضاً إضافة قسم أخير، تنظيم المجتمع المستبدل، وسوف أوضح، من أجل التأمل في بعض القضايا المتعلقة بالمطالبة الأخلاقية، هذه الجوانب أدناه، مع بعض التعديلات الطفيفة، حيث يمكن اعتبار بعض الميزات متداخلة قليلاً لأغراضنا هنا(63).

يمكن النظر إلى تنقل أبراهام في أرض كنعان وبناء مذابح فيها (أنظر مثلاً سفر تكوين  12) على أنها مطالبة شرعية. ومن المثير للاهتمام، أن المكان المخصص لأول مذبح مسجل هو شكيم، ويطلب من الإسرائيليين في وقت لاحق بناء مذبح جبل عيبال كما في سفر التثنية 27، وأعمال البناء هذه البناء وما رافقها من احتفالات المذكورة في سفر التثنية 27: 9-26، توصف بأنها حدثت في سفر يشوع 8: 30-35. إن مراسم الغزو والاستبدال من قبل مجتمع جديد تعود بالذاكرة إلى الوعود البطريركية الواردة في سفر التكوين، كما تعزز، أيضاً، الترابط بين أسفار التكوين والتثنية ويشوع، بل حتى الأسفار الخمسة الموسوية الخمسة ككل.

يمكننا أن نرى، من حيث رسم خرائط الأرض، كيف يعبر أبراهام الأرض في سفر التكوين (12: 6-9)، وأيضا في تحريض يهوه (تكوين 13:17). ثم كيف يعتبر ذلك جزءً من “معرفة الأرض” ومن ثم التأكيد على المطالبة بها، حتى لو كان النشاط أولياً في سفر التكوين. وسوف يتضح هذا النشاط تماماً في سفري العدد ويشوع. وطبقاً لسفر العدد 13: 1، يأمر يهوه موسى أن يرسل الرجال لاستكشاف أرض كنعان(64). فيقوم الرجال بذلك ويعيدون وصف الأرض، ويمكننا أن نرى في ضوء ما ورد أعلاه من اﻋﺘﺒﺎرات أن ذﻟﻚ جزء ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ المطالبة بالأرض، ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻳﺘﺼﺮف ﺑﻬﺎ اﻟﺒﺸﺮ كجزء ﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت(65). ﻳﺼﻒ سفر ﻳﺸﻮع ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﻐﺰو اﻟﻨﺎﺟﺢ. ويصف الإصحاح 18 منه (3-10) عملية رسم الخرائط كجزء من تقسيم الأرض بين القبائل الإسرءيلية. وعملية الرسم هذه تعتبر جزء من يوشع 13-21 والتي تصف، ضمن منظور أكبر، المخصصات القبلية. حيث يمكن أن تكون هذه المخصصات مبرمجة تماماً(66). في حين أن مثل هذه الرؤية البرنامجية يمكن أن تكون قد نشأت في أي وقت في تاريخ إسرائيل، وبناءً على مقارنات متشابهة من الفتوحات في تاريخ العالم، فإن الرؤية ستكون مناسبة بشكل جيد لإسرءيل المبكرة عندما لا تكون هذه الأراضي حتى الآن (بشكل كامل) تقع تحت سيطرة بني إسرءيل ولكنهم يرغبون في ذلك، مع الأخذ في الاعتبار أن يوشع 13-21 (لا سيما 13: 1-7) وغيرها من الوثائق الكتابية (مثل سفر القضاة 1) والأدلة الأثرية تشير إلى أن المستوطنات والسيطرة الإسرءيلية بدأت من المرتفعات الوسطى والشرقية والشمالية وتوسعت من هناك لتشمل الأراضي المنخفضة في المسار التالي لتاريخ إسرءيل (راجع أيضاً سفر القضاة1 )(67).

فيما يتعلق بالمطالبة بالتسمية، يبدو أن هناك بعض المناسبات التي يقوم بها الإسرءيليون بإعادة تسمية الأماكن وفقاً للوثائق الكتابية، ولكن هذه الحالات تبدو قليلة نسبياً. هذا هو الحال مع جلجال (يشوع 14:15)، تل القلف (يشوع 5: 2-3)، وادي عخور (يشوع 7:26)، حبرون (يشوع 14:15؛ 15:13؛ القضاة 1:10 )، دبير (يشوع 15:15)، أورشليم (القضاة 19:10)، بيت إيل (القضاة 1:23)، دان (يشوع 9:47؛ القضاة 18:29)، حووث يائير(العدد 32:31) ونوبح (العدد 32:42). على سبيل المقارنة، وعلى النقيض من ذلك، من المثير للاهتمام، في المجال الديني الصريح، أن يتم توجيه الإسرءيليين لمحو حتى اسم آلهة السكان السابقين (تثنية 12: 3). وسوف يتم -بدلاً من ذلك- تكريس اسم الرب في الأرض، وفي “المكان المختار” على وجه الخصوص (تثنية 12: 4-31). ومن الواضح إشارة الكتاب (سفر التكوين على وجه الخصوص)، فيما يتعلق بقصص التأسيس، إلى أن الأرض قد منحت للآباء البطاركة، وهذا الموضوع يمر عبر كل من التناخ ويوشع بطريقة أو بأخرى (انظر على سبيل المثال الخروج 3: 16- 17؛ 4: 5؛ التثنية 1: 8؛ 6:10؛ 9: 5؛ 29:13؛ 30:20؛ قارن على سبيل المثال العدد 13: 2؛ يشوع 1: 2، 12). إن الخروج والتحرير يوفران قصة تأسيس قوية أخرى، ويضيف التشريع المعطى في سيناء (سفر الخروج) وفي التيه (أسفار اللاويين – العدد) وعلى تخوم الأرض الموعودة (سفر التثنية) المزيد من السبل إلى مجموعة قصص التأسيس. وتعمل الأنساب (انظر على وجه الخصوص تكوين 10) على تأسيس مكان إسرءيل بين الأمم، في سياق الخلق والأرض التي تحتلها إسرءيل الآن، والقصص البطريركية التي تحدد علاقات إسرءيل مع جيرانها القريبين (على سبيل المثال، الأدوميين، سفر التكوين 26-27، 32 -33).

أما بالنسبة لاستبدال المتوحشين وحتمية الإبادة الجماعية، فإن فكرة القيمة الدنيا للسكان مستمدة بالفعل من سفر التكوين 9: 25 حيث ينال كنعان اللعنات. وكما سبق أن ناقشنا أعلاه، تشير بعض النصوص مثل التثنية 7 إلى أن سكان كنعان ينبغي طمسهم، وهذا الترانسفير الاستعماري الاستيطاني يتوافق مع حتمية الإبادة الجماعية. ووفقاً للوثائق الكتابية، سوف تنتمي الأرض أيضاً إلى بني إسرءيل من خلال حق الغزو، كما هو الحال مع الملك سيحون(68)، أو على ما يبدو حتى من خلال إخضاعهم(69). وقدمت المعارك القديمة شرعية ليعقوب، وفقاً لسفر التكوين 48:22. وفيما يتعلق بحراثة التربة والأرض في الأزمنة المبكرة لإسرءيل، يمكننا أن نرى كيف أن الانفجار السكاني في المرتفعات، كما كان يسمى(70)، يتناسب، تماماً، مع التوسع انطلاقا من تلك المنطقة في القرون التالية. وقد تشمل العمليات الاستيطانية، بصورة عامة، فترات تعايش سلمي ظاهري، ثم تتمدد العملية التي قد تشمل المزيد من القتال، وقد تشمل أيضاً عمليات نقل عن طريق إدماج أو محاولة إدماج الشعوب الأصلية(71). ومن حيث ملائمة الوثائق التوراتية، فالسرد الإسرءيلي في سفر يشوع الذي يمكن أن يقرأ  كتأكيد على جوانب الحرب والغزو المفاجئ، يمكنه أن يشير أيضاً إلى عملية استيطان مستمرة استغرقت زمناً طويلاً. وعلى العكس من ذلك، تؤكد رواية سفر القضاة على مفهوم الاستطيان التدريجي والتعايش، دون أن تنكر وجود عنف أيضاً (مثل سفر الإصحاح الأول من سفر القضاة). أما بالنسبة لتحصين الأراضي في العصور المبكرة لإسرائيل، يبدو أن هناك نقص نسبي في التحصينات والحصون في أسفار “التناخ”. لكن سفر العدد 32  يشير إلى البلدات والممتلكات الإسرءيلية المحصنة في شرق الأردن، ويشير سفر التثنية 3: 5  إلى بلدات محصنة وإلى قرى  كثيرة “غير محصنة” في شرق الأردن، والتي تتناسب أيضاً مع العدد الكبير من المستوطنات غير المحصنة في مرتفعات غرب الأردن في العصر الحديدي الأول IA.

يبدو أن الإسرءيليين كان بمقدورهم الاستيلاء على بلدات محصنة، من حيث هم متواجدين، ومن حيث يمكنهم احتلالها (راجع يوشع 10:20؛ 14:12؛ صموئيل الأول 6: 8، 20: 6، 15). يوصف داود وسليمان والملوك اللاحقين بأنهم سيطروا على مدن وبلدات محصنة أو قاموا بتحصينها (مثلاً صموئيل الثاني 5: 6-10؛ الملوك الأول 9:15؛ و12: 25).

أخيراً، يمكن اعتبار مواد التشريع في أسفار التكوين- يوشع بأنها تقدم مخططاً للمجتمع الإسرءيلي الجديد، حتى وإن لم يكن من المؤكد كم كان هذا بناءً نظرياً وليس عملياً(72). قد نلاحظ هنا، اقتباساً من وولف، وكملخص لاعتباراتنا أعلاه: “يتحلى الاستعمار الاستيطاني لديه، كما لوحظ، بجانبين أساسيين – ليس فقط إزالة المجتمع الأصلي، ولكن أيضاً ما يصاحب ذلك من استبداله بمؤسسات المستوطنين. وينطوي هذا الجانب الإيجابي الأخير على إنشاء وشرعية الهيمنة المدنية”(73). و”عوامل استراتيجيات القضاء تعكس جميعها مركزية الأرض، وهي ليست مجرد عنصر ضمن مجتمع المستوطنين، بل شرطها الأساسي(74)، كما أن مركزية الأرض، تنطبق بالتأكيد على الجانب أو الجوانب الإيجابية. باختصار، وبناء على هذه الاعتبارات، فإن الاستراتيجية الإسرءيلية الشاملة والرسالة التي يؤكدها التناخ- يوشع تتوافقان إلى حد بعيد مع التحول الاستعماري الاستيطاني في كنعان القديمة في نهاية الألفية الثانية ق.م(75). ويمكن للمسح الواسع للبيانات الأثرية أن يدعم مثل هذا الاستنتاج. وقد نضيف كذلك أنه حتى لو لم يكن هناك وضوح فوري بشأن بعض التفاصيل الأثرية المحددة، حتى لو كان غزو عاي على سبيل المثال الحدث ذو الطبيعة الإشكالية من ناحية التحقق الآثاري بصورة خاصة، فيمكن اعتباره لم يحدث(76)، وبطبيعة الحال، لن يلغي هذا الاعتبار إمكانية حدوث معارك في أماكن أخرى على هذا النحو في الحالات الاستعمارية الاستيطانية في حد ذاتها(77). وبعبارة أخرى، ليس من الضروري التطابق الكامل بين النص واللقى الأثرية للإشارة إلى الطبيعة الاستعمارية لإسرءيل المبكرة.

ختاماً لهذا القسم، قد نضيف أن النصوص الكتابية تشير إلى أن إسرائيل القديمة لم تكن هي المكان الوحيد في ذلك الوقت (على الأقل على نطاق واسع)، الذي قد يكون خضع لعملية تحويل استعماري استيطاني. حيث يشير سفر التثنية 2: 20-23 (راجع أيضا عاموس 9: 7) إلى أن بني عمون استقروا في مواقع الرفائيين\ الزمزميين، ودمّر الأدوميون الحوريين وقضى الكفتوريون على العويين(78). يبدو أن هناك القليل من الأدلة المتوفرة حول العمليتين الأوليين، غير أنه، وبصورة عامة، يحدث مطابقة الكفتوريين مع الفلستيين الذين وصلوا إلى المنطقة الجنوبية الغربية من المشرق من الخارج(79). في حين أن العديد من التفاصيل حولهم لا تزال غير معروفة على الرغم من الدراسات المستفيضة عنهم(80)، قد يشك المرء في أنه يمكن تطبيق الاستعمار الاستيطاني عليهم كظاهرة أيضاً(81). ومهما كانت هذه الحالة، فإن بعض هذه الظواهر تبدو على الأقل أنها تتلاءم مع انهيار “النظام العالمي” في العصر البرونزي المتوسط المتأخر(82). ونحن نعرف، في جميع الأحوال، من تاريخ العالم أن هناك حركات بشرية وغزوات واستيطان تحتضنها طيات هذا التاريخ(83).

نزع الصبغة الاستعمارية عن إسرءيل و إرث إسرءيل القديمة

أشارت الاعتبارات السابقة إلى وجود أسباب وجيهة للشك في أن التاريخ المبكر لإسرءيل القديمة حُدد من خلال مقولات الاستعمار الاستيطاني. ويتوافق ذلك مع التفسير الواسع للأدلة الأثرية والوثائق الإسرءيلية التي تصور تاريخها المبكر، أقلّه التوجه العام لهذه الوثائق، والنظرية الاستعمارية الاستيطانية في سياق تاريخ العالم المعروف(84). ويترتب على هذا الفهم اليوم عدد من التبعيات تقع على عاتق البحوث الدراسية الكتابية وقراءة النصوص الكتابية. فعلى صعيد البحوث الكتابية وتفسيرها لتاريخ إسرءيل القديمة، تتماشى هذه النتائج  إلى حد كبير مع التفسيرات المحافظة maximalist للأدلة الكتابية لتاريخ إسرءيل القديم(85). وبهذا فهي تتناقض مع التفسيرات التي يقدمها التيار الرئيسي وكذلك وجهة نظر التصحيحيين minimalist. ولهذا السبب، قد تواجه هذه النتائج معارضة من أنصار هاتين المجموعتين التفسيريتين. وكما هو معروف من دراسات سوسيولوجيا العلوم(86)، وقد يكون هذا مرتبطاً بدعم من ﺎﻷﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ والجمود الثقافي، ومنذ اللحظة التي يتم فيها تأسيس هذه التفسيرات فإن البعض منها سيكون متجذراً وراسخاً وﻻ ﻳﻤﻜﻦ تغييره بسهولة، إلا عبر تحولات تستغرق أجيالاً(87). إن الاعتراف بطابع الاستيطان الاستعماري ( كأمر محتمل على الأقل) لإسرءيل المبكرة قد يوحي بأن الوثائق الكتابية أكثر موثوقية مما يُعتقد، ومن ناحية التاريخ المحتمل إعادة بنائه، فإن هذا قد يوحي أيضاً اقتراباً أكثر من الوثائق، أو مصادرها، على الأقل، عن الأحداث الحقيقية أكثر من تلك التي تقدمها نظريات الأدب النقدية الحالية التي لاقت رواجاً منذ القرن التاسع عشر(88). لذلك، قد يكون التفسير الاستعماري الاستيطاني للأدلة قدم وجهة نظر تلقى دعماً محدوداً للغاية بين التقاليد التفسيرية الحالية للباحثين الكتابيين.

غير أنه ثمة صعوبة عميقة محتملة من حيث استقبال تفسير الاستعمار الاستيطاني بين الأصوليين المحافظين maximalists. الذين هم بالعادة -وهذا ليس حصرياً بالضرورة- من المسيحيين أو اليهود الذين لهم ارتباط شخصي بالمزاعم الإلهية للنصوص وبدور الرب في صنع التاريخ. ويمكن للمرء أن يذهب إلى حد القول إن موثوقية النصوص تبقى مقدسة عند تلك الفئة، فالاعتراف بالطابع الاستعماري الاستيطاني للنصوص(89) والتاريخ المتعلق بإسرءيل القديمة مع طابعها العنيف المصاحب قد يكون مؤلماً، حتى عندما لا تكون هذه هي المنطقة الوحيدة في الأسفار المقدسة للعهد القديم التي تم الاعتراف بأنها تسبب مشاكل، كما سبق الإشارة إليه أعلاه. ونأتي هنا إلى مفهوم التنصل الذي يعد نموذجياً لنمط من الحالات الاستعمارية الاستيطانية(90) .مثلما هو الحال اليوم الأكثر أهمية في الولايات المتحدة الأمريكية و أستراليا وإسرائيل حيث تجد هذه المجتمعات صعوبة بالغة في الاعتراف بمؤسساتها الاستعمارية الاستيطانية واستمرارية الطابع الاستعماري، وبالمثل، بالنسبة لتلك الأنماط من المسيحيين واليهود حيث قد  يصيبهم الإقرار بالطابع الاستعماري الاستيطاني لإسرائيل القديمة ووثائقها التأسيسية في صميم فهمهم لذواتهم، حتى لو كان للاختلافات النفسية ذات الصلة أيضا تمتلك خصائص متباينة، على سبيل المثال، الوضع الاستعماري الاستيطاني في إسرءيل القديمة هو أمر طويل كحالة قائمة مع النصوص القديمة بدلاً من العمل كقصة أساس (قوية) بحتة. يتم تجاهل النصوص ذات الصلة في جوهرها عند قراءة الكتاب المقدس(91). لكن هناك بدائل أخرى في مثل هذا الخطاب المسيحي الذي ربما يكون رائجاً بين اللاهوتيين أكثر من رواجه لدى الجمهور المسيحي العام. هذه البدائل ترى، في جوهرها، السياق القديم منقطعاً عن الحاضر، وبالتالي تصبح النصوص أكثر قبولاً(92). وتكون الحالة مع هذه المقاربات في مواجهة، على الأقل، مع تناقضها من حيث قبول مزاعم النصوص.

أما بالنسبة إلى أولئك الذين ينتمون إلى التقليد التفسيري السائد، فلدى العديد منهم معتقدات دينية أيضاً ولكنهم ينظرون إلى الوثائق الإسرءيلية القديمة التي تصور الغزو على أنها وثائق لا تعبر عن الواقع الفعلي، ولكنها اكتسبت  بطريقة ما، ربما من خلال الوسائل الأسطورية، شخصية تكرس العنف(93). لا تحتاج النصوص إلى أن تُرى على أنها تاريخية، لا يحتاج المرء إلى التأكد من عدم استخدامها أيضاً للعنف المشروع في الوقت الحاضر. وهكذا، يتم ترويض النصوص وتدجينها. ومع ذلك، فإن هذه المقاربة لا تؤدي في النهاية إلا إلى إنكار العنف، وهنا الطابع الاستعماري الاستيطاني للنصوص وتاريخ إسرءيل القديمة. إنما يشبه مقاربات الدول الاستعمارية الحالية في إنكار شخصيتها الاستعمارية الاستيطانية بوسائل أكثر فعالية(94).

لم يحدث شيء “سيء” فعلياً، فالنصوص فقط هي التي تثير المشكلات بطريقة ما. يشبه هذا “ذاكرة كرت الشاشة” في النظرية الاستعمارية الاستيطانية(95). كما يعلق فيراتشيني بخصوص السياق الاستعماري الاستيطاني، “سردية الاستعمار الاستيطاني التي تركز على مفاهيم الاستيطان السلمي (أي زوال القبائل الهندية في الولايات المتحدة، الأسطورة الكندية التأسيسية القائمة على التعامل اللاعنيف، ومع ذلك، فإن التعاملات العنيفة، والتمثيلات في أستراليا باعتبارها القارة “الهادئة”، تشبه في كثير من الأحيان شكلاً فرويدياً آخراً، ذاكرة كرت الشاشة: بمعنى إعادة بناء غير دقيقة تحجب حقيقة ما حدث”(96). على طول هذه الخطوط، ربما نضيف الكنعانية المتلاشية في النصوص الكتابية وقراءتها.

تنتمي نظريات كل من الهجرة السلمية والأصول المحلية لبني إسرءيل إلى هذه الفئة. من بين هؤلاء فإن هذه الأخيرة هي النسخة الأكثر راديكالية لجهة إنكار الطابع الاستعماري الاستيطاني: من الواضح أنه إذا لم تكن هناك أصول خارجية بالنسبة إلى الإسرءيليين، فلن يكون هناك استعمار استيطاني، بل مجرد توسع سلمي للسكان الموجودين في المرتفعات وتحويل المجتمع من خلال إيديولوجية جديدة من اليهووية ثم (بطريقة أو بأخرى) إنشاء أسطورة قومية تقوم على الغزو.

هذا التفسير الأخير هو أكثر ما يميز القراءات التصحيحية minimalist  للكتاب المقدس، على الرغم من أنه لا يقتصر عليها فقط. ويتم تحفيز بعض هؤلاء من خلال موقف سياسي، على سبيل المثال، عنوان كتاب كيث ويتلام “اختراع إسرءيل القديمة: إسكات التاريخ الفلسطيني” يكشف بالفعل عن أجندة سياسية معاصرة كامنة(97). في هذه الحالة، فإن الغاية من نزع الصفة الاستعمارية للكتاب المقدس من أجل التحدث عن محنة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، تعد بحد ذاتها  أجندة ملّحة بالنظر إلى الطابع الاستعماري الاستيطاني لإسرائيل الحديثة(98). ويمكن مجابهة المزاعم الصهيونية من خلال تقديم سرد بديل لتاريخ الشعوب في التاريخ من أجل نزع الشرعية عن السرديات الصهيونية. ومع ذلك، فإن المشكلة مع مثل هذه السرد هو أنه نوع من التنصل وإنكار الطابع الاستعماري الاستيطاني لإسرءيل القديمة(99).

تظهر الاعتبارات المذكورة أعلاه مجموعة متنوعة من الأساليب التي تم اتخاذها تجاه النصوص الكتابية ذات الطبيعة الاستعمارية الاستيطانية. فإذا كان الأمر كذلك، فإن الدراسات الاستعمارية الاستيطانية تطرح تساؤلات حول كيفية إنهاء الاستعمار الاستيطاني في المجتمعات والسرديات، فقد نطرح ذات الأسئلة عن الكتاب المقدس. وفي حين أنجزت بعض الأعمال الممتازة حول موضوع إنهاء الاستعمار في الكتاب المقدس(100)، إلا أن المواقف تجاه التاريخ المبكر لإسرءيل لا تزال تعتمد بشكل أكبر على الإنكار أكثر من الاعتراف بالمدى الكامل للطابع الإشكالي للتاريخ المبكر لإسرءيل ووثائقها، ويمكن فهم ذلك من حيث اعتباراتنا أعلاه.

لن ترغب المقاربات المتطرفة Maximalist عموماً في التعامل مع الطبيعة العنيفة للنصوص على الإطلاق، كما أن المقاربات التصحيحية minimalist تنكر، على الأقل، الطابع الاستعماري للمستوطنات الإسرءيلية المبكرة.

ومع الأخذ في الاعتبار تعليقاتنا في القسم التمهيدي، يبدو أن الطريق إلى تصفية الاستعمار الكامل يبدأ من الإقرار الكامل بالماضي. يجب أن يعترف المسيحيون واليهود، والناس عموماً بالاستعمار الاستيطاني وبالتالي بالطابع العنصري المتأصل للنصوص. وإذن، يجب في نهاية المطاف أن تلعب المقاربة الاجتماعية للمجتمع الإسرءيلي دوراً مساعداً هنا.  فقد كان هذا المجتمع مجتمعاً قديماً تماماً، مثله مثل أي مجتمع آخر، ومثل أي مجتمع قديم آخر تشكل عبر الغزو و الاستعمار والاستيطان، فإن بإمكان الإسرءيليين أن يتشكلوا كذلك، ومثلما يمكن لأي مجتمع أن يدافع عن أرضه، وأن يشن الحروب ويخضع للتحولات الاجتماعية والسياسية، فيمكن لهذا أن يحدث للإسرءيليين, ومثلما يمكن أن يؤدي غزو المجتمع (على الأقل أجزاء منه) إلى السبي والشتات، كذلك يمكن أن ينطبق الأمر على إسرءيل. وكما أن المجتمعات تنتج أدبيات ذات وجهات نظر مختلفة، فبإمكان إسرءيل القديمة أن تكون ذات جانب “مشرق” و “مظلم” من الإنسانية التي تأتي من خلال نصوص كهذه. ومن السمات الهامة في كل هذا أن إطاراً دينياً معيناً كان له دور أساسي في تشكيل المجتمع الإسرءيلي، ومع ذلك، لم يكن هذا الأمر فريداً، نظراً لأن جميع المجتمعات القديمة المعاصرة تعتبر الدين عاملاً حيوياً شاملاً. وبهذا، في حين قد نجادل بأن اليهووية Yahwism كانت مهمة بالنسبة للمجتمع الإسرءيلي، فعلى الأقل بذور التوحيد موجودة بالفعل في عصر إخناتون في الألفية الثانية ق.م  في مصر القديمة. فما هو فريد حول إسرءيل القديمة هو تاريخ استقبال وثائقها وتأثيرها على العالم.

نجت الوثائق من تدمير السبي البابلي ومن التدمير الروماني سنة 70 م. ومن ألفي سنة من شتات الشعب اليهودي(101). وكانت بمنزلة  مجموعة من الوثائق التأسيسية لحركة جديدة داخل الديانة اليهودية القديمة التي أصبحت بعد ذلك الدين الجديد الذي وجد له الدعم الشعبي في الوقت المناسب في الإمبراطورية الرومانية التي حاولت في البداية قمعه، ولكنها اختارته في النهاية. وسرعان ما أصبح الدين الوحيد المقبول فيها بحلول القرن الرابع م. ومع هذا التطور، في كثير من النواحي، أصبح مصير هذا الدين الجديد، أي  المسيحية، مرتبطاً بالسياسات الإمبراطورية وإرثها التي أصبحت محصورة في أوروبا إلى حد كبير، بسبب ظهور الإسلام والحركات السياسية الأخرى على مدى القرون التالية. ولكن مع بداية الاستكشافات الأوروبية والاستعمار الأوروبي، عاد هذا الدين الجديد لينتشر مع الغزاة، داخل البنى و المساعي الاستعمارية الجديدة، مواربةً أو صراحةً(102).

نظر العديد من المستعمرين إلى تلازم مسار الفتوحات مع المسيحية، ورأى كثيرون إرث غزو إسرءيل كنموذج يكن اللجوء إليه سواء صراحةً أو ضمناً. ومن المحتمل أن تكون الغزوات مدفوعة إلى حد كبير بعوامل لا تتعلق مباشرة بالدين، ولكن بعوامل تتعلق بكيفية الفصل بين هذين المجالين في بيئة مسيحية حيث الدين متشابكاً مع بنى وهياكل الدولة. ومع مرحلة تصفية الاستعمار، ازداد الاعتراف بالدور الهدّام الذي لعبه الدين المسيحي لدى الشعوب الأصلية.

مما لا شك فيه أن التنوير وبروز النقد الكتابي ساعد في تخفيف الهيمنة القمعية التي كان يدين بها الدين في المجتمعات الأوروبية. ويمكن أن يتعرض هذا الدين للنقد بما يساعد أيضاً في رفع دوره القمعي على المجتمعات غير الأوروبية، وبالتالي المساهمة في نزع الطابع الاستعماري بما هو مرجح على الأقل. ولكن من المفارقة أن إنكار النقد الكتابي لتاريخية الطابع الاستعماري العنيف لإسرءيل القديمة لم يساعد بعد في إدراك المدى الكامل للطبيعة الإشكالية للوثائق الكتابية. ولا يزال رفض وإنكار هذا التاريخ إشكالياً. وبالتالي، في حين أن النزعة الكولونيالية الغربية الصريحة قد انتهت، فلاتزال الكولونيالية الجديدة سائدة بما لديها من ميزة مالية أكبر. ولكن، من الناحية السياسية، ومع كون الولايات المتحدة أقوى دولة على وجه الأرض اليوم، فإن الأسس الاستعمارية المزدوجة الاستيطانية لتراثها الديني المهيمن والاحتلال والاستيطان الفعليين لقارة أمريكا الشمالية تكفل استمرارية تراث الاستعمار الاستيطاني في تاريخ العالم. بالإضافة إلى ذلك، تدعم الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مجتمعاً آخراً ذو أساس استعماري مزدوج. يعمد الصهاينة في كثير من الأحيان، حتى وإن لم يكن على سبيل الحصر، إلى إضفاء شرعية سيطرتهم على أرض إسرءيل بناءً على مطالبة تاريخية(103). ولنزع صفة الاستعمار عن مثل هذه المزاعم، ينبغي الاعتراف بالطبيعة الإشكالية للاستعمار لاستيطاني في أبعاده المزدوجة. ومثل هذا الاعتراف يتضمن كتلة الصهاينة المسيحيين الدولية، والقوية بشكل خاص داخل الولايات المتحدة الأمريكية، الذين يأملون بإخلاص في تحقيق ملكوت الرب على الأرض ولكنهم لا يريدون أو لا يريدون أن يروا أن هذه النسخة الخاصة من توقعاتهم ودعمها تنطوي على تجاهل لاحتياجات مجموعة أو مجموعات من البشر مثلهم، والأسوأ من ذلك، الدعم أو الإذعان للعنف والإبادة الجماعية. إن رواية بديلة، مثل رؤية مستقبل إسرائيل بنظرة جوهرية غير سياسية يمكن أن يقر بهذه المشاكل(104)، ويمكن أيضا بمعنى أوسع أن نجد طريقة لخلق مجتمعات ونظام عالمي قائم على حقوق الجميع، ليس فقط مجموعة مصالح معينة مع السلطة كما هو واضح في حالة الاستعمار الاستيطاني.

هناك حاجة لنقد استجابة قارئ الكتاب المقدس الذي يعترف بالجوانب الإشكالية لهذه المجموعة من النصوص(105)، بالاشتراك مع الفهم التاريخي لتطور الديانات المسيحية واليهودية على مدى آلاف السنين. بالنسبة للمسيحيين، ربما يكون هذا أفضل اقتراح للعودة إلى شكل من أشكال المسيحية تنظر من خلاله إلى قرونها الأولى بنوع من الإلهام، حيث لا يرتبط الدين بمؤسسات السلطة وبمعتقدات التفوق(106).

وبالنسبة لليهود ينبغي أن يعني ذلك التخلي عن رغبة أو قبول تكرار عملية العنف والإيديولوجية التي صاغت منهم سابقاً شعباً مثقلاً بتراثه الذي يحمله الآن، لاسيما في السياقات التي تلت الهولوكوست.

تعليقات ختامية

حاولت الانتقال من خلال بعض الألغاز التفسيرية للمواد الكتابية في سياق تاريخ البحوث الدراسية والمواقف الأكاديمية الحالية. واقترحت أن تفهم إسرءيل المبكرة كمجتمع استعماري استيطاني مع الوثائق التي تصوّر تاريخها والتي تعكس أن الحالة توفر تفسيراً بسيطاً ومباشراً للأدلة المتاحة التي تتماشى جيداً مع كيفية استخدام النصوص لدعم العنف والاستعمار الاستيطاني في الحياة الآخرة في تاريخ العالم. وقد لاحظت أيضاً أن مثل هذا التفسير قد يكون مثيراً للجدل حيث تقع على المحك العديد من التأويلات والمفاهيم الممنوحة لمختلف المجتمعات الأكاديمية والسياسية والدينية. ومع ذلك، فأنا على قناعة بأن دفع مثل هذا التأويل نحو الأمام أثناء التحليل والمناقشة يعدّ أمراً حيوياً لفهم تاريخ البشرية بشكل أفضل ولنزع الصبغة الاستعمارية عن الكتاب المقدس، ومعه التوقعات والأفعال المحتملة للمجتمعات التي ما زالت تنظر إلى هذه النصوص على أنها نصوص ملهمة أو موثوقة لحياتهم وممارساتهم بطريقة ما. في هذا السياق عادة ما يتم صنع القرار بطرق ديمقراطية، في سياق أوسع نعيش الآن في عالم تعددي حيث يتم الاعتراف بمجموعة متنوعة من الآراء والتيارات المجتمعية، على الأقل ظاهرياً في الدول الغربية. ومع ذلك، يمكننا أن نرى بناءً على تحليل ما بعد الكولونيالي أن الرغبة البشرية في السيطرة على الآخرين مازالت حية سواء في السياسة أو في الأوساط الأكاديمية أو على المستوى الفردي. وحتى في نظام ديمقراطي، إذا كانت الغالبية مع العنف أو بشكل عام مع حل غير عادل للمشكلة، كما يمكن أن يكون عليه الحال بسهولة، لاسيما حين ينظر للمشكلة على أنها لا تنتمي إلى النظام السياسي(107)، لا يمكن اعتبار ذلك مقنعاً. وبالنظر إلى ذلك، ينبغي أن تؤدي دراسة الاستعمار الاستيطاني أيضاً إلى نشاط ينبغي له أن يشمل أولئك الملتزمين دينياً أو تراثياً. وبهذه الطريقة، يمكن القول إن دراسة الاستعمار الاستيطاني يمكن أن تسهم أيضاً إسهاماً مثمراً في تطور البشرية بما يتعلق في البعد الديني. وفي نفس الوقت، ليس إنكاراً للتاريخ أو تنصلاً منه ومن إرثه الذي تركه والدين جزءً منه، بل اعترافاً به وإعادة تفسيره، وهذا على الأرجح، من شأنه أن يكون أكثر فائدة.

ضمن هذا، وفي نطاق أوسع أيضاً، تعتبر دراسة الدين ذات أهمية سياسية، وكذلك نتائج وتطبيقات دراسته كظاهرة بشرية لاتزال لها أهمية لكل مجال من مجالات الحياة البشرية حتى الآن.

الملاحظات :

العنوان الأصلي : Ancient Israel and settler colonialism

الكاتب: Pekka Pitkänen

الناشر: University of Gloucestershire: Settler Colonial Studies, 4 (1). pp. 64-81. ISSN 2201-473X

تاريخ النشر :8\7\2013

الرابط: http://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/2201473X.2013.812944

………………….

الهوامش

1 هذه القصة لها قصة موازية في أسفار أخبار الأيام. حيث لا تبدأ القصة من الخلق، ولكن من بدايات الملكية الإسرءيلية.

2-راجع على سبيل المثال: Richard Waswo, From Virgil to Vietnam: The Founding Legend of Western Civilization (Hanover and London: Wesleyan University Press, 1997)

3- انظر مثلا : Eryl Davies, the Immoral Bible: Approaches to Biblical Ethics (London: T&T Clark, 2010);Robert P. Carroll, Wolf in the Sheepfold: The Bible as Problematic for Theology, 2nd edn (London: SCM Press, 1997).

4 سوف أستخدم مصطلح العهد القديم هنا، أولئك الذين يفضلون كلمة “الكتاب المقدس العبري” قد يحل محلها في العرض التقديمي.

5 مع الأخذ في الاعتبار أن المواد القانونية الإسرءيلية القديمة تسمح بفعالية بالعبودية (انظر مثلاً: الخروج  21: 2-11 ، 20-27 ؛ اللاويين21: 42-46 ؛ تثنية 15: 12-18) وبولس في العهد الجديد، فالكتابات في سياق المجتمع اليوناني الروماني، لم تشر إلى ما يخالف ذاك.

6- انظر مثلا: Waswo, Founding Legend; John Docker, The Origins of Violence: Religion, History and Genocide (London: Pluto Press, 2008), esp. 113-129; Michael Prior, Bible and Colonialism: A Moral Critique (Sheffield: Sheffield Academic Press, 1997).

7- انظر مثلا:  Lorenzo Veracini, Israel and Settler Society (London: Pluto Press, 2006)

8- انظر:Mark G. Brett, Decolonizing God: The Bible in the Tides of Empire (Sheffield: Phoenix Press, 2008).

9- انظر :Veracini, Settler Colonialism: A Theoretical Overview (Basingstoke: Palgrave Macmillan, 2010),104-108 for this problematic.

10- انظر:Gordon J. Wenham, Exploring the Old Testament Vol 1: The Pentateuch (London: SPCK, 2003), 162-163.

11 تم تقسيم المصدر الكهنوتي نفسه إلى قسمين P كانت تنقسم إلى” الأصيل proper ” و” المقدس H ” ، وما يسمى رمز القداسة، تتكون على نطاق واسع من اللاويين 17-26.

12- انظر أيضا:Julius Wellhausen, Prolegomena zur Geschichte Israel, sechste Ausgabe. (Berlin: Druck und Verlag Georg Reimer, 1905). First published 1878, English translation Prolegomena to the History of Israel (Edinburgh: A. & C. Black, 1885). English translation also available at http://www.gutenberg.org/etext/4732; Cf. e.g. Gordon J. Wenham, ‘Pondering the Pentateuch: The Search for a New Paradigm’, in D.W. Baker and B.T. Arnold, ed., The Face of Old Testament Studies: A Survey of Contemporary Approaches (Grand Rapids, Michigan: Baker Books), pp. 116-144 and idem, ‘Pentateuchal Studies Today’, Themelios 22.1 (October 1996): 3-13, also available at http://www.biblicalstudies.org.uk/article_pentateuch_wenham.html.

13- انظر مثلا:Wenham, ‘Pentateuchal Studies Today’.

14- انظر:R.N. Whybray, The Making of the Pentateuch: A Methodological Study. JSOTSS 53 (Sheffield: Sheffield Academic Press, 1987); Robert Alter, The Art of Biblical Narrative (New York: Basic Books, 1981).

15- انظر على سبيل المثال، الجدول الموجز في: Eckart Otto, Deuteronomium 1,1-4,43, HTKAT (Freiburg im Breisgau: Verlag Herder, 2012), 256; Erich Zenger and Christian Frevel, Einleitung in das Alte Testament, 8th edn (Stuttgart: Kohlhammer), 67-231.  تجدر الإشارة إلى أن إحدى المشكلات المتعلقة بالنقد التوراتي (بما في ذلك انتقادات الكتاب المقدس) تشير إلى وجود عدد محدود من النصوص التي درسها عدد كبير من الأشخاص على مدار قرنين حتى الآن. في حين أن هناك اختلافات بين النصوص (انظر على سبيل المثال: Emanuel Tov, Textual Criticism of the Hebrew Bible, 3rd edn, Revised and Expanded [Minneapolis: Fortress Press, 2012] )  ويمكن للمرء أن يفكر في التعديلات المحتملة على عمل أولي يستند إلى دراسة تجريبية مقارنة لوثائق الشرق الأدنى القديمة (انظر: Jeffrey Tigay, The Evolution of the Gilgamesh Epic [Wauconda, Ill: Bolchazy-Carducci Publishers, 2002, a reprint of 1982 edition published by Philadelphia: University of Pennsylvania Press]; David M. Carr, The Formation of the Hebrew Bible: A New Reconstruction, [New York: OUP, 2011]) ، والمواد الكتابية ذاتها تشير إلى أنها قد تستخدم مصادر (انظر على سبيل المثال يوشع 10: 12-13؛ والملوك الأول 11:41) ، ولا تدعم نصوص الكتاب المقدس وأدلة الشرق الأدنى بشكل تجريبي معظم نظريات المصدر والتنقيح النقدي. يمكن القول أن لدينا مشكلة هنا تشبه إلى حد ما مشكلة نظرية الأوتار الحديثة (انظر: Lee Smolin, The Trouble With Physics: The Rise of String Theory, The Fall of a Science, and What Comes Next [Boston: Houghton Mifflin, 2006]; cf. Barton Zwiebach, A First Course in String Theory, 2nd edn [Cambridge: CUP, 2009], 3-12) هناك حاجة ماسة لإنتاج نظريات جديدة من أجل النهوض بالمجال، ولكن هناك العديد من النظريات التي يمكن بناؤها والتي يمكن أن تتناسب مع الأدلة التجريبية الحالية. في الدراسات التوراتية، ربما يكون هناك عدد غير محدود، أو على الأقل عدد كبير من التباديل التي يمكن تحقيقها من خلال تعديل النظريات الأساسية للمصدر والتنقيح، ومن السهل نسبياً إنتاج ورقة بحثية جديدة أو كتاب أو أطروحة جديدة عن طريق إجراء التعديل الجديد. ومع ذلك، كما هو الحال مع نظرية الأوتار الحالية، لا يمكن للمرء التحقق من النظريات الناتجة إزاء الأدلة التجريبية (المزيد من النظريات ممكنة إذا تضمنت النظريات التي لا تتطابق مع الأدلة بشكل كامل) وبالتالي إيمان المجتمع الأكاديمي (أو المجتمع الفرعي) بأن هذه المقاربة هي مقاربة مناسبة تعد القوة الرئيسية في دفع المزيد من البحث داخل الإطار النظري المعتمد ) يميل مؤيدو نظرية الأوتار إلى الاعتراف صراحةً في البداية بمشكلة التحقق التجريبي،( انظر Zwiebach, A First Course in String Theory, 9-11 بينما لا يميل علماء الكتاب المقدس  إلى ذات الاعتقاد [مع مراعاة ما يقتضيه اختلاف الحال] ، ماعدا  استثناء نادر نسبياً). وبالتالي، فإن اللغز بالنسبة لدراسات الكتاب المقدس يكمن في أنه إذا تم إيقاف أنواع معينة من النظريات، فما الذي يمكن أن يفعله الأكاديميون، ربما بالنسبة للفيزياء إذا لم تتم متابعة نظريات الأوتار بعد الآن، فماذا سيفعل الفيزيائيون؟ (راجع مفهوم كوهين عن نموذج البحث، انظر: Thomas S. Kuhn, The Structure of Scientific Revolutions [Chicago: The University of Chicago Press, 1962; 50th anniversary edn/4th edn 2012], esp. 23-51.). وبصورة أكثر جدية، وأكثر انسجاماً مع اعتباراتنا أدناه، في نهاية المطاف هذه الممارسات في المصدر الكتابي وانتقاد التنقيح هي، مقتصرة، بعدة طرق، على فئة معينة في السياق المجتمعي الأوسع من حيث تأثيرها. راجع:  (cf. the comments in David M. Carr, Writing on the Tablet of the Heart: Origins of Scripture and Literature [Oxford: OUP, 2005], 293-295) ، ومع ذلك، فإن هذه الممارسات، حتى لو كان ذلك عن غير قصد من نواحٍ عديدة على الأرجح، فهي تسهم في الحفاظ على نهج شامل كلي للتاريخ إسرءيل التي لها آثار على إنهاء الاستعمار في الكتاب المقدس، كما سيتم مناقشته أدناه.

16- انظر: Wellhausen, Die Composition des Hexateuchs und der historischen Bücher des Alten Testaments, 3rd edn (Berlin: Georg Reimer, 1899; 1st edn 1876/77); Gerhard von Rad, ‘The Form-Critical Problem of the Hexateuch’, in idem., The Problem of the Hexateuch and other Essays (Edinburgh and London: Oliver Boyd, 1965; German original in BWANT 4th series, vol XXVI, 1938),1-78.

17- انظر, Martin Noth, The Deuteronomistic History, 2nd edn, JSOTSS 15 (Sheffield: Sheffield Academic Press, 1991; German original: Überlieferungsgeschichtliche Studien I, Halle: M. Niemeyer, 1943).

18- كما سبق ذكره أعلاه، توفر أسفار أخبار الأيام بشكل موسع توصيفاً موازياً للحقبة الممتدة من المملكة المبكرة إلى السبي وتؤمن موضوعاً للدراسة بمفردها. وتشير هذه الأسفار بوضوح إلى أنها كتبت في وقت ما بعد السبي، على الرغم من زعمها أنها تستخدم مصادر يعود تاريخها إلى وقت سابق.

19- انظر,   E.g. Otto, Deuteronomium 1,1-4,43; Carr, The Formation of the Hebrew Bible, and this author.

20-القسم التالي استناداً إلى : Pitkänen, Joshua, AOTC 6 (Leicester: IVP, 2010).

21- انظر  مثلاً:   P.R.S. Moorey, A Century of Biblical Archaeology (Cambridge: Lutterworth Press, 1991).

22- لاحظ أيضا أن المصنوعات اليدوية النصية المكتشفة بالآثار لها أهمية للدراسات الكتابية. هذه القطع الأثرية من البلدان المحيطة بإسرءيل القديمة تكشف عن أن هذه البلدان تتشارك في عدد من السمات الثقافية (وأحيانًا كان هناك تفاعل مباشر بين هذه الشعوب) مع إسرءيل القديمة ويمكن بالتالي استخدام النصوص (وأحيانًا المصنوعات اليدوية غير الأدبية) لإلقاء الضوء على العادات الإسرءيلية القديمة بالمعنى المقارن. يتفرع التخصص الآثاري في هذا النطاق إلى مجالات دراسات الشرق الأدنى القديمة للآشوريات، علم المصريات، علم الآثار، إلخ، وهي حقول مستقلة تماماً في جوهرها، حتى لو كانت شبيهة بها، بمفردها.

23- انظر على سبيل المثال: Amihai Mazar, Archaeology and the Land of the Bible 10000-586 BCE, The Anchor Bible Library (New York: Doubleday, 1992); Thomas E. Levy, ed., Historical Biblical Archaeology and the Future: The New Pragmatism (London: Equinox, 2010).

24- انظر:. J. Maxwell Miller and John H. Hayes, History of Ancient Israel and Judah, 2nd revised edn (London: SCM Press, 2006) للاطلاع على تفسير لتاريخ إسرءيل ككل من هذا المنظور.

25- انظر: William G. Dever, Who Were the Early Israelites and Where Did They Come from? (Grand Rapids: Eerdmans, 2003).

26- انظر: Avraham Faust, Faust, Israel’s Ethnogenesis: Settlement, Interaction, Expansion and Resistance (London: Equinox, 2006), esp. 170-187.

27- انظر مثلاً:   Niels Peter Lemche, The Israelites in History and Tradition (London: SPCK / Louisville, Kentucky: Westminster John Knox Press, 1998); Thomas L. Thompson, Early History of the Israelite People: From the Written and Archaeological Sources (Leiden: E.J. Brill, 1992); Philip R. Davies, In Search of ‘Ancient Israel’, JSOTSS 148 (Sheffield: JSOT Press, 1992); Mario Liverani, Israel’s History and the History of Israel (London, Equinox, 2005; Italian original 2003).

28- تنظر: Wenham, Genesis 1-15, Word Biblical Commentary (Waco, Tx: Word Books, 1987); idem.,Genesis 16-50, Word Biblical Commentary (Waco, TX.: Word Books, 1994); Kenneth Kitchen, On the Reliability of the Old Testament (Grand Rapids, Mi: Eerdmans, 2003); Iain Provan, V. Philips Long and Tremper Longman, A Biblical History of Israel (Louisville: Westminster John Knox Press, 2003).

29 -هناك بالطبع تباين فردي بين كل عالم حتى في كل تقليد تفسيري. قد يذهب المرء إلى القول بأن هناك العديد من الآراء  يوازي عدد الأكاديميين، وهو ما يبدو وصفاً مناسباً  للإنسانيات بشكل عام.

30- انظر:Veracini, Settler Colonialism, 1-15 للاطلاع على ملخص للأبحاث السابقة.

31- انظر Pitkänen  يوشع هو مثال حديث على هذا العمل.

32-انظر: Waswo, Founding Legend; Docker, Origins of Violence; Carroll, Wolf in the Sheepfold; Regina M. Schwartz, The Curse of Cain: The Violent Legacy of Monotheism (Chicago: University of Chicago Press, 1997); Davies, Immoral Bible.

33- انظر أدناه لمزيد من التفاصيل عن هذا الموضوع

34- انظر:Douglas S. Earl, Reading Joshua as Christian Scripture. Doctoral thesis, Durham University, 2008, available at Durham E-Theses Online: http://etheses.dur.ac.uk/2267/. Also published in slightly revised form as Reading Joshua as Christian Scripture, Journal of Theological Interpretation Supplement 2, (Winona Lake, Ind.: Eisenbrauns, 2010) لبناء متقن لمصدر “أسطوري” للمفاهيم ذات الصلة في يوشع

35- انظر :Veracini , Settler Colonialism, 102-108.

36- يشير فرانشيني إلى أن الشعوب التي تنشأ خارج الأراضي التي تحتلها تميل إلى رؤية وجودها من الناحية التاريخية، بينما ترى الشعوب الأصلية نفسها في مصطلحات علمية (تواصل شخصي، 2013).

37- لاحظ التعاريف في Jürgen Osterhammel، Colonialism: A Theoretical Overview (Princeton, N.J.,Markus Wiener, 2005; original German edition 1995 by C.H. Beck, Munich; translated by Shelley Frisch, with a foreword by R.L. Tignor and an updated bibliography)”المستعمرة هي منظمة سياسية جديدة تم إنشاؤها بواسطة الغزو (الاستعمار و / أو الاستيطان) ولكنها مبنية على ظروف ما قبل الاستعمار. حكامها الغريبون يعتمدون بشكل مستمر على “بلد أم” بعيد المدى جغرافيا أو مركز إمبريالي، يدّعي حقوقا حصرية لحيازة المستعمرة. “(ص 10) و” الاستعمار هو علاقة الهيمنة بين السكان الأصليين (أو المستوردين قسراً) الأغلبية والأقلية من الغزاة الأجانب. إن القرارات الأساسية التي تؤثر على حياة الناس المستعمرين يتم تنفيذها من قبل الحكام الاستعماريين سعياّ وراء المصالح التي غالباّ ما يتم تحديدها في عاصمة بعيدة. رفض التنازلات الثقافية مع السكان المستعمرين، فإن المستعمرين مقتنعون بتفوقهم وصورة تمسكهم بزمام الحكم. “(ص 16-17).

38- انظر: Veracini, Settler Colonialism, 53

39-انظر: Kitchen, On the Reliability, 318-319, 333-334.

40-  ينبغي الإشارة إلى أنه لا يوجد دليل مباشر على الهجرة الجماعية كما هو موضح في سفر الخروج، والمسألة موضع خلاف حاد، لاعتبارات إيجابية، انظر esp. James K. Hoffmeier، Israel in Egypt: The Evidence for the Authenticity of the Exodus Tradition (Oxford: Oxford University Press، 1997)؛ idem.، Ancient Israel in Sinai: The Evidence for the Authenticity of the Wilderness Traditions (Oxford: Oxford University Press، 2005)؛ لتلك السلبية ، انظر على سبيل المثال Liverani, Israel’s History, 277-282 .

41- لكن لاحظ أيضا “اللفيف “الذي خرج من مصر حسب سفر الخروج  12:38.

42- يقول فيراشيني بأن  الاستعمار الاستيطاني يعرّف  الترانسفير أساساً على أنه “تطهير” نظام حكم المستوطنين من التغييرات (الأصلية والداخلية) (ص 33). كما يقترح، “مجتمع مستوطن ناجح يدير التفريغ المنظم والتدريجي لقطاعات السكان الأصليين والخارجيين الآخرين من الاقتصاد السكاني ويفصل بشكل دائم عن الآخرين” (المرجع نفسه، ص 28 ؛ والمقصودون الآخرين هم المستبعدين بشكل دائم من نظام المستوطنين وفقدوا وضعهم الأصلي أو الخارجي، ص 27-28). ثم يشرح فيراشيني تحديد 26 شكلًا مختلفاً من عمليات الترانسفير (المرجع نفسه، ص 35-50) ، وينبغي الإشارة إلى أن القتل والترحيل وما إلى ذلك لا يشكل سوى مجموعة فرعية من عمليات الترانسفير الممكنة، فهناك استراتيجيات أخرى أكثر دقة، مثل الاستيعاب. لاحظ أيضاً أن السكان الأصليين الآخرين (السكان الأصليين الحقيقيين للأرض التي يجري استيطانها) يعتبرون عادة تهديداً للجماعة الاستيطانية لأن استمرار وجودهم يشكل تهديداً وتحدياً لوجود وشرعية الجماعة المستوطنة (المرجع نفسه)، ص 24-26 ، 33-34)، في حين أن الآخرين الخارجيين (قد يشمل هؤلاء أشخاصاً من أراضي خارج المجموعة الاستيطانية الذين قد ينضمون إلى المجموعة الجماعية) يُنظر إليهم عموماً على أنهم أشخاص يمكن أن يتعاونوا مع المجموعة الاستيطانية (المرجع نفسه ، ص 26-27).

43-  الملاحظتين الأخيرتين لجون .ف. بروغ John F. Brug: Where Did the Name “Philistines” Come From? ورقة عمل قدمت للمعهد الأمريكي للدراسات الشرقية ASOR في اللقاء السنوي الذي عقد في مدينة أطلنطا، 2012، صفحة 5-6.

 44 -انظر هذه مع الرسوم البيانية في Veracini, Settler Colonialism, 25-29 .يبدو، على أي حال، أن أخذ هؤلاء الأشخاص مرتبط بشكل وثيق من خلال نقل فيراشيني عن طريق الاستيعاب (Veracini ، Settler Colonialism ، 37-39).

45- انظر  Necropolitical transfer in Veracini, Settler Colonialism, 35.

46-  انظر  Veracini ، Settler Colonialism ، (35) يصنفها على أنها ترانسفير عرقي.

47- انظر , Veracini, Settler Colonialism, 41 (Narrative transfer I).

48- يبدو هذا قريباً من نقل السرد IV  في Veracini, Settler Colonialism, 42-43 ، على الرغم من وجود اختلافات أيضًا.

49-  انظر : Pitkänen, Joshua, 210-211 للحصول على ملخص

50-Veracini, Settler Colonialism, 35-36 يطلق على هذا الترانسفير عن طريق النزوح المفاهيمي.

51- راجع Veracini, Settler Colonialism, 26-28 :  من أجل مفاهيم بمعايير  الترانسفير الاستعماري. لاحظ مع ذلك أن هناك نقاشاً حول مدى اعتبار القانون القديم في الشرق الأدنى نظرياً أو عملياً، على سبيل المثال، لا توجد أي قضايا قضائية تشير إلى وجود رموز قانونية في الشرق الأدنى القديم من الوقت المعني تقريباً (see e.g. Raymond Westbrook, ‘Introduction: The Character of Ancient Near Eastern Law’, in idem., ed., A History of Ancient Near Eastern Law (Leiden: E.J. Brill, 2003), 1-90 (esp. 18-19).

52 -لكن يبدو هذا مشابهاً أساساً لمعاملة الجبعونيين كما هو مذكور أعلاه، على الأقل في بعض النواحي.

53- راجع Veracini, Settler Colonialism, 88-89.

54- انظر: David Day, Conquest: How Societies Overwhelm Others (Oxford: OUP, 2008).

55 -ليس الاثنان متطابقين تماماً ، حيث يمكن للمجتمع أن يحل محل “الاستعمار الداخلي” الذي يمكن أن يكون مختلفاً عن الاستعمار الاستيطاني (Day 2008, p. 6).

56- انظر  Day, Conquest, p. 7.

57- انظرDay, Conquest, p. 8.

58- المرجع السابق

59- المرجع السابق

60- المرجع السابق

61- يعتبر قانون القداسة بشكل عام وحدة منفصلة منفردة داخل الأسفار الخمسة  الموسوية، ويتكون معظمها من سفر اللاويين 17-26.

62- انظر Day, Conquest, 7-9.

63- سأقسم إلى: تقديم مطالبة قانونية، ورسم خريطة للأرض، وتسمية، وقصص مؤسسة، واستبدال المتوحشين وحتمية الإبادة الجماعية، عن طريق حق الغزو، وحرث التربة وموت الأرض، والدفاع عن الأرض. ما يلي هو ملخص، التفاصيل الكاملة متوفرة في Pitkänen, Pentateuch-Joshua: A Settler-Colonial Document of a Supplanting Society, ، قيد النظر.

64- الجذر العبري في 13: 1 له أيضاً معنى “للتجسس”.

65- راجع R.J.A. Talbert, ed., Ancient Perspectives: Maps and their Place in Mesopotamia, Egypt, Greece and Rome (Chicago: University of Chicago Press, 2012).-

66- راجع مثلاً:Pitkänen, Joshua: 261-264, quoting G. Beckman, Hittite Diplomatic Texts, SBL Writings from the Ancient World 7, ed. Harry A. Hoffner, Jr (Atlanta: Scholars Press, 1996; 2nd edn, 1999), pp. 109-111, على سبيل المثال لوصف الحدود الحثية (في سياق المعاهدة)

67- انظر  Faust, Israel’s Ethnogenesis, esp. pp. 159-166, 221-226; Israel Finkelstein, The Archaeology of the Israelite Settlement (Jerusalem: Israel Exploration Society, 1988), pp. 324-330; Eero Junkkaala, Three Conquests of Canaan: A Comparative Study of Two Egyptian Military Campaigns and Joshua 10-12 in the Light of Recent Archaeological Evidence (Turku: Åbo Akademi University Press, 2006; PDF version available for download from https://oa.doria.fi/handle/10024/4162), esp. 308-309.

68- انظر أيضاً Day, Conquest, pp. 96-97, في إشارة إلى هزيمة الملك سيحون، وإجراء مقابلة مع الغزاة اللاحقين.

69- انظر  Day, Conquest, p. 96; see e.g., Joshua 1:3; 14:9.

70- انظر W.G. Dever, Who Were the Early Israelites and Where Did They Come From? , 98.

71-راجع , Carroll P. Kakel, The American West and the Nazi East: A Comparative and Interpretive Perspective (Basingstoke: Palgrave Macmillan, 2011). Cf. also e.g., David L. Preston, The Texture of Contact: European and Indian Settler Communities on the Frontiers of Iroquoia, 1667–1783 (Lincoln: University of Nebraska Press, 2009), 1-22.

72- راجع تعليقاتنا أعلاه حول التطبيق العملي لمواد الشرق الأدنى القديمة.ويلاتها

73- انظرPatrick Wolfe, ‘Structure and Event: Settler Colonialism, Time and the Question of Genocide’, in A.D. Moses, ed., Empire, Colony, Genocide: Conquest, Occupation and Subaltern Resistance in World History (Oxford/New York: Bergahn Books, 2008), 102-132 (130n71).

74- انظر Wolfe, ‘Structure and Event’, 103.

75- على أي حال، نحن نعلم أن المجتمعات الكنعانية القديمة كما تشهد في رسائل العمارنة في العصر البرونزي المتأخر تتحول إلى مجتمعات إسرءيلية في القرون التي تلت ذلك، حتى لو أخذنا مقاربة بسيطة في تاريخ إسرءيل.

76- في النظر إلى موقع عاي وأماكن  “إشكالية” أخرى، انظر على سبيل المثال. Pitkänen، Joshua (pp. 182-184 for Ai specific). لاحظ من ناحية أخرى، على سبيل المثال، هناك دليل أثري واضح على تدمير في حاصور في ذلك الوقت (يوشع 11: 10-12 ؛ انظر على سبيل المثال Pitkänen, Joshua, 232 ).

77 -لاحظ أيضاً أن مثال  يشوع 11:13 يشير إلى أن الإسرءيليين لم يحرقوا العديد من البلدات المحتلة، وإذا كان الأمر كذلك، فلن يكون من السهل (إن أمكن) العثور على أدلة أثرية على الدمار في المواقع ذات الصلة.

78- لمزيد من الأمثلة عن تحركات الناس في الشرق الأدنى القديم في الألفية الثانية قبل الميلاد استناداً إلى مصادر خارجة عن المدرسة، انظر Kitchen, On the Reliability, 254 . لعمل أخير مكرس للاستعمار بشكل عام في الشرق الأدنى القديم، انظر  Maria Eugenia Aubet, Commerce and Colonization in the Ancient Near East (Cambridge: CUP, 2013; Spanish original 2007)

79- انظر Trude Dothan and Moshe Dothan, People of the Sea: The Search for the Philistines (New York: Macmillan, 1992); Assaf Yasur Landau, The Philistines and Aegean Migration at the End of the Late Bronze Age (Cambridge: CUP, 2010).

80-انظر Yasur-Landau, The Philistines and Aegean Migration; Aren M. Maeir, L.A. Hitchcock and L.K. Horwitz, ‘On The Constitution and Transformation Of Philistine Identity’, OJA 32.1 (2013), 1–38.

81- انظر Pitkänen, ‘Ancient Israel and Philistia: Settler Colonialism and Ethnocultural Interaction’, under consideration of a journal.

82- حول هذا “النظام” وانهياره،Itamar Singer, The Calm Before the Storm: Selected Writings of Itamar Singer on the End of the Late Bronze Age in Anatolia and the Levant, WAW Supplements 1 (Atlanta: SBL, 2011); Eric Cline, Sailing the Wine-Dark Sea: International Trade and the Late Bronze Age Aegean (Oakville, CT: David Brown Book Co, 2009).

83- انظر Day, Conquest.

84-على وجه الخصوص، مع الأخذ في الاعتبار مبدأ عدم مضاعفة الكيانات Occam’s razor، أن الوثائق قد تم قراءتها على أنها تدعم الاستعمار الاستيطاني تتناسب تماماً مع فكرة أنهم هم أنفسهم أنتجهم الاستعمار الاستيطاني.

85- على سبيل المثال Kitchen, On the Reliability.

86- انظرKuhn, Structure; Paul K. Feyerabend, Against Method, 3rd edition (London: Verso, 1993; 4th edition in 2010).

87- راجع Kuhn, Structure; Feyerabend, Against Method.

88- لا يمكن الدخول في النقاش حول الوثائق التوراتية هنا. ومع ذلك، بالنسبة للفحص النقدي الأدبي الذي يتيح قرب أقرب إلى الأحداث، انظر Pitkänen, Central Sanctuary and Centralization of Worship in Ancient Israel: from the Settlement to the Building of Solomon’s Temple, 2nd Gorgias Press Edition (Piscataway, N.J.: Gorgias Press; first edition 2003) . انظر أيضا الاعتبارات يوشع  في Pitkänen .

89- على حد علمي، أنا أول شخص يقترح الطابع الاستعماري للمستوطنات للنصوص والتاريخ ذات الصلة بالمعنى الاستعماري الاستيطاني الصريح، وقد تم بالفعل الإشارة إلى القضايا المطروحة للنقاش على هذا النحو في تفاصيلها الفردية. من المقترح هنا أن رؤية الأمور من منظور استعماري استيطاني توضّح المسائل بشكل كبير وتتيح مناقشة معززة.

90- انظر Veracini, Settler Colonialism, 95-116.

91- راجع Davies, Immoral Bible, 63-100, 101-119.

92- انظرDavies, Immoral Bible, 3-100,

93- ملخص جيد لهذه المقاربات هو Earl, Reading Joshua as Christian Scripture. See also Brett, Decolonizing God, esp. 62-93.

94 -أسطورة الأرض الفارغة أو “البكر” هي واحدة قوية موازية لهذا؛ انظر Veracini، Settler Colonialism، 83-88.

95- راجع Veracini, Settler Colonialism, 89-90

96- المرجع السابق

97- انظر Keith W. Whitelam, The Invention of Ancient Israel: The Silencing of Palestinian History (Abingdon/New York: Routledge, 1996).

98- انظرVeracini, Israel and Settler Society.

99- راجع Veracini, Settler Colonialism, 112-115.

100- انظر  E.g. Brett, Decolonising God.

101- للمزيد عن هذا الموضوع  انظرShlomo Sand, The Invention of the Jewish People (London: Verso, 2009); idem., The Invention of the Land of Israel (London: Verso, 2012).

102- انظرMarc Ferro, Colonization: A Global History (London: Routledge, 1997; Original French edn 1994).

103- انظر  Avi Shlaim, The Iron Wall: Israel and the Arab World (London/New York: Penguin Books,2000); Sand, Invention of the Jewish People; idem., Invention of the Land of Israel; cf. Ilan Pappe, A History of Modern Palestine: One Land, Two Peoples. Cambridge: Cambridge University Press.

104- انظرRobert G. Clouse, The Meaning of the Millennium: Four Views (Downers Grove, Ill: InterVarsity Press, 1977) at a popular level; cf. John M. Court, Approaching the Apocalypse: A Short History of Christian Millenarianism (London: I.B. Tauris, 2008)

105- كما يقترح ديفيز في : Davies, Immoral Bible.

106- ومن المسلم به أن العديد من المنظمات التبشيرية الحديثة قد تبنت هذا النهج بالفعل

107- راجعMichael Mann, The Dark Side of Democracy: Explaining Ethnic Cleansing (Cambridge: CUP, 2005)

عن محمود الصباغ

كاتب ومترجم من فلسطين

شاهد أيضاً

حديد أفريقيا والثورة الصناعية

جيني بولسترود ترجمة محمود الصباغ مقدمة “على مقربة من المكان، ثمة ورشة فيها عدة أفران …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *